احتل التخطيط في العصر الحاضر مكانا بارزاً بين الموضوعات التي تتسابق الامم في الاخذ باساليبها للنهوض والسير قدما في مسيرة الحضارة البشرية ووفقا لاهداف محددة واضحة المعالم للتطور في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية ونظرا لسعة مفهوم التخطيط وتعدد مجالاته وتشعب فروعه فان من الصعوبة وضع مفهوم علم التخطيط الا انه يمكن رسم الملامح العامة بانه (محاولة رسم سياسة علمية للاستخدام الامثل للموارد المتاحة سواء كانت هذه الموارد بشرية ام طبيعية ام مادية لتحقيق اهداف اجتماعية واقتصادية تهدف مهما اختلفت من مجتمع لاخر الى تحقيق حياة افضل للمواطنين ). اي ان عملية التخطيط هي وضع سياسة او خطة تستهدف الاستخدام الامثل للموارد المتاحة بالشكل الذي يحقق حياة افضل للمواطنين. وعلى هذا الاساس يمكن تحديد مفهوم التخطيط الحضري (او التخطيط العمراني) بانه (علم وفن تنظيم استعمال الارض واسقاط الابنية وتحديد صفات الابنية والفضاءات الحضرية (ابنية، طرق، ساحات) بشكل يضمن اعلى درجة من الاقتصاد والراحة والجمال). اذن فالتخطيط الحضري يستهدف بالاساس تنظيم الارض واستعمالاتها بالشكل الذي يوفر العوامل الاساسية الثلاثة الاقتصاد، الراحة، الجمال وباعلى درجاتها. ومن مفهوم التخطيط الحضري يمكن ابراز دور التخطيط الحضري وذلك عن طريق بحث العلاقة بين عناصر التخطيط الحضري التي تدخل في تخطيط المدينة، ويمكن ملاحظة ان التخطيط الحضري يشمل مختلف مجالات الحياة ومختلف العلوم ويمكن ادراج المجالات التي تدخل في علم التخطيط الحضري لابراز دور التخطيط الحضري في تخطيط المدينة المعاصرة، يشمل التخطيط الحضري بشكل عام الاختصاصات الاتية: 1- الهندسة المعمارية 2- هندسة الحدائق والفضاءات المفتوحة 3- الاقتصاد 4- الاجتماع 5- الهندسة (بفروعها والتي يمكن ان توضع كمفهوم عام بهندسة الخدمات). 6- العلوم الجغرافية (العلوم المختصة بدراسة الارض وطبيعتها). 7- التشريح والقانون والادارة. ان مهمة التخطيط الحضري هي (توفير البيئة الصالحة) اي توفير البيئة المناسبة وحسب الاستعمال المخصص لها، فالبيئة السكنية مثلا تحتاج الى ان تكون بعيدة عن التلوث والضوضاء وبعيدة عن طرق النقل السريعة وتوفير المناطق الخضر وطرق وخدمات مختلفة بالشكل الذي يلبي كل متطلباته. ا-الهندسة المعمارية.. تهتم الهندسة المعمارية بدراسة الفضاءات الحضرية (ابنية، طرق، ساحات، الخ..) وطريقة ترابطها مع بعضها بالشكل الذي يوفر الحماية والخصوصية للانسان او الساكن لهذا تدخل الهندسة المعمارية (التي هي جزء من التخطيط الحضري) في رسم الملامح العمرانية للمدينة المعاصرة من خلال وضع اشكال الابنية وترابطها مع بعضها وعلاقتها مع الفضاءات المفتوحة المحيطة بها وتدخل الهندسة المعمارية في رسم كل الفضاءات الحضرية بتفاصيلها ابتداء من الوحدة السكنية وفضاء المعيشة الى الفضاءات الحضرية الاوسع كالحدائق والمتنزهات، اذن فهي ترسم هيكل المدينة ومن الجدير بالذكر ان الكثير من مخططي المدن المعاصرة هم في الاساس مهندسون معماريون وقد استندوا الى اساسهم التصميمي التفصيلي في صنع البيئة المناسبة للانسان كما ان عملية التحسس بالجمال كركن من اركان التخطيط الحضري يقع على عاتق المهندس المعماري بحكم تخصصه كما تدخل دراسة الموروث الحضاري ضمن هذه الدراسة. 2- هندسة الحدائق والفضاءات المفتوحة: ظهرت اهمية تصميم المناطق الخضر ضمن المدينة المعاصرة بعد الثورة الصناعية نظرا لنمو السكان المتزايد وتركزهم في مناطق معينة الذي خلق بيئة غير صالحة للسكن، وعلى اثر ذلك ظهرت نظريات المدن الحدائقية والاحزمة الخضراء وتحديد معايير جديدة لكثافة السكان. ونظرا لاختلاف طبيعة التضاريس الارضية فان عملية التخطيط تتطلب دراسة هذه العوامل ومحاولة استغلالها بالشكل الذي يضمن تحقيق الاهداف التخطيطة المطلوبة كتصميم مدينة سياحية على حافة جبل مثلا كما تبرزها اهمية التشجير في تخطيط المدينة المعاصرة لخلق المناخ الملائم للانشطة والفعاليات الحضرية وتجديد نوع التشجير استنادا الى طبيعة التربة ووفرة المياه والعوامل المناخية المؤثرة. 3- الاقتصاد يبرز دور الاقتصاد او علم الاقتصاد في تحديد المنفعة التي يقدمها اي مشروع تخطيطي او اي عملية تخطيطية ومقارنتها بالكلفة التي تتطلبها كاسلوب عقلاني لتحقيق الاستغلال الامثل للموارد المتاحة سواء كانت بشرية ام طبيعية، والمنفعة المقصودة هنا ليست منفعة مادية بالغالب بل قد تكون منفعة اجتماعة او ثقافية او سياسية تدرج ضمن المنافع الاخرى بجانب المنفعة الاقتصادية لغرض تقييم العملية التخطيطية. ان الخطة القومية لاي بلد وهي خطة اقتصادية على العموم حيث تترجم هذه الخطة لغرض تنفيذ محتوياتها عمل المستويين الاقليمي والمحلي وتتطلب عملية الترجمة هذه فهم العملية الاقتصادية وتأثيرها على تخطيط المدينة المعاصرة من خلال تحديد قيمة الارض ونوع الاستثمارات والمواقع الصناعية وصلاحيتها بالنسبة للكلفة والمنفعة. 4- علم الاجتماع: ان هدف التخطيط هو توفير البيئة الصالحة للانسان، سواء كانت بيئة عمرانية ام اجتماعية ام مناخية، وهذا يتطلب دراسة رغبات المجتمع والانسان لتحقيق البيئة الصالحة ان رغبات السكان واحتياجاتهم هي علم واسع، بحد ذاته وتتطلب دراسة المجتمع وعاداته وتقاليده ونمط حياته المعاصر وترجمة ذلك الى واقع ملموس. ونلاحظ ان المدينة العربية القديمة نجحت لانها حققت متطلبات المجتمع العربي من خصوصية وحماية وتوفير حالة من الترابط الاجتماعي او التماسك الاجتماعي التي كانت مجسدة في النظم العشائرية، وبشكل اوضح فان تخطيط المدينة المعاصرة يجب ان يخدم متطلبات المجتمع وحاجاته مع الاخذ بنظر الاعتبار حالة التغيير المطلوبة كهدف اجتماعي لغرض نقل المجتمع من واقعه الى وضع حياتي افضل وبالشكل الذي يتناسب مع المفاهيم الحديثة للحياة. 5- هندسة الخدمات تؤدي الخدمات الاجتماعية وخدمات البنى الارتكازية دورا مهما في تخطيط المدينة المعاصرة لكونها تحدد حجم المدينة مساحة وتحدد عدد سكانها ايضا ونظرا للتقدم التكنولوجي المستمر في كل العلوم فان الخدمات وهندستها وطرق تنظيمها هي في تطور مستمر فضلا عن تنوعها وتعدد صفاتها بالشكل الذي جعل هذا التخصص يرسم هيكل المدينة الخدمي والعمراني من خلال تحديد حجم الخدمات ونوعها وتحديد شبكات الطرق واحجامها والتي تشكل شريان المدينة المعاصرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. 6- العلوم الجغرافية وعلم الارض اعتمد العرب قديما على براعتهم بعلم الارض في تحديد مواقع المدن من خلال اختيارهم للمناطق التي لا تقع على حافات الانهار وهذا ناتج عن دراستهم بحالات الفيضانات التي تجتاح المنطقة. ان اختيار المواقع الملائمة للمدن او لاختيار الفعاليات المختلفة ضمن المدينة يقع من ضمن دراسة العلوم الجغرافية كتحديد الاراضي الزراعية الصالحة مثلا. 7- الادارة والقانون بغية وضع المفاهيم التخطيطية موضع التطبيق لابد من توافر قوانين تشريعية تدعم هذه العملية اذ ليس هناك عملية تخطيطية اذ لم تكن مدعمة بتشريع او قانون. وكأبسط مثال هو تحديد استعمالات الارض الذي يجب ان تحدد قوانين خاصة له بالشكل الذي يمنع اي تجاوز. كما ان تنفيذ العملية التخطيطية يتطلب ملاكاً اداريا للاشراف على العملية التخطيطية ومتابعتها وادارتها بالشكل الذي يجعلها تسير ضمن الخطة الموضوعة. ان قوانين البلديات والتصاميم الاساسية للمدن ووجود وحدات البلدية كلها ادوات ادارية وقانونية للسيطرة على العملية التخطيطية. ويبرز دور المخطط الحضري في ربط كل عناصر التخطيط اعلاه في بودقة واحدة بالشكل الذي يجعلها وحدة متكاملة وبمعنى اخر التنسيق بين عناصر التخطيط وهي عملية معقدة للغاية وضرورية جدا لرسم الهيكل التخطيطي للمدينة المعاصرة
المصدر: منتديات كليه العلوم الحضريه
http://www-urbanstudents.ba7r.org/t46-topic
نشرت فى 15 فبراير 2011
بواسطة RajaaDesign
ابحث
rajaa mohyeldin elrayah
موقع يقدم كل ماهو جديد فى عالم الهندسة المعمارية للإستفادة العامة للطلاب وغيرهم من المهتمين بالعمارة »
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
57,101
ساحة النقاش