\
"ليبيا تقلب معادلة الربيع العربي" جملة سطرت تحتها إذاعة هولندا العالمية تقريرا أوردته اليوم حول النتائج الأولية التى تم الكشف عنها مؤخرا عن انتخابات المؤتمر الوطني العام والتى أظهرت فوز التيار الليبرالي العلماني مكتسحا التيار الديني المتأصل هناك.
واستهل تقرير الإذاعة الهولندية بالقول:"مرة أخرى تفاجىء ليبيا العالم، كما فاجأته من قبل بثورتها المتميزة وبنسائها الثائرات اللواتي كن دائما خلف الكواليس، ثورة 17 فبراير كشفت عن حقيقة الشعب الليبي المنسجم في تركيبته المحافظة والمختلف في طبيعته انتروبولوجيا عن شعوب منطقة الجوار إلى حد ما..ليبيا التي تتربع على بركة من الذهب الأسود ، وكأنها "قطعة من أرض الخليج" ، وضعت خطأ برمال أفريقيا. وها هي الان تقلب المعادلة، وتختار التيار الليبرالي العلماني، بدل الإسلاميين كما حدث في دول الربيع العربي المجاورة، تونس ومصر بل والمغرب أيضا".
وفي انتظار النتائج النهائية، تشير النتائج الأولية إلى تقدم ساحق لتحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل.
ويشمل تحالف القوى الوطنية تيارات مختلفة تمثل 65 حزبا ناشئا و250 شخصية مستقلة بتنوع إيديولوجي كبير. وتتنوع في إيديولوجيتها بين اللبرالي العلماني والإسلامي المعتدل.
وحقق التحالف في منافسته على 80 مقعدا بالمؤتمر الوطني، نجاحا يقدر بحوالي 70% في النتائج الأولية. في حين تراجعت الأحزاب الإسلامية مثل حزب العدل والبناء (الإخوان المسلمون) وحزب الوطن بقيادة عبد الحكيم بلحاج (الجماعة الاسلامية المقاتلة)، الذي يبدو ان الثورة غيرته كثيرا عما كان عليه في أفغانستان، حيث كان ملفتا انه ساوى بين عدد المرشحين والمرشحات بقائمته نادى بإقامة دولة مدنية.
وأيضا حزب الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا بقيادة الدكتور محمد المقريف.
وبهذا تكون ليبيا اول بلاد تقلب معادلة الربيع العربي، برفع كفة الليبراليين، على عكس "الخريف الإسلامي" الذي اكتسح بلاد الثورات الأخرى.
ويقول تقرير الإذاعة الهولندية إن تحالف القوى الوطنية لا يعتبر "ليبراليا محضا" ، بل إنه يشمل ايضا شخصيات إسلامية معروفة ومستقلة.
ونسب التقرير للكاتب الصحفي والدبلوماسي الليبي ادريس بن الطيب القول: "إن أهم ما جمع التيارات المختلفة في تحالف جبريل، هو الطموح لـ "إنشاء حكومة وفاق وطني تمثل مختلف التيارات السياسية".
ويشير بن الطيب إلى انه كانت هناك في الفترة السابقة الانتخابات مباشرة مفاوضات بين التحالف والإخوان المسلمين، إلا أن هؤلاء كانوا مترددين جدا وانسحبوا في نهاية المطاف. وأضاف ان ذلك جاء في اطار الايمان بـ "مصلحة ليبيا أولا".
ولأن الشعوب لا تنسى..فإن الشعب الليبي المسلم المعتدل لا يمكن له أبدا أن يثق في الإسلاميين ، بالخصوص منهم الإخوان المسلمين، التيار المرتبط بالإخوان المسلمين في مصر، حسب بعض المحللين الليبيين الذين يرون أن الاخوان المسلمين خذلوا الشعب الليبي، حين وضعوا يدهم بيد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، لأجل إطلاق سراح سجنائهم. تعاملوا بحماس مع مشروع "ليبيا الغد" لسيف الاسلام القذافي.
قبلها انسحبوا من المؤتمر الوطني للمعارضة في عامي 2005 و2007 لأجل صفقاتهم مع القذافي. وبذلك استلموا شركة الغد الإعلامية التي ترأسها الاعلامي المعروف سليمان دوغة.
بل إن الإخوان المسلمين توسطوا للقذافي لدى المجموعة الإسلامية المقاتلة التي استجابت للمراجعة في مقابل إطلاق سراح سجنائها.
ويجدر بالذكر ان محمود جبريل عمل أيضا مع سيف الإسلام القذافي في وضع تصور لليبيا المستقبل، إلا انه " عمل بشكل مهني محض ولم يحرق نفسه ايديولوجيا مع النظام"، كما يصرح الإعلامي الليبي عمر الكدي.
ساحة النقاش