. إن ذكر الله بأسمائه الحسنى هو شعار الأنبياء و المرسلين ، فمن اتخذ اسم الله درعا له ، وقاه الله كل مكروه .
و لتعلم ياأخى أن الذكر القليل الذى يدوم خير من الذكر الكثير الذى لا يدوم ، و ليكن الذكر إبتغاء وجه الله ، و فى سبيل مرضاته ، و بما يليق بجلاله و كماله .
و فى المداومة على الذكر كسب أى كسب ، و تلافى للندم و الحسرة ، فقد ورد أنه ( ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة لم يذكروا الله فيها ) .
و تذكر يا أخى أن الدنيا فانية ، و الآخرة باقية ، و لا رفيق إلى الآخرة خير من العمل الصالح .
فليكن ذكرك مبدئيا باللسان مع الحضور ، و مع قليل من الصبر و الأناة تصل إلى ذكر القلب ، و بيسير من الشوق و الإخلاص تصل إلى ذكر الروح الذى يصلك بفضل الله إلى ذكر السر و الشهود .. و أرقى الذكر ألا يفتر لسانك عن ذكر الله - ما استطعت - فإذا ذكرته فلتكن كلك إجلالا ، و إذا قرأت القرآن فلتكن كلك إعظاما . و من سرهَ أن يستجاب له فى الشدة، فليكثر من ذكر الله فى الرخاء ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله فى الرخاء ، يعرفك فى الشدة ) ، و إذا صحت المناجاة : استراحت الجوارح !.
قال رجل لإبراهيم بن أدهم ( أحد الصالحين ) : قال الله عز و جل أدعونى أستجب لكم ، فما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟
فقال إبراهيم : من أجل خمسة أشياء :
عرفتم الله فلم تؤدوا حقه .
و قرأتم القرآن فلم تعملوا به .
و قلتم : نحب الرسول ، و تركتم سنته .
و قلتم : نلعن إبليس ، و أطعتموه .
و الخامسة تركتم عيوبكم و انشغلتم بعيوب الناس .
و سأل إبراهيم بن أدهم : بم وجدت الزهد ؟
قال فى ثلاثة أشياء :
رأيت القبر موحشا ، و ليس معى مؤنس .
و رأيت طريقا طويلا ، و ليس معى زاد .
و رأيت الجبار قاضيا ، و ليس معى حجة .
و يقول الشيطان : لألف عالم ضعيف الإيمان عندى أسهل من أمى قوى الإيمان ، لأنه يحيرنى فى إغوائه .
فإذا تعبت من الذكر و عمل البر و الإحسان : فاصبر ، و أعلم أن التعب يزول ، و ثواب عمل الخير يبقى و لا يحول ، و إذا وجدت لذة فى عمل الإثم فإن اللذة تزول ، و الإثم يبقى و يدوم ، و لا تشاهد الغيوب إلا بصفاء القلوب .
فأكثر يا أخى الفاضل من ذكر الله ، حتى يلهمك الله الخير و الهدى ، و تبتعد عن طريق المعاصى و الآثام .
ساحة النقاش