■ خاطرة ■
■ فن البكاء ■
سالت دُموعي من مُقلتي كشرار تطاير من مِرجل
خلقت من صغري ناحباً باكياً على بعضي وكلي
أبكي على أكلي وشربي
أبكي على لُعَبي وَكتبي
أبكي على ضعفي وظُلمي
أبكي على تاريخي ومجدي
أبكي على وطني وأنسي
لا أعرف غير النحيب والبكاء
رضعت من صغري الذل والهوان
نشأت على الخوف والأحزان
خُلقت وبخاصرتي سكين تشق لحمي والأحشاء
أفهموني أن تلك السكين ستبقى مابقي الليل والنهار
وأنها إن خرجت ستقتلني بالحال
ففضلت بقاءها لأنعم بالأمان
ولأحلم بالشفاء صبحاً ومساء
فمثلي قد اعتاد الطاعة لينعم بالأمان
مدينتي أيضاً لم تسلم من البكاء
قد ألفت الاعتياد
وأصبحت مرتعاً للجبن والهوان
وألفت من ساكنيها الجحود والنكران
الأبطال هجروها من قديم الزمان
وحكمها العبيد والخدام وأصبحوا سادتنا الكِرام
مصيرنا الأن بيد ثلة من الأعراب
يملكون الدراهم واليورو والدولار
ينفذون مايأمرهم به أحفاد العم سام
يفصلون لنا ثياب الخزي والعار
لينعموا على كراسيهم براحة البال
إلى متى سأبقى على هذه الحال
متىَ ستصابُ عيوني بالجفاف لأكف عن البكاء
قد جفت في بلادي كل الأنهار
وجفت الحياة وذبلت الأزهار
حتى الياسمين ماعاد من الأزهار
ورائحةُ الفُل في مدينتي كرائحة الدُخان
ألبسوا مدينتي ثياب الفُجار
وتخلصوا من ثياب الرُقي والذوق والاحترام
كل شيء حولي يدعو للبكاء
وأنا للأسف بتُ أهوى فن النحيب والبكاء
✍بقلمي ناصر رعد
