جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة المرأة في قرية الأتقيـــــاء !!
قــــال الراوي : النفوس أشكال وألوان .. منها تلك التي تتقي وتخاف .. ومنها تلك التي تتلهف إفراطاً .. ومنها تلك التي تتبع الهوى وتنقاد .. ومنها تلك التي تتعفف علوا ورفعةً .. ومنها تلك التي تحيك وتضمر .. ومنها تلك التي تساير عجزاً وقلة حيلة .. ومنها تلك التي تخوض مع الخائضين .. وهنا مجرد نماذج لأنماط تعد في أصابع اليد .. ومن المستحيل تناول وحصر الآلاف من أنماط البشر .. ومع ذلك فإن كل نمط حين يوضع تحت المجهر يحير الباحث العاقل .. وجدته يلهث راكضا مضطربا شاكيا وباكيا .. ولما سألته قال أهرب من نفسي أولاً ثم من الشيطان .. فقلت أفصح بالمزيد حتى يكون لك البيان .. فقال أهرب من نفسي لأنها بدأت تميل وتلين للمعاصي ,, وأهرب من الشيطان لأنه بدأ يكيل ويحاصر بالتوالي .. فنصحته وقلت له : النفس كالظل تركض حيث تركض .. والشيطان كالضوء أسرع تواجداً من الزمن .. فقال : وما الحيلة في الخلاص ؟.. وقد أبليت جهداً بما فيه الكفاية .. كم وكم رجوت الخلاص من قيود الخطايا .. فإذا بها تزداد قوة وتحيط عنقي وتكتم أنفاسي .. وأخيرا بدأت أهرب وأركض من غابة المعاصي تلك التي بدأت تتكاثر أشجارها .. ثم بحثت عن الفضيلة فوجدتها أـندر من الألماس .. وحين أميل لأروقة المعاصي والخطايا أجدها تتوفر كالرمال .. والطامة قد تمثلت في صاحبة الشأن .. صاحبة الكبرياء والمقام .. تلك التي تنازلت عن كبريائها ومقامها .. وكنت أظنها لا تفعل .. وجدتها تنقاد لدروب الهوى ولا تبالي .. تدوس الكبرياء بالمداس .. وترى أن لها الحق كل الحق في مواكبة الأهواء .. فهي تملك عدة الحسن والجمال التي تغريها لتفعل ما تشاء .. ثم كانت العلامات والإغراء .. ولقد أشارت وألمحت مراراً وتكراراً وإن لم تقل لفظاً ( لقد هيت لك ).. ولكن نفسي قد أبت فكان منا التمرد والعصيان .. ثم كان منها التشدد والإصرار .. فقالت منزعجةً : ذاك موقف لن يبلغك مقام الأنبياء .. ولن تماثل يوسف بن يعقوب في العفة والصفاء .. وأنا أملك عدتي التي تمثل قوتي .. حسن وجمال وهيبة ثم هيمنة تبلغني أعلى المكان .. وأنت قد لا تكون شرطاً في الحسبان .. ولكن لا بد أن تعاقب على الاهانة والعصيان .. فقلت لها يهون ذلك العقاب في الدنيا وأنا أخشى العقاب يوم الحساب .. وقد خابت ظنوني في نفس كانت تملك المقام فإذا بها تهوى في ظلمة الأوهام .. كم وكم كنت أرجو أن أكون مثل ابن يعقوب في الطهارة والنقاء .. كما كنت أرجو أن تكوني مثل تلك المرأة الصالحة في قرية الأتقياء .. فقالت فما هي قصة المرآة في قرية الأتقياء ؟
كان إبليس في المقدمة .. يتبعه ألف من جنوده الشياطين الأوفياء .. يبحثون عن مرافئ الشرور وثمار الخطايا .. فمروا بقرية الأتقياء والصالحين .. ثم أتوا لدارها .. وطرقوا أبواب محرابها .. فوجدوها ساجدة خاشعة لله .. فدعوها للمعصية .. وقالوا لها هيا تعالي للفاحشة .. فقالت معاذ الله .. ثم أبت وتعففت .. ووضعت كفها فوق عفتها .. فأحاطوها من كل الجوانب والجهات .. وضيقوا عليها الخناق .. وحاولوا إجبارها فقاومت وحاربت .. فاستنجدت بالله يائسة .. ثم رفعت كفها نحو السماء بالدعاء .. فإذا بدعواتها تطرق أبواب السماء .. فنزلت الملائكة ووقفت بجانبها وحاربت من أجلها .. حتى انتصر الخير على الشر .. وانهزم إبليس وجنوده ثم ولوا هاربين .. وحينها قالت الملائكة عجباً من امرأة استماتت من أجل عفتها وشرفها !.. وبذلك نالت المرتبة العليا الرفيعة .. رفضها ووضع كفها في موضع عفتها جعل منها أفضل من ألف امرأة تتلهف لمذاق الشهوة والملذات .. كما أن مقامها قد أزداد رفعةً حتى فاق مقام ألف امرأة تسبح في مياه الرذيلة .. وحينها أدمعت أعين التواقة .. ثم قالت أسفاً يا ليتني كنت في مقام تلك المرأة .
هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .
ساحة النقاش