فى البحث المنشور لوزارة شئون البيئة تحت عنوان  "نتائج الرحلة الحقلية الرابعة مايو2011 " والذى ربما تعوزه الدقة  فى كثير من المعلومات نجد أن متوسط عمق البحيرة – طبقا للدراسة – نحو ثمانين سنتيمترًا وهو متوسط يقع بين ثلاثين ومائة وثمانين سنتيمترًا، كما أنها غنية بالنباتات والكائنات البحرية ورغم ثقتى الكاملة فى أن بقية البيانات التى احتوت عليها دراسة وزارة البيئة كلها فبركة مكاتب إلا أنها لا تخلوا من قيمة على الأقل كمؤشر كما أسلفت. 

إذا عدنا بالزمن خمسين عامًا وزرنا البرلس ثم زرنا دبى فسنجد أن كلتا المدينتين تعيشان على الصيد غير أن البرلس ستتميز بخصوبة تربتها وجودة محاصيلها الخاصة جدًا بها، ولو عدنا مائة عام وزرنا البرلس وكيب تاون لوجدنا أن البرلس مهيئة لتطوير عمرانى وسياحى كبيرين وحتى أكبر من كيب تاون كون البرلس تتميز بأرضها السهلية التى لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا اللهم إلا من تلال الكثبان الرملية البسيطة عكس كيب تاون التى تأتيها الجبال من كل مكان... وللأسف وبعد مرور تلك المدة الطويلة لا يمكن أبدًا عقد ثمة مقارنة بين سهول البرلس وبين كثير من المدن الساحلية فى دول العالم الثالث التى طالتها يد التطوير مستغلة إمكانات لم تبلغ معشار ما هى عليه فى البرلس الجميلة. 

قبل مائة عام وكحال كل المدن الساحلية فى العالم ينحصر أقصى  طموح السكان لاستغلال المسطحات المائية فى صيد الأسماك حتى إذا اكتفوا محليًا منها طوروا عملهم إلى نقلها وبيعها أو تصنيعها.. هذا هو الفكر الفطرى البدائى لكل قرية حاضرة البحر يسيطر على قوتهم وعملهم وحتى أفكارهم وأسمائهم، فأغنياؤهم حيتان وفقراؤهم "بسارية" ومشكلاتهم "دوامات" إلى آخر تلك الثقافة التلقائية البسيطة. 

ولم تكن الحكومات التى سبقت ثورتنا المجيدة تعير ثمة اهتمام إلى أفكار التطوير فبقيت على حالها دار ابن لقمان رمزًا للبرارى ومنفى يعاقب به الموظفون الآثمون ومطمعًا لمجرمى نظام حسنى مبارك، غاية الناس فيها أياما معدودات فى الصيف باعتباره المصيف الأرخص إرضاءً لأبنائهم فى رغبتهم نزول البحر، وظلت شواطئها تحرز واحدة من أكبر نسب الغرق على مستوى الجمهورية عشرات السنين.

تعتبر منطقة الوتر فرنت فى مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا نموذجًا مصغرًا لبحيرة البرلس غير أن بحيرة البرلس تمتاز على الوترفرنت بمساحتها الضخمة وكثرة الجزر بداخلها وكون المياه فيها ليست بالعمق المخيف بما يسمح بالألعاب المائية بالإضافة إلى خلو المياه من أسماك القرش وبالتأكيد فإن أسماك القرش لن تأتى أبدًا لكى تعيش فى مخلفات مصرف بحر نشرت وأترك للقارئ ما يريد أن يعرفه عن منطقة الوترفرونت فى كيب تاون من خلال موقعها غير أنه يجدر ذكر أن تلك المنطقة تجذب القسم الأكبر من السياح فى جنوب إفريقيا البالغ عددهم أربعين مليونًا سنويًا بما تتمتع به من تخطيط عمرانى يناسب طبيعتها المائية وفنادق وشقق فندقية ومطاعم ومركبات مائية والعدد الضخم من المحلات المؤجرة والتى تبيع كل شىء بدءًا ببيض النعام وانتهاءً باليخوت الفاخرة التى تتجاوز أثمانها مخيلتى المتواضعة، غير أن ما يلفت النظر أن إحصائيات غرفة السياحة بكيب تاون تؤكد أن نحو مائتى ألف سعودى يقطعون تسعة آلاف كيلو متر كل عام ليأووا إلى الوتر فرونت هربًا من صيف السعودية الحار ليتعدى إنفاقهم المليار دولار بما يحقق دخلاً سنويًا للدولة هناك متحصل من الضريبة على المنشآت السياحية وضريبة المبيعات يتجاوز الثلاثمائة مليون دولار، بالإضافة إلى عدة آلاف من الوظائف تتخصص فى خدمة الوافدين من الخليج، فضلا عن ملايين السياح الأوروبيين الذين لا يتسع المجال لبيان أهميتهم السياحية هناك. 

إن قدرات بحيرة البرلس ربما تتجاوز قدرات منطقة الجميرة فى دبى من ناحية القدرة على استيعاب الأبراج الضخمة كونها لا تحتاج إلى ردم البحر كما حدث فى الإمارات التى أنفقت عشرات المليارات على الردم حتى يستطيع حمل تلك الأبراج أما فى البرلس فإن اقتطاع مائة فدان فى أحد أركانها لإقامة أبراج مماثلة لا يتعدى حجم التكلفة بالنسبة له ثمن الأرض وثمن مواد البناء كون البحيرة صالحة للبناء لإقامة مدينة مائية متكاملة على مساحة المائة فدان التى لا تتجاوز نسبتها واحدًا فى المائة من مساحة البحيرة ومحققة دخلاً يفوق مائة ضعف ما تدره تربية الأسماك فيها خصوصا مع توسعة البوغاز وتطهيره لزيادة التبادل المائى بين البحيرة والأبيض المتوسط .. 

إن تطوير مناطق مثل برج مغيزل وربطها بخطة تطوير رأس البر ورشيد لابد وأن يستتبع تطوير منطقة البرلس بنفس المعدل لعدم حاجة تلك المناطق إلى شق طرق رئيسية كبيرة كونها مربوطة بالإسكندرية بالطريق الدولى الساحلى. 

إن أربعين كيلو مترًا تفصل شباس عمير عن بحيرة البرلس وهى مسافة قصيرة بحساب الطرق العادية وليست طرق ثلاثين عامًا من الفساد ولكن بحسبان أن التطوير ممكن فإن تسهيل الرخص السياحية يتوقع معه أن تبدأ جماعة ناشئة من أصحاب البيوت الريفية فى التطلع إلى استغلالها "لودج" يقدم سريرًا وإفطارًا كما هو الحال فى كل الدول التى تحتوى على ريف خلاب كحال الريف المصرى وهو ما يعطى آمالاً لسكان مناطق عمق كفر الشيخ فى الجنوبية فى الاستفادة من تطوير منطقة البرلس بتنظيم رحلات مكملة أو ملحقة إلى القرى التى تتناثر حول البحيرة الجميلة. 

ساعتان تفصلان البرلس عن تركيا وساعتان عن جدة وساعتان عن طرابلس وثلاث ساعات عن روما وساعتان ونصف عن الخرطوم.. إننى أشعر أن كفر الشيخ هى قلب العالم.

أعدته للنشر/ دالياعمر

المصدر: جريده المصريون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 187 مشاهدة
نشرت فى 29 أكتوبر 2012 بواسطة PRelations

الإدارة العامة للعلاقات العامة إحدى الإدارات العامة التابعة للمدير التنفيذى لجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية

PRelations
تحت إشراف مدير عام الإدارة العامة للعلاقات العامة (دكتوره/ أمانى إسماعيل) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

593,890