بسم الله الرحمن الرحيم

بينــــي وبينـــك يـــا أرض وطنـــــي !!

أرضي أنبتت ثمار الأحزان شوكاً فأوجعتني .. ومزقت شريان السعادة إرباً فأهلكتني .. فقلت أرحل عنها لعلي أجد أرضا تعاضد جرحي .. فإذا بطوق يعانق عنقي والمشانق تحجب دربي .. بكت الأرض وقالت كيف تهجرني وأنت أدرى بأمري ؟ .. حري بك أن تشيع نعشي وأن تنام فوق قبري .. فقلت لها لقد ناصرتك دهـراً وأفنيت فيك عمري .. بذلت في رضاك كل جهدي وهديت لك دماء صدري .. كم وكم ضحيت في رباك وأنا أساتر عيوب وطني .. أدعي السعادة كذبا وبهتاناً وفي الجوف ألعــن حظــي .. فما نالني إلا العذاب وتلك أشواك تلاحق طعني .. نازعتني فيك لوعة الجوع والعالم يشبع حولي .. الموت حق في العمر مرة ولكن فيك قد تناسخ موتي .. قالوا أنت سلة غذاء للأمم فكيف بسلة غذاء تجلب جوعي ؟.. سلة تخلو من الخيرات رغم النعت الذي يعظم شأني .. يطاردني ظلام البؤس مدى العمر وقد طال في البؤس قدري .. صبرت العمر أرتدي ملابس الصبر وما زالت الويلات تلاحق عمري .. نلت الأوجاع في ربوع وطني وذاك جلاد يحمل كفني .. لا تمطر أرحام الوطن بأمطار الخير بل حمم تحرق أركاني .. الفجر كئيب في وطني مهما يسهب المنشد في إنشادي .. لقد اكتوى اللاحقون بنيران الويل وقال السابقون ملعون أبوك بلدي .. لما ذلك الجدب في وطن يركض فيه النيل ليروي ربوع ودياني ؟,, بكت الأرض وقالت لست بالبخيلة ولكن يمشي البخلاء فوق كتفي .. كلما أنبت خيرا للناس يخطفه السماسرة من عمق كفي .. وتلك قصور الأطماع قد تعالت تيهاً ولوعة الجوع مزقت أحشاء شعبي .. أين السعادة في بلد فيه الجلاد يملك زمام أمري ؟ .. يرتع المفسدون في سهول الفساد لينهبوا خزائن أموالي .. وفيه الطامعون الذين يتسلقون ليقطفوا أثماري .. وواعظ كالثعلب يجيد المكر ثم ينهب خيراتي .. وذاك ناصح يزعم الصلاح لو مر بأموال الأنبياء يسرق ولا يبالي !. هم الأثرياء في بلدي يجلبون الموت لشعبي وأطفالي .. ويركضون فوق جماجم الفقراء والأطفال ليقتلوا الناس بالتوالي .. كم وكم من زاعم يزعم التقوى والصلاح ثم يهجر الصلاة في مساجدي .. يظهر النفاق لينهب المزيد والمزيد ثم لا يبالي بالمنادي .. الاسم مسلم والفعل كافر يمزق شريان الفضيلة بحيلة الأغاني .. قلت لها كفاك أعذاراً يا أرض وطني فأنا قد يئست منك فاتركيني وشأني .