في رثاء والدي رحمه الله
بحر من الكمد
كم رحت يا أبتي ألقاك لم أجدِ
إلا مكانك وسط القلب والكبدِ
حتى رسمتُ على أفق المدى كِلَمَاً
ترجو وصالك أو خنق النوى بيدِ
وجدت نفسي على أعتاب هاويةٍ
والقلب أسقَطَهُ من صدرِهِ جسدي
وهلّت العين دمعاً ليس يعرفه
إلا فؤادٌ يعاني الفقدَ في أحدِ
فكيف إن ذرفت ذي العين دمعتها
على حبيبٍ...ودمعُ العينِ من وَلدِ!!
يبكي لفَقْدٍ وقد سحَّت مدامعُهُ
ناراً من القلبِ فوق الخدِّ في خَددِ
والشوقُ جندله والحزن كبَّلَهُ
حتى توقَّفَ بين السبت والأحدِ
لا وقتَ يجري على أقدام راحلةٍ
حتى تجمَّد وجهُ الصبح من أمدِ
ما أبعد النوم عن عيني وأقربه
شأنَ العِطاشِ على ماءٍ ولم تَردِ
يا عاذلي دعْهُ.. قلبي لست أردعه
إن ضلَّ موضعَه أحزانُه تعُدِ
عينٌ بها رمدٌ لم يَخْفَ عن أحدٍ
من ذا يحذرها طوراً من الرمدِ!!
النفس إن تبدِ للعذَّال علَّتها
لا شكَّ تطفُ على بحرٍ من الكمدِ
على الذي ظلَّه تبكي مخيلتي
ودارُنا بعدَه سقفٌ بلا عمدِ
كم جاء يومٌ من الأمس الذي رحلت
به نُهانا إلى ذكرى بلا قَصِدِ
رأيتُ فيها من الأيام ما ازدحمت
به قُراها خطىً.. من صابرٍ جَلِدِ
كم تحفر الصخرَ أنفاقاً أصابعُه
ويسأل الرزق للأيتام والولد
مرَّ السحابِ به الأيام قد ركضت
تَعاقبَ السعيُ من مهدٍ إلى لحدِ
أحفت خُطاهُ كعابَ ألأرض فارتحلت
خلف الذي موتُه أضحى بلا عددِ
سحّي عليه دموعاً واهطلي زمناً
يا عين لا تكتمي جرحاً نكا وَجِدِي
رَحْماتُ ربي على مَن قبرَه سكنت
روحي ونفسي ونجوى القلب للأبد
لا طعمَ للعمر إن لم يحتويك أبٌ
تُخطي ويصفحُ رغم الذنب والعندِ
محمد عايد الخالدي /الاردن