لماذا لا يقبل الشعب المصرى على الإنتخابات ، و لا يقنع بها ، و لا يتحمس إليها ؟ ! ..
إجابة هذا السؤال هو أن الشعب يعلم أنها ليست انتخابات حرة حقيقية ، و أنه من المستحيل فى غياب الحرية الفعلية أن يكون هناك انتخابات حقيقية ، فالأمن يتدخل دوما و بإسلوب سافر و سفيه و سافل ، من أجل إنجاح حزب واحد ، بدءا من إغلاق لجان بأكملها و حتى منع من لا يحملون بطاقات عضوية الحزب الوطنى من الوصول إلى لجان الإنتخابات .
فهل يمكن أن يجرؤ مسئول أمنى واحد على فعل ذلك ! لو أنه يعلم أن هناك من سوف يحاسبه حتما ذات يوم ؟ .. بالطبع : لا ، إذا .. فالأمن مهما أقسم أو أصدر من بيانات على عدم التدخل لصالح الحزب الحاكم فى الإنتخابات ، بأسلوب هو أقرب لأسلوب عصابات المافيا ، لن يصدقه أحد ، حيث تبذل الحكومة كل الجهد من أجل أن لا ينفضح أمره ، و حتى يتم المهمة القذرة بنجاح دون مؤاخذات قانونية أو أدلة مادية تدينه .
و النظام الحاكم يعلم تمام العلم بتجاوزات الأمن و تحيزه و عدم حياده على الإطلاق ، و يعلم تمام العلم أن هناك عبثا مباشرا فى أصوات الناخبين ، و بالتالى فى نتائج الإنتخابات ، و لكنه يشيح بوجهه و يغمض عينيه مادامت كل الأمور تدور فى فلكه و لإنجاح عناصره لصالح هذا النظام الذى لا يعلم به إلا الله ، و لقد إعتاد الأمن هذا الأسلوب القذر حتى صار أكثر بجاحة و وقاحة فى ممارساته إلى الحد الذى يجعل الشخص يجزم بأنه ما من مسئول فى هذه الحكومة العرجاء يعرف فعليا : كيف يمكن إدارة عملية انتخابات حيقيقية نزيهة .
و لو كانت هناك حرية حقيقية حقا ، لما حدث كل هذا ، و لكانت فكرة تداول السلطة فكرة حقيقية مقبولة ، يدركها كل رجل شرطة ، و يعلم أنها أمر طبيعى حتمى ، مما ينهى داخل نفسه تلك الفكرة الفرعونية البالية ، عن ضرورة سيطرة نظام واحد على الحكم ، حتى يقرر الله سبحانه و تعالى غير ذلك .
لو أن هناك حقا حرية حقيقية فى هذا البلد : لأدرك كل مواطن مصرى أن صوته الإنتخابى يساوى الكثير ، و أنه قادر تماما على تغيير الصورة المهزوزة الباهته ، و لشارك فى حماس و إقتناع فى العملية الإنتخابية ، و وقف فى طوابيرها لا يشعر بضجر أو تأفف ، و لعرف أسماء المرشحين و أختار من بينهم أكثرهم تحقيقا لمصالحه و مصلحة بلده .
حتى المرشح نفسه ، كان فكره و اسلوبه سيختلفان ، و كان حرصه على صورته أمام الرأى العام سيتعاظم ، مما يؤدى فى النهاية لإختيار مجموعة من أولى العزم و القوة القادرين على تغيير مسار هذه الأمة من الطالح إلى الصالح فى كافة نواحى الحياة المجتمعية ..
فحزنا على الأحلام المنقشعة تحت وطأة هذا الحكم الفاسد ، يظل و سيظل المواطن بمنأى عن الإنتخابات التى لا تعبر عن تطلعاته فى حياة كريمة هادفة ، يستظل فيها بمظلة العدل و المساواة ، و ينمو فيها أبنائه فى مناخ صالح لا تملأه سحابات الفساد السوداء ، و إن كنت غير مؤمن بمقاطعة الإنتخابات ، و لكن علينا أن نظل نقاوم و نسعى حتى تنقشع هذه الغمامة و الغمة عن كل الأمة .
ساحة النقاش