المصادفة قد تمكن المرء من اصطياد عصفورين بحجر واحد، لكن البحث
العلمى والخبرة العملية التى تراعى أصول الحفاظ على البيئة قد تجعل المرء يصطاد عصافير عدة دون أن يلقى حجرا واحدا».
هذا ما أكده الدكتور مجدى توفيق أستاذ البيئة بكلية العلوم بجامعة عين شمس والمستشار العلمى السابق للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، حينما رصد الرؤى التى تسهم فى حل بعض المشكلات الاقتصادية، التى تؤثر بشكل سلبى على البيئة المصرية، وأبرزها الاستعانة بالإنتاج المتكامل الذى يعتمد على عناصر الإنتاج الأخضر فى إنقاذ الثروة السمكية لاسيما فى البحيرات الشمالية.
وفى البداية يوضح الدكتور مجدى توفيق أن الوضع الحالى لبحيرات مصر الشمالية(المنزلة والبرلس ومريوط وإدكو) سيء جدا، ويجمع ما بين التلوث والصيد الجائر ومخالفة الزريعة والإضرار بالمخزون السمكى وغياب الآليات الفعالة لإدارة المصايد بطريقة مستدامة ومتكاملة. لذلك فإن مشروع نظم الإنتاج المتكاملة فى الصحراء يضع حلولا فاعلة لإدارة هذه المسطحات الإنتاجية عن طريق بعض الآليات التى تعتمد على الاقتصاد الأخضر، وتبدأ بإزالة آثار التلوث بأنواعه المختلفة عن طريق منع إدخال مياه الصرف الزراعى تماما إلى داخل هذه البحيرات، والاستفادة منها فى الزراعة مرة أخرى، وتوجيه جزء منها الى ترعة السلام لتنمية سيناء، وجزء آخر لإنشاء مزارع سمكية أخرى.
وبذلك نسمح لمياه البحر - يضيف - بالدخول مرة أخرى فى هذه البحيرات لتطهيرها من النباتات المائية التى غزت البحيرات، وقلصت مساحة الصيد الحر، كما ستدخل مع مياه البحر بعض الأسماك البحرية عالية القيمة، وبذلك تستعيد البحيرات حيويتها مرة أخرى كما كانت فى التسعينيات، بالإضافة إلى وضع آليات فاعلة لإدارة المصايد بطريقة مستدامة، ووقف التعديات على المسطحات، وتجريم وسائل الصيد المخالفة.
نظم الإنتاج المتكاملة
أما بالنسبة للمشكلات التى تعانى منها مصر فيرى الدكتور مجدى توفيق أن الغذاء والإنتاج الحيوانى والبطالة ثلاث مشكلات بيئية يمكن حلها بمشروع قومى يعتمد على التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر لتوفير فرص عمل للشباب، تحت مسمى «نظم الإنتاج المتكاملة فى الصحراء»، وهو مشروع طبق فى كثير من الدول خاصة استراليا، وأظهر نجاحا كبيرا، بعدها تم تطبيقه فى صحراء مصر (فى منتصف طريق القاهرة -الإسكندرية الصحراوي- وكانت النتائج مبهرة. وأضاف أن فكرة المشروع تتلخص فى استصلاح الأراضى الصحراوية، عن طريق استزراع الاسماك فيها باستخدام المياه الجوفية، ثم زراعة جزء آخر منها على مياه تربية الأسماك المخصبة للتربة للحصول على عوائد متوازية عدة فى منظومة اقتصادية متكاملة مع مراعاة البعد البيئى.
ففى التجربة المصرية تم إنتاج أسماك البلطى، واستخدام مياه تربية البلطى فى استزراع أسماك القراميط، ثم زراعة المحاصيل والبرسيم الحجازى على مياه صرف أسماك القراميط، وبعدها تمت تربية الأغنام والماشية بنظام المراعى شبه المفتوحة على البرسيم الحجازى، وبالتالى نحصل على لحوم وألبان عالية الجودة وبأسعار رخيصة، ومن فضلات الأغنام والماشية تم إنتاج أسمدة عضوية معقمة، وإقامة مشروع«البيوجاز» لإنتاج وقود حيوى.
وأضاف الدكتور مجدى توفيق أنه يمكن إقامة هذه الأنظمة الإنتاجية المتكاملة على وحدة مساحتها 5 أفدنة أو مضاعفتها، وكل وحدة يمكن أن يعمل فيها من 3 إلى 6 أفراد من الشباب خريجى الزراعة والتجارة والعلوم والطب البيطرى، أما التدريب على الاستزراع السمكى فتقوم به الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية عن طيب خاطر، إذ تبدى الهيئة استعدادها دائما لإقامة نموذج لهذه الوحدات بظهير كل محافظة.
وأشار الدكتور مجدى إلى أن الصحراء الشرقية هى أنسب مكان لهذا المشروع القومي، ما بين النيل والبحر الأحمر - - فى الظهير الصحراوى لكل مدن الصعيد التى أصبحت الآن فى حاجة ملحة للتنمية الاقتصادية، وإتاحة فرص عمل للشباب.
الصحراء الشرقية
فالصحراء الشرقية تبلغ مساحتها أكثر من 223 ألف كيلو متر مربع، حيث يوجد خزان المياه الجوفية أسفل هذه الصحراء فى وادى النيل بمصر العليا، وهو ثانى أكبر الخزانات الجوفية المتجددة بمصر وشمال إفريقيا، ويمتد ما بين الجيزة إلى أسوان بطول نحو 900 كيلو متر، ويبلغ متوسط عرضه نحو 14 كم، وأقل عرض له عند أسوان 2كم، وأقصى عرض له عند مدينة المنيا 20 كم. وأوضح أن خبراء المياه الجوفية أكدوا من خلال الدراسة أن المصدر الرئيسى لتغذية خزان وادى النيل بالمياه هو التغلغل العميق لمياه الرى والمياه المترشحة من قنوات الرى.. كما تم تقدير الكمية الكلية لتغذية الخزان الجوفى فى الصحراء الشرقية بنحو 6٫2 مليار متر مكعب/سنة. غير أن المياه المستغلة حالياً أقل من ذلك بكثير، وهناك فائض كاف يمكن استغلاله فى مشاريع زراعية وتنموية. وأكد أن مشروع محاور التنمية الذى قدمه الدكتور فاروق الباز مشروع قومى عظيم، وله رؤية على المدى الطويل، لكن للأسف يحتاج إلى مليارات من الدولارات غير المتوافرة فى الوقت الحالي.
بديل بتكلفة متاحة
القيل والقال: «أعتقد أن ما أقدمه الآن هو بديل له، وتكلفته متاحة، وسوف تكون له محاور تنمية بالفعل فى الظهيرالصحراوى ولكل المدن من ناحية الصحراء الشرقية، وسوف يمتد الظهير الصحراوى لكل المحافظات على طول النيل إلى أن يصل للبحر الاحمر، وهناك يمكن أن تقام أستثمارات سياحية، ومزارع بحرية، ومجمعات سكنية للشباب بالقرب من هذه المشاريع، كما وافق الصندوق الاجتماعى على تقديم قروض للشباب بها، وأتمنى استخدام طاقة الشمس فى إدارة هذا المشروع».
وتابع أن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تستطيع بالتعاون مع محافظى هذه المدن ان تبنى مزرعة نموذجية فى ظهيرها الصحراوى ليكون مثالا للشباب، وأيضا يمكن تطبيق هذا المشروع فى سيناء بالمناطق التى بها مياه جوفية، وهى معروفة لدى المحافظة
أعدته للنشر / دالياعمر