<!--<!--<!--
مما لاشك فيه أن البحث العلمي يجب أن يستهدف حل المشكلات الملحة القائمة التي تواجه مجتمعنا، من أخطر المشكلات التي تهدد سلامة الغذاء هي السموم الفطرية ومن أهمها سموم الأفلاتوكسين فهي عبارة عن مجموعة من أهم المسببات السرطانية، كما أنها تحدث تشوهات بالأجنة، قد توجد هذه السموم الفطرية في أنواع مختلفة من الغذاء منها الفول السوداني والأرز والقمح والشعير والذرة وفول الصويا وغيرهم، مما يتسبب في احداث العديد من المشكلات الصحية والأقتصادية. والجدير بالذكر أن الطرق المعتادة في تخزين الأغذية لدينا تحتاج الى مراجعة فهي تمثل عامل رئيسي يساعد على انتاج مثل هذه السموم الفطرية. من بين هذه المجموعة من السموم الفطرية يعد سم الأفلاتوكسين ب1 هو الأقوى والأخطر والأكثر أنتشارا بالغذاء.
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية والفاو واليونيسف قد وضعوا حدود أمان يجب ألا يزيد عنها محتوى الغذاء من سم الأفلاتوكسين ب1 الا أنه عمليا لا توجد حدود أمان له، يرجع ذلك الى أن درجة التسمم بهذا السم الفطري تتوقف على عدة عوامل، كما أن الغذاء قد يكون محتويا على كميات من السم الفطري متفقة مع حدود الأمان المقررة الا أنه مع استهلاكنا لكميات كبيرة منه نتخطى بذلك حدود الأمان. تزداد المشكلة تعقيدا لأن سم الأفلاتوكسين ب1 يقاوم درجات الحرارة العالية لذلك فان جميع الطرق المستخدمة في عمليات الطهي لاتؤثر عليه.
التعرض لسم الأفلاتوكسين ب1 يمثل خطرا بالغا يهدد صحة الأنسان والحيوان والطيور على حد سواء، حيث أن استهلاك الغذاء المحتوي على هذا السم الفطري يحدث مجموعة من الأعراض الحادة ذات التأثير المميت أهمها تثبيط الجهاز المناعي واضطرابات في وظائف الكبد والكلى، كما أن التعرض المزمن له يعد أحد أهم أسباب الأصابة بسرطان الكبد خاصة مع حاملي فيروس الألتهاب الكبدي الوبائي "ب". وهناك 4.5 بليون شخص في الدول النامية يتعرضوا بشكل مزمن لكميات كبيرة غير محكومة من سم الأفلاتوكسين ب 1. الجدير بالذكر أن تعرض الأنسان لمخاطر هذا السم الفطري يكون أما بالأستهلاك المباشر لغذاء يحتوي على سم الأفلاتوكسين ب1 أو بتناوله لحوم حيوان قد سبق تعرضه لهذا السم الفطري بغذائه.
جميع ما سبق يعكس لنا أهمية التوصل الى عدة مداخل تقلل من آثاره السلبية على اقتصادنا الوطني ومن مخاطره على الصحة العامة، أحد أهم هذه المداخل هي الكشف عن وجود هذا السم الفطري في الغذاء، خاصة وأن عدم وجود الفطر (المنتج له) في الغذاء لا يعني أن الغذاء خاليا من سم الأفلاتوكسين ب 1، فكثيرا ما تحدث عمليات غش تتم باذالة آثار الفطر الظاهرة في حين يظل المحتوى من هذا السم الفطري موجود في الغذاء. كما أن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت أن بعض الأنواع من الفطريات الغير منتجة لسم الأفلاتوكسين ب 1 بمفردها قد تتعاون كيميائيا في أدوار تكاملية على انتاج سم الأفلاتوكسين ب 1سواء بالمعمل أو بالحقل مما يمثل خطرا آخر يهدد سلامة الغذاء. لذلك فأنه لزاما علينا الكشف عن سم الأفلاتوكسين ب 1 (بذاته) في الغذاء والأعلاف الحيوانية وعدم الاعتماد على وجود أو عدم وجود الفطر ظاهريا فيهما.
وفي السنوات الأخيرة يتنامى الأهتمام بالطرق المناعية للكشف عن سم الأفلاتوكسين ب 1 في الغذاء مثل اختبار الأليزا، لما لهذه الطرق من مميزات عديدة، منها قلة التكلفة والقابلية للتطبيق مع مئات العينات، هذا بالأضافة الى دقتها وحساسيتها الشديدة وسرعة اجرائها بمجهود أقل، مما يجعلها مناسبة للتطبيق بمعاملنا المتخصصة خاصة وأننا نمتلك مقومات هذه التكنولوجيا محليا وقادرين على هذا التحدي الوطني توفيرا للعملات الأجنبية.