كشف الدكتور سعود بن حمود بن أحمد الحبسي مدير عام البحوث السمكيّة بوزارة الزراعة والثروة السمكية أنّ الوزارة تلقت ما يزيد عن 100 طلب للاستثمار في مشاريع الاستزراع السمكي.
وقال الحبسي لـ"الرؤية" إنّ الوزارة تلقت المزيد من الطلبات بعد إصدار لائحة استزراع الأحياء المائية وضبط جودتها مؤخرًا؛ متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة تزايدًا في طلبات الاستثمار. وأشار مدير عام البحوث السمكية بوزارة الزراعة والثروة السمكية إلى أنّ معظم الطلبات التي تمّ تقديمها هي استثمار وطني والبعض الآخر شراكة بين شركات أجنبيّة وأخرى محليّة، لافتّا إلى أنّ الوزارة لم تتلق- حتى الآن- أية طلبات استثمار أجنبية في هذا النوع من المشروعات.
ويعتبر الاستزراع السمكي من المشاريع الرائدة في مجال تنمية الثروة السمكية؛ حيث إنّ هذا النوع من المشاريع يتمتع بأهميّة اقتصادية كبيرة، وأصبح أحد محاور التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول؛ نظرًا لما يمثله في المساهمة في توفير الغذاء.
وأوضح الحبسي أنّه يتعيّن على المستثمرين ممن تقدموا بطلبات سابقة للاستثمار أن يسارعوا إلى تحديث طلباتهم؛ حيث إنّه سيتم النظر في الطلبات الجادة فقط في الاستثمار بعد الفرز النهائي. وأضاف أنّ الوزارة تتوقع جلب استثمارات وطنية ودوليّة تقدر بنحو 100 مليون دولار خلال الدورة الأولى للإعلان عن فرص الاستثمار، أي ما يقابل 38 مليون ريال عماني.
الاستزراع السمكي
وتأتي أهميّة قطاع الاستزراع السمكي باعتباره من أسرع القطاعات الإنتاجيّة في العالم؛ حيث ينمو بمعدل 8% سنويًا منذ عام 1970 مقارنة مع 1% لقطاع المصايد التقليدية، و3% لقطاع إنتاج اللحوم. ويصل الإنتاج العالمي للأسماك من كافة المصادرالحالية إلى ما يقارب 158 مليون طن تقريبًا؛ وضمن هذه الكميّة، فإنّ مساهمة قطاع الاستزراع تمثل ما نسبته 56%؛ حيث بلغ الإنتاج العالمي من الاستزراع حوالي 68 مليون طن بقيمة 106 مليارات دولار في عام 2008م (تشمل إنتاج النباتات البحرية المستزرعة)، فيما يقدر عدد العاملين في هذا القطاع حول العالم حوالي 11 مليون شخص.
وكشف تقرير للبنك الدولي حول الاستزراع السمكي عن وجود فجوة بين العرض والطلب تقدُر بنحو 40 مليون طن إضافيّة من الأسماك في عام 2030، ليقابل المعدل الحالي من استهلاك الأسماك. وفي ظل تناقص أو ثبات الإنتاج السمكي من المصايد التقليدية فإنّ الاهتمام العالمي سوف ينصب على قطاع تربية الأحياء المائية. ومن أهم الدول في مجال الاستزراع النرويج والولايات المتحدة الأمريكية والصين.
فرص اقتصادية وتنموية
وعلى طول سواحل السلطنة التي تربو عن 3 آلاف كيلومتر، كان ومازال قطاع الثروة السمكية بمثابة مصدر رزق لعدد ليس بالقليل من سكان السلطنة، حيث تجود المصائد الطبيعية بأنواع متعددة من الأسماك التي اشتهرت بها السلطنة؛ منها الكنعد والسهوة والهامور والسردين إلى جانب باقي الثروات البحرية الأخرى؛ مثل الشارخة والصفيلح والروبيان والحبّار. وقد ظلت المصائد الطبيعية المصدر الوحيد الذي يعول عليه الصيادون؛ إلى أن ظهرت الدراسات العلميّة بنتيجة إمكانية استزراع الأسماك بمختلف أصنافها والثروات البحرية الأخرى متى ما توفّرت الظروف الطبيعية والبيئية والمواقع الملائمة للاستزراع السمكي.
ومع وجود تطبيقات التكنولوجيا الحديثة أصبح الاستزراع السمكي يسير جنبًا إلى جنب مع قطاع المصائد السمكيّة الطبيعية كما يمثل الاستزراع السمكي عنصرا أساسيًا في المساهمة بزيادة الإنتاج السمكي والمحافظة على المصائد الطبيعية بعيدًا عن الاستنزاف والصيد الجائر مما قد يعرّض بعض الثروات البحريّة للنضوب.
ويقوم الاستزراع السمكي الناجح على توافر بعض الظروف مثل المقومات الجغرافيّة والبيئية والطبيعية، ونجد في السلطنة مواقع ساحلية منبسطة وأخوار عديدة في مختلف المحافظات الساحلية تتميّز بعمق مياهها مما يساعد في إنشاء مشاريع الاستزراع السمكي، وفي جانب المقومات الطبيعية ففي بحار السلطنة أصناف متعددة من الأسماك وباقي الثروات البحرية من الرخويات والقشريات والمحاريات والشوكيات ذات القيمة الاقتصادية العالية والجودة الغذائيّة المرتفعة، والتي عليها أيضًا طلب كبير في سوق الأسماك والمنتجات البحرية سواء محليًا أو عالميًا.
الكوادر البشرية
وبجانب ما سبق هناك الموارد البشرية المدربة وذات الكفاءة العالية والتي تعمل في المراكز البحثيّة التابعة لوزارة الزراعة والثروة السمكية؛ وتحديدًا في مركزي العلوم البحريّة والسمكيّة والاستزراع السمكي، تلك الكفاءات التي تعمل في مجال الاستزراع السمكي بمختلف تفرعاته من بحثيّة وفنية وتقنية. وقد عملت وزارة الزراعة والثروة السمكيّة منذ فترة طويلة على إنشاء بنية أساسية مناسبة للاستثمار في هذا المجال الحيوي الذي يسهم في تحقيق قدر من الأمن الغذائي للبلاد.
وفي هذا الإطار تُبذل العديد من الجهود في الجوانب العلمية والبحثية والقانونية والفنية والتقنية؛ حيث أصدرت الوزارة عددًا من المطبوعات والنشرات العلمية عن الاستزراع السمكي؛ والتي تقدم فكرة واضحة عن نشاط الاستزراع السمكي، وتضع المهتمين من باحثين ومستثمرين وطلبة على صورة المشهد للاستزراع السمكي في السلطنة وفي مقدمة جهود النشر العلمي في ما يخص الاستزراع السمكي إصدار أطلس المواقع المناسبة لمشاريع الاستزراع السمكي في السلطنة والذي يعد مرجعًا علميًا عن المواقع المناسبة لإقامة مشاريع الاستزراع السمكي في السواحل، وأيضًا في الحيازات الزراعيّة بجميع محافظات السلطنة. ويجمع هذا الأطلس بين الأهميّة العلميّة والاقتصادية؛ وهو بمثابة الدليل للمستثمرين الذين لديهم النيّة للدخول في غمار الاستثمار في مجال الاستزراع السمكي؛ حيث يوفر المعلومة والمعرفة بالكلمة والصورة والإحصائيات والأرقام والجدول والمصورات البيانية بطريقة سلسة تجعل بحوزة المستثمر فكرة مبسطة، لكنّها شاملة عن الاستزراع السمكي في السلطنة.
وعملت الوزارة على إعداد دليل شامل عن الأسلوب الإداري الأفضل والسلوك الحسن لتربية الأحياء المائية في السلطنة لتكون معينا للمستثمرين من أصحاب المزارع السمكية ومشاريع الاستزراع السمكي المختلفة للوصول إلى الأسلوب الأمثل في الاستزراع.
ومن الناحية القانونية، أصدرت الوزارة اللائحة التنفيذية لقانون الاستزراع السمكي وضبط جودة الكائنات المستزرعة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ( الفاو) في خطوة تهدف إلى وضع الإطار القانوني لهذا النوع من الاستثمار، وتقديم التسهيلات إلى المستثمرين، وتشجيعهم لخوض غمار الاستثمار في هذا المجال. كما أعدّت الوزارة أيضًا وبالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، الإستراتيجيّة الوطنيّة للاستزراع السمكي والتي تهدف إلى النهوض بالاستزراع السمكي في السلطنة بصفة مستدامة عن طريق سياسات واضحة وراسخة وبمراحل زمنيّة متتابعة لزيادة الإنتاج السمكي من مشاريع الاستزراع ولتحقيق قدر من الأمن الغذائي للسلطنة.
الجوانب الاقتصادية
وللاستزراع السمكي العديد من الجوانب الاقتصادية، يأتي في مقدمتها الاستغلال المناسب للموارد الطبيعية؛ حيث يقوم الاستزراع السمكي في السلطنة على استغلال الموارد الطبيعية من مياه وأراضٍ، وتقوم وزارة الزراعة والثروة السمكية بتشجيع طرق الاستزراع التي تقوم على الاقتصاد في استخدام الموارد الطبيعية مثل المياه كما تعمل الوزارة على أن تكون تلك المشاريع ملائمة للبيئة المحيطة بها.
بجانب المقوّمات الجغرافيّة؛ وذلك نظرًا لما تمتلكه السلطنة من سواحل طويلة تتجاوز ثلاثة آلاف كيلومتر، وبها العديد من الأخوار والخلجان التي تناسب إقامة مشاريع الاستزراع السمكي الناجحة.
ومن بين العوامل الإيجابية في تطور الاستزراع السمكي وجود التكنولوجيا الحديثة، حيث تساهم تطبيقات التكنولوجيا الحديثة في تطوير مختلف القطاعات ومجال الاستزراع السمكي يستفيد من التكنولوجيا الحديثة في تطوير المشاريع ورفع كفاءة العمل فيها وزيادة الإنتاجية وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة توظف في العديد من المجالات الفرعية للاستزراع مثل التفريخ وإنتاج الزريعة وإنتاج العلائق المستخدمة في الاستزراع.
الكوادر البشرية
ويعد عنصر الكوادر البشرية من أهم عوامل نجاح الاستزراع السمكي؛ وقد اهتمت وزارة الزراعة والثروة السمكية بالكادر البشري العامل في مجال الاستزراع السمكي؛ حيث تمّ إنشاء مركز الاستزراع السمكي منذ وقت مبكر، وتم تدريب وتطوير العاملين في الاستزراع السمكي، كما نظّمت الوزارة العديد من الدورات التدريبية في مجالات الاستزراع المختلفة للعاملين في هذا الحقل، وشاركت الوزارة في العديد من الحلقات والمؤتمرات والدورات التدريبيّة التي تعنى بالاستزراع السمكي.
لائحة الاستزراع السمكي
وتمّ إصدار القرار الوزاري رقم (177/2012) الخاص بإصدار لائحة استزراع الأحياء المائية وضبط جودتها والتي احتوت على 80 مادة. وتمّ إعداد اللائحة بالتعاون مع خبراء متخصصين من السلطنة ومن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وعدد من الدول التي شهدت تطوراً كبيراً في الاستزراع السمكي خلال العشرين عامًا الماضية، وبمساهمة جيدة من القطاع الخاص بالسلطنة.
وتهدف اللائحة إلى إيجاد إطار قانوني سليم لقيام مشروعات مرتبطة بهذا القطاع وضمان عدم تأثيرها على البيئة والصحّة العامة وتحقيق مستوى عالي من المساهمة في الدخل القومي، وتوفير فرص عمل للعمانيين والمساهمة في الأمن الغذائي للسلطنة.
ومن النتائج المتوقعة لمشاريع الاستزراع السمكي زيادة الإنتاج السمكي، حيث تتوقع الوزارة استقطاب استثمارات وطنيّة وأجنبيّة بحوالي 100 مليون دولار خلال الدورة الأولى من الإعلان عن فرص الاستثمار مما يعني إيجاد فرص استثمارية واعدة لتحقيق عوائد مالية عالية. وتشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق زيادة في الإنتاج السمكي لتصل إلى 220 ألف طن عام 2030، كما يوضّحه الجدول أدناه:
قيمة الانتاج/ مليون ريال الإنتاج (طن) العام
18.5 12000 2015
46 29860 2020
114.4 74300 2025
342 220000 2030
ومن بين المنافع الاقتصادية للاستزراع السمكي؛ تعظيم العائد الاقتصادي للقطاع السمكي في الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث إنّ العائد المالي المباشر المتوقع يبلغ 342 مليون ريال، كما أنّ المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي تقدر بنحو 786.6 مليون ريال.
وكذلك توفير فرص عمل إضافية للشباب العماني، منها توفير حوالي 50 وظيفة لكل ألف طن من الأسماك المستزرعة والأنشطة المرتبطة بها، ودعم المبادرات الفردية للشباب لقيام مزارع إنتاجية صغيرة ومتوسطة لتوفير فرص عمل إضافية، وقيام شركات محلية صغيرة ومتوسطة، وزيادة تنافسية السلطنة وتنشيط القطاعات المرتبطة؛ وسوف يساهم قطاع الاستزراع السمكي في تنشيط القطاعات التالية: (البنوك ومؤسسات التمويل - التأمين - الشحن الجوي والبري والبحري - شركات تجهيز وبيع الشباك ومعدات تربية الأسماك -شركات تصنيع الأعلاف السمكيّة - قطاع الخدمات).
أعدته للنشر / دالياعمر