<!--<!--<!--

بالنظر إلى الواقع المرير الذى تعيشه مصرنا الحبيبة فى الوقت الحالى ، يمكننا أن نرى بنظرة حيادية بعيدا عن عاطفة العشق لتراب هذا الوطن العظيم : أن مصر تعيش حالة من الضعف و التقهقر و الإضمحلال و غياب الدور القيادى الذى طالما لعبته على مر العصور فى المنطقة العربية و العالم بأسره .

لقد ضعفت مصر فى الوقت الحالى كما ضعفت أثناء عصر الفوضى فى مصر الفرعونية فى العصر القديم ، و كما ضعفت فى عهد الخديوى توفيق فى العصر الحديث ، و تحولت بقدرة قادر من دولة صاحبة ريادة فى المنطقة و كلمة مستقلة حرة ، إلى دولة تابعة تنتظر دائما ردود أفعال الأخرين ، مع الإحتفاظ ببعض عبارات الإدانة و الشجب حتى مع أقسى المواقف السياسية التى تتطلب ردودا حازمة و صارمة و قوية ، بحجة أن السلام خيار إستراتيجى ، و أنه لن تدخل مصر حروبا أخرى تؤدى إلى نفاذ قوتها العسكرية و الإقتصادية و الإنمائية ، حتى صار حكامنا أول و أخر من صدق أننا نعيش أزهى عصورنا فى ظل سلامهم الكاذب ، و حتى صدقوا أيضا أن الحكمة و رجاحة العقل و الفكر حكر عليهم فقط ، أحاطتهم بها العناية الآلهية لإنقاذ الشعب البائس من مصير لا يعلم مدى سواده إلا الله .

لقد تخلفنا و سقطنا فى بحر العسل المزعوم ، و طال التخلف أبناءنا حيث نرى الكثيرون منهم لا يولى الولاء و لا الإنتماء لهذا الوطن الذى ضحى العديد من رجاله بدمائهم فداءا له على مر العصور ، نرى عددا ليس بالقليل منهم يهربون من هذا الجحيم الذى طالنا لغياب القدوة و الكرامة و الرجولة و النخوة و الشرف إلى داخل إسرائيل بحثا عن الأمل فى المستقبل بالعمل و الزواج من فتياتهم ، و تكون المحصلة النهائية فقدان الهوية المصرية ، و لم يعد لدينا نحن المصريون المتمسكون بوطننا إلا الحنين للماضى و التباكى عليه ، بدلا من التطلع للمستقبل ، و هى من صفات الدول المتخلفة .

و من المؤشرات الواضحة الدالة على تراجع الدور المصرى ، و ضعف الشخصية العامة للدولة المصرية فى هذه الأونة ، و هى مؤشرات لا تحتاج إلى تحليل أو تفسير ، ما يلى :

·         ضعف الدولة فى إدارة الأزمات الداخلية و الخارجية التى تتعرض لها البلاد .

·         ضعف الدبلوماسية المصرية و عدم قدرتها على الضغط السياسى تجاه القضايا الدولية المؤثرة على المنطقة العربية ككل ، حتى صرنا محفوفين بالمخاطر من كل الجهات حولنا ، و لم يعد للأمن القومى المصرى أى اعتبار لمن يهمهم الأمر ، فالأمر متروك لقانون الصدفة و الرحمة من الدول المسيطرة على مقادير العالم الأن .

·         الكراهية الواضحة للسياسة المصرية من داخل و خارج البلاد على المحيطين العربى و الإسلامى ، رغم ما كان لها من دور قيادى فى توحيد كل هذه الجبهات سابقا ، مما انعكس بالتالى على كره و بغض كل ما هو مصرى ، و خير دليل على ذلك إتهامنا نحن المصريون بأننا  يهود العرب أو إتهامنا بالخيانة للعرب و الإسلام .

·         التراجع الحاد فى مستوى معيشة المصريين فى الداخل و انهيار كل الخدمات الأساسية التى يجب أن يحظى بها المواطن فى بلده من صحة و تعليم و مرافق و غيرها .

·         تزايد الإهانات التى يتعرض لها المصريون بالخارج ، دون ردع أو حتى الحفاظ على ماء الوجه ككرامة للوطن .

·         سيطرة رأس المال على مؤسسات الدولة ، و تمركز الثروات فى يد قلة قليلة من أصحاب المصالح المشبوهة مع السلطة ، بينما يعيش السواد الأعظم من الشعب يعانى تحت خط الفقر .

·         انتشار الفساد و عدم النزاهة الإدارية فى أجهزة الدولة دون محاسبة للمفسدين أو أدنى رقابة على الذى تسول له نفسه فى الإستيلاء على المال العام ، حتى صار شعار " اخطف و اجرى " هو القانون السائد .

·         إنعدام الثقة فى مجرد التغيير الضئيل إلى الأفضل فى ظل هذا النظام ، الذى يحاول شراء التوريث من السذج ببضع جنيهات لا تغنى و لا تسمن من جوع ، أطل بظلاله السوداء على الغالبية العظمى .

و لكن .. هناك فرق شاسع بين الدولة المصرية بشعبها الطيب النبيل ، و ذلك النظام الحاكم الذى فشل فى كل شئ ، و لم ينجح إلا فى استقطاب المزيد من رعاع اللصوص ليصبحوا سندا له بأموالنا المسروقة ، ليطول به البقاء ، و ليقبع فوق أنفاسنا سنينا طوالا ، مرت و كأنها كابوس مخيف ، و لكن دائما هناك أمل فى التغيير .. فما أتت فترات من الوهن و الضعف ، إلا تلتها فترات من القوة و الإزدهار ، و لسوف تستعيد مصر قوتها و مكانتها ، و ريادتها الجديرة بها ، و نتمنى أن يكون ذلك فى القريب العاجل ، فلقد وهب الله مصر من الإمكانيات و القدرات و الثروات ما مكنها من الحصول على دورها القيادى على مر العصور ، فتلك الإمكانيات هى التى مكنت تحتمس الثالث من تكوين أول امبراطورية فى التاريخ ، و هى التى مكنت العرب و المسلمين من الخروج من مصر لفتح المغرب العربى و بلاد الشام ، و هى التى مكنت محمد على باشا من تكوين مصر الحديثة بسواعد مصرية و جعلتها تمتد لمشارف أوربا ، و هى التى مكنت جمال عبد الناصر من توحيد شمل العرب و العالم الثالث حول مصر ضد براثن الإستعمار و أعوانه .

سيظل لدينا الأمل طالما حيينا ، فكل الأمم تمر بفترات من الركود و التخلف تتبعها فترات انتعاش و علو و قوة ، و خاصة أن هذه الفترات يكون مصيرها مرتبط بمصير من يحكم البلاد .

و أخيرا .. أناشد كل مصرى حر ذو كرامة ، أن يفيق ، و أن يقف مع النفس وقفة محاسبة ، و إذا كان ولاة أمورنا قد أضاعونا نحن ، فلا يجب أن نترك أبنائنا للضياع ، و لا بد من التحرك الإيجابى : غير السلبى و غير المدمر و غير الغوغائى ، حتى نغير بأيدينا إلى الأفضل ما تركنا غيرنا يغيره لنا إلى الأسوأ ، و حتى نعود فى الصدارة بعد أن أصبحنا فى المؤخرة ، و حتى لا يقال علينا ( هانوا على أنفسهم ، فهانوا على الأخرين ) ، نريد استعادة الثقة فيمن سنختاره بحر إرادتنا لنصحح به ما خلفه الأخرون ، نريد استعادة ثقتنا بأنفسنا ، و فى قدرتنا على التغيير ، و لنتذكر التاريخ ، فلنا فيه من العبر الكثير ، ليكون دافعنا لمستقبل مشرق بإذن الله ، لا لنذكره للتفاخر و التباكى على اللبن المسكوب .

Ramzy-online

محمد رمزى

  • Currently 54/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 263 مشاهدة
نشرت فى 17 سبتمبر 2010 بواسطة Ramzy-online

ساحة النقاش

محمد رمزى

Ramzy-online
مصرى يملك وطنى فؤادى و أكاد أملكه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

208,740

مصر



يا حبنا الكبير