كلمة الحوار كلمة جميلة و رقيقة تدل على التفاهم والتفاوض والتجانس ، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم ، حيث قال تعالى : ( قال له صاحبه وهو يحاوره )( الكهف:37 ) , وقال تعالى : ( والله يسمع تحاوركما ، إن الله سميع بصير )( المجادلة:1 ) : يوم أن تحاور عليه الصلاة والسلام مع المرأة الضعيفة المسكينة التي تشكو من زوجها ، فسمع الله هذا الحوار ( وسع سمعه السموات والأرض جل في علاه ) .

ونحن بحاجة إلى الحوار، ليفهم بعضنا بعضاً ، نحاور بعضنا بعضاً ، فنتحاور مع الاخرين ، نتحاور مع أبنائنا ، و مع اهل الكتاب ( قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ، و لا نشرك به شيئا ، و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) ( آل عمران:64 ) ، ونتحاور مع المشركين : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مامنه ، ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ) ( التوبة: 6 ) .

وثمرة الحوار : الوصول الى الحق , فمن كان طلبه الحق وغرضه الحق وصل اليه باقرب الطرق , والطفها واحسنها , والطريق الواضح هو طريق الحوار الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ان يحمل السيف , قال سبحانه : ( لقد ارسلنا رسلنا بالبينات ) ( الحديد:25 ) ، فقبل ان يرسلهم بالسيوف القاطعات والرماح المرهفات , أرسلهم بالآيات والبينات ، وكما يقول ابن تيمية - رحمة الله - : إن الانبياء بعثوا بالحجج والبراهين ، أما عن الخلاف فهو واقع في الأمة لا محالة , قال سبحانه: ( ولايزالون مختلفين ، الا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) ، وقيل : ان الله – سبحانه وتعالى- خلقهم ، فنوع في مفاهيمهم ومواهبهم ، فوقع الخلاف في ذلك ,فلابد ان نعترف ان الخلاف واقع في الامة , وهو على قسمين


أ - خلاف تنوع : وهو الذي يُسلك في الفروع ,لا فى الاصول , وفي الجزئيات , لا في الكليات .


ب - خلاف تضاد : وهو المذموم ، قال سبحانه وتعالى: ( ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم ) ( آل عمران:105 ) ، وهم الذين يخالفون في القطعيات , وثوابت الامة , واصول الملة ، فهذاخلاف مذموم
.

كذلك يجب ان يعلم ان الحق واضح وظاهر, وانه كالشمس , وانه لايُختلف فيه, وما يخالف الا عقيم , او سقيم فهم,يقول المتنبي :


وكيف يصح في الاذهان شيءُ
؟ اذا احتاج النهار الى دليل ، اذا قلت لانسان : هذه شمس في السماء , وقال لك : ليست بشمسٍ ، هذه خيمة ! : فهذا لا تحاوره ، و لا تضيع وقتك معه . واما من حاور في امر يحتاج الى جدل ويقبل الخلاف فهذا الذي تحاوره . وعليك- اخي الكريم – ان تقدم نعم قبل لا وانت تحاور خصمك , قال ابن المبارك :
واذا صاحبت فاصحب ماجد ، ذا عفاف وحياء وكرم ، كقوله للشيء لا ان قلت لا ، واذا قلت: نعم , قال : نعم
.

فعلينا ان نستدرج المحاور الى ان يوافقنا في ( نعم ) فمادام انه يقول لك : نعم , فمعناه انه قريب منك , وان قلبه قريب من قلبك ، وان روحه قريبة من روحك ، ولكن احذر ان يقول: لا , قال اهل العلم: عليك ان تستدرجه الى ان يوافقك في اكثر المسائل ، فتبدا بالاصول التى تشاركه انت فيها, فتقول: الست انسانا وانا انسان ؟ فيقول : نعم ، تقول : أليس لي حق عليك - أي حق الانسان على الانسان- ؟ يقول نعم , تقول : اما ينبغي ان احترمك وتحترمني ؟ فيقول : نعم , فتقول : اليس لك عقل فاخاطب عقلك وضميرك , ولي عقل وضمير تخاطبه ؟ فيقول : نعم , وهكذا تقلص مسافة اللااءت ، لكنك اذا بدأت معه منذ البداية ب (لا) ، تهدم جدار الحوار وحينها لا يمكن ان يستمر معك وسوف يتخذ ضدك موقفاً عدائيا من اول الطريق , فيقول بعض التربويين : ان كلمة ( لا ) تعقب تسع عشرة عضلة في الوجه, فيعبس بسببها الوجه , ويقطب الجبين ، واما كلمة ( نعم ) فتنطلق بسببها الاسارير والافراح , ويظهر الانشراح , وياتي معها الجواب السديد بحمد الله .


و من اداب الحوار ، ما يلى :


1- الاخلاص والتجرد:


على المحاور ان يتجرد من التعصب ؛ لان بعضهم يعقد التعصب لفرقته ومذهبه وفكرته, ثم لايقبل منك , ويريد ان تسلم وتقر له دون ان يناقشك, او يقبل منك ادلة, وهو يرى في نفسه , بدون ان يدعي النبوة انه معصوم , فيقول : الواجب عليك ان تسمع نصائحي , وان توافقني ، لان الله سددني وهداني ووفقني , وكانه يامر عليك بالحديد والنار ان تستمع له , وهذا ليس بصحيح , فالواجب عليك ان تمثل نفسك بانك مجتهد وقد تخطئ , وهو مجتهد قد يخطئ , وللشافعي كلمة عظيمة يقول فيها : رأيى صواب يحتمل الخطأ , ورأي خصمي خطأ يحتمل الصواب , وقال – رحمه الله - : ما جادلت احدا الا وودت ان يظهر الله الحجة على لسانه , وكان يدعو لخصمه بالتسديد .


2- احضار الحجة .


3-السلامة من التناقض .


4-الحجة لا تكون هي الدعوى:


البعض من الناس يجعل دعواه حجة , ويقول: ما دام اني قلت هذا القول , فقولي هذا حجة ودليل , ويزكي نفسه.

5 - احترام الرأى الأخر و التأدب فى الحديث .

6 - التعلق بحرية التعبير .

7 - إقصاء سوء الظن بالأخر .

8 - البعد عن العصبية و المرونة فى الحوار .

9 - حسن الإصغاء و الفهم لنفسية المحاور .

.. هذا و الله ولى التوفيق ..

المصدر: منقول
Ramzy-online

محمد رمزى

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 195 مشاهدة
نشرت فى 26 أكتوبر 2011 بواسطة Ramzy-online

ساحة النقاش

محمد رمزى

Ramzy-online
مصرى يملك وطنى فؤادى و أكاد أملكه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

206,201

مصر



يا حبنا الكبير