لا ادري ما هي ردة فعل كل مدمني جلد الذات ، عند مشاهدتهم اللقطات التي ردد خلالها مؤيدو حركة ( احتلوا وول ستريت ) شعار الثورات العربية الأول ، ولكن بلكنتهم ومخارج ألفاظهم التي عجزت عن محاكاة الحناجر العربية في فصاحتها : (( الشأب يريد إسكات النزام )) .. (( الشأب يريد إسكات وول ستريت )) ؟
لا اود أن أستبق الأحداث واتنبأ بردة فعل جالدي الذات من المتأمركين العرب ، فهم والشهادة لله ، لم يعربوا عن أية ردة فعل ولم يعبروا عن أي رأي حيال ما أثبتته الأحداث الأخيرة من قدرة الشباب العربي على التأثير في شبان الولايات المتحدة وبعض شباب الغرب والعالم الذين لبوا نداء حركة (احتلوا وول ستريت )، وسارعوا للتضامن معهم قبل أسابيع من الآن .
مدمنو جلد الذات الذين بشروا منذ حوالي عقد من الزمان بنهاية التاريخ على طريقة فوكوياما ، اختاروا ان يتجاهلوا ما حدث وكأنه لم يحدث . لكن ما حدث كان قد حدث بالفعل ، وشعوب العالم وجيل الشباب ، وبالذات الشباب الامريكي ، الذي بدأ يخرج عن سيطرة وسائل الإعلام وصناعة الرأي التقليدية ، استلهم ما جرى في الشارع العربي ، للتعبير عن رفضه ورغبته في الثورة ضد النظام الرأسمالي برمته .
لقد استشعر الشبان الأميركيون أن الانتفاضات العربية لم تكن مجرد انتفاضات تهدف إلى إسقاط الأنظمة القمعية ، ولكنها كانت في جزء كبير منها ثورة على كل أشكال الهيمنة الاستعمارية التي رهنت القرار الوطني في العديد من البلاد العربية ، للمشاريع الأميركية والصهيونية . وهو ما ينطبق تحديدا على النظامين المصري والتونسي اللذين سقطا في زمن قياسي وبأقل تكلفة ممكنة .
البعد العالمي والإنساني في الانتفاضات العربية تجاوز الحدود ، فثورات العرب الأخيرة كانت في المجمل ثورات ضد الاستغلال الذي يشكل حجر الزاوية للنظام الرأسمالي العالمي . وهذا هو السبب في قدرة هذه الانتفاضات على التأثير في الشباب الأمريكي المنتمي للطبقة المتوسطة ، والذي يبدو انه في طريقه للفهم بأن عدوه الحقيقي ليس هو الإرهاب المفتعل ، وإنما الاستغلال المنظم .
العالم العربي هو أول من سيساهم في تحرير شهادة وفاة للرأسمالية العالمية
ساحة النقاش