/وكانَ حُبْكْ/
على تلكَ الطاولةْ :
دوّنتُ على دفتري الغافي , بعضَ ذكرياتْ ... تغريدُ البلابل ، إتيانُ القطار في آخرِ الليل ، فناجينُ قهوتنا الرماديّةُ المُحنطةْ ، ذلك المقهى الذي فيهِ التقينا أولَ مرّة ، مازلتُ أذكرُ كيف انسابَ الماء على صدركْ, كُنتَ ترتدي قُبعةً سوداء ، وقميصاً أبيضاً, يُشبهُ عزْفَ عودٍ بلا وتر ، صوتُ أجراسُ الكنائس ، وصريرُ موجْ ، وطائرةٌ تُناظرنا في الفضاءْ ...
بِتُّ أنامُ وحيدةً، كما شِئتَ لي أن أكونْ، وحينَ أصلُ إلى نومي الأخيرْ، تستيقظُ الأنثى داخلي، فيهرعُ قلبيَ العاري إليكْ، عساكَ أنْ تأتي قبلَ أن ينتحرَ المساءْ ...
فأطلقُ للريحِ بابُ مقهاي، ( فتأتيني العاصفةْ )، الجميعُ يُغلقونَ أبوابَ قلوبهم، إلاَّ أنا ، فأبقى على طرفِ السريرْ، مستيقظةْ، مُستنفرةْ ...
مرّة كانَ حُبكَ جدولاً ، يسقي شتى أنواع القلوبْ، فكيفَ أصبحَ كالجريدة, بلا حبر, وصحراءٌ ميتةٌ جاهليةٌ مُتحجرةْ ...
يبدو حانَ وقتُ الدمعُ البارد، وحضرَ زمنُ الثرثرةْ .
فقلتُ في نفسي ( كان حُبكَ , وكانَ حُبكَ ) ربيعاً ماتتْ أزهارهُ, فزارتْ مُقلتايَ المِحبرةْ , والمقبرةْ ...
__________
وليد.ع.العايش