ولدت فدوى طوقان في نابلس عام 1917 لأسرة عريقة وغنية ذات نفوذ اقتصادي وسياسي اعتبرت مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مستحبّ, فلم تستطع شاعرتنا إكمال دراستها, واضطرت إلى الاعتماد على نفسها في تثقيف ذاتها.

وقد شكلت علاقتها بشقيقها الشاعر إبراهيم علامة فارقة في حياتها, إذ تمكن من دفع شقيقته إلى فضاء الشعر, فاستطاعت -وإن لم تخرج إلى الحياة العامة- أن تشارك فيها بنشر قصائدها في الصحف المصرية والعراقية واللبنانية, وهو ما لفت إليها الأنظار في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي ومطلع الأربعينيات.

موت شقيقها إبراهيم ثم والدها ثم نكبة 1948, جعلها تشارك من بعيد في خضم الحياة السياسية في الخمسينيات, وقد استهوتها الأفكار الليبرالية والتحررية كتعبير عن رفض استحقاقات نكبة 1948.

كانت النقلة المهمة في حياة فدوى هي رحلتها إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, والتي دامت سنتين, فقد فتحت أمامها آفاقًا معرفية وجمالية وإنسانية, وجعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة.

وبعد نكسة 1967 تخرج الشاعرة لخوض الحياة اليومية الصاخبة بتفاصيلها, فتشارك في الحياة العامة لأهالي مدينة نابلس تحت الاحتلال, وتبدأ عدة مساجلات شعرية وصحافية مع المحتل وثقافته.

تعدّ فدوى طوقان من الشاعرات العربيات القلائل اللواتي خرجن من الأساليب الكلاسيكية للقصيدة العربية القديمة خروجًا سهلاً غير مفتعل, وحافظت فدوى في ذلك على الوزن الموسيقي القديم والإيقاع الداخلي الحديث. ويتميز شعر فدوى طوقان بالمتانة اللغوية والسبك الجيّد, مع ميل للسردية والمباشرة. كما يتميز بالغنائية وبطاقة عاطفية مذهلة, تختلط فيه الشكوى بالمرارة والتفجع وغياب الآخرين.

مؤلفات :
على مدى 50 عامًا, أصدرت الشاعرة ثمانية دواوين شعرية هي على التوالي: (وحدي مع الأيام) الذي صدر عام 1952, (وجدتها), (أعطنا حباً), (أمام الباب المغلق), (الليل والفرسان), (على قمة الدنيا وحيدًا), (تموز والشيء الآخر) و(اللحن الأخير) الصادر عام 2000, عدا عن كتابيّ سيرتها الذاتية (رحلة صعبة, رحلة جبلية) و(الرحلة الأصعب). وقد حصلت على جوائز دولية وعربية وفلسطينية عديدة وحازت تكريم العديد من المحافل الثقافية في بلدان وأقطار متعددة .

و من أهم ما كتبت فدوى طوقان قصيدة " العودة " :
<!-- google_ad_section_start -->
وأطلّ وجهك مشرقاً من خلف عام

عام طويل ظلّ في عمري يدب كألف عام

عام ظللت أجرّه خلفي وأزحف في الظلام

وعواصف ثلجية تصطكّ حولي والطريق

كانت تضيق كأنها أمل يضيق

ويضيع في تيه القتام

عام طويل ظلّ يفصلنا به بحر صموت

بحر دجت أمواجه و تجمدت ، بحر تموت

فيه الحياة و تغرق الجلجات في برد السكوت

و أنا على شط الأصم

أنا و الفراغ و ليل وهمي

أصغي لعل صدى يمر

بي ، علّ شيئاً منك ، همس ، نبأة ،

شيئاً يمر

بي منك عبر مدى السكوت

لا شيء ، إلا وطأة ثقلت و صمتٌ مستمر

عام ، و دبت بعده بعده في البحر معجزة الحياة

لم أدر كيف ، هناك رفّت بغتة فوق المياه

و هفت حمامه

زرقاء ، في طهر السماء ، هفت إلي على غمامه

و طوت جناحيها وقرت في يديه

و رنت إليه

و تنفست دفئاً و عطراً

و شممت فيها منك شيئاً هاجني وجداً و ذكرى

فمضيت ألثم ريشها

و جعلت صدري عشها

و شعرت أنك عدت ، أنك في الطريق

و اجتاحني فرح الغريق

حضنته شطآن النجاة

و أطل وجهك من بعيد

حلواً يرف على وجودي

و رأيت أحزاني تموت على تعانق راحتينا

و أضاء في فمك ابتسام

البسمة الجذلى التي أحببتها منذ التقينا

عادت تضيء كأنها قلب النهار

و تصب في نفسي فيشربها دمي

و يعبها قلبي الظمي

و نسيت آلامي الكبار

و نسيت في فرح اللقاء عذاب عام

عام طويل ظلّ في عمري يدب كألف عام

<!-- google_ad_section_end -->

Ramzy-online

محمد رمزى

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 434 مشاهدة
نشرت فى 15 أغسطس 2011 بواسطة Ramzy-online

ساحة النقاش

محمد رمزى

Ramzy-online
مصرى يملك وطنى فؤادى و أكاد أملكه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

217,178

مصر



يا حبنا الكبير