جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بسم الله الرحمن الرحيم
وهــل كنـــت ناسيا يا أيها الناقــر للناقوس ؟؟
لقد رأيت ملامح الساحل الآخر فلا تذكرني بفحواها .. أراك تشير بالبنان كأني لا أراها .. فيا صاحبي دعني وشأني فإني لا أفقد ذكراها .. وتلك أبواب السحاب تلوح بالأيدي وترحب بالأحضان .. إغراء يرفض الاستجابة من هارب يهرب من ضحاها .. اللحظة قد شارفت علاماتها .. والشمس حين تشرق تتعاظم مقداراً وشأناً بقدر يمنع التعامي .. فلما الإصرار على ترديد أنغام وألحان لا تحبها النفس ؟.. ولما الإصرار على نواقيس تدق بالليل والنهار ؟.. رسائل تلو الرسائل توحي بالدنو والاقتراب .. ومهما نتوسد وسائد النسيان يجري المذاق في اللسان !ّ .. وتلك الأيدي تتنازل رويداً ورويداً لتفارق أيدي الرفاق .. كانوا ذات يوم في معية الدرب والوفاق ! .. يضحكون ويمرحون وكأن الدهر لهم أبدي لا يعرف الزوال والافتراق .. وقد رحلوا دون عودة تعني الأوبة للماضي الذي قد فات .. كيف ينام القلب مطمئناً وذلك الساحل يقترب مع كل خطوة للدقائق والثواني ؟.. والشاغل المحير أن الراحل للساحل لا يعود ليكشف الأسرار .. تلك الطلاسم لأسرار القادم الوشيك !.. فكم من راحل للساحل الآخر يعد بالعودة حاملاً الأسرار والخبر اليقين .. فإذا به يخلف الوعد ولا يفي بالأمر وكأنه لا يبالي ولا يريد !.. فيا ترى هل يتعمد الإخفاء أم يجد النفس في عالم جبروت يحتقر عالم الأحياء ؟.. ولسان حاله يقول : لو رأيتم ما أرى لما فكرتم لحظة في ماضيكم يا أهل الدنيا ولو لثانية !.. فذاك عالم غير عالمكم .. وأحوال لا تخطر في خواطركم .. ونوازل لا تطرق قلب بشر ولا يرد في خيال عبقري .. كيف يصف الواصف مستحيلاً يفتقد القرائن كما يفتقد معالم التشبيه والتمثيل !! .. والنفس دائما وأبدا تتساءل في حيرة عن مواصفات المآل .. فيا أيها الراحلون الموتى نبئونا ولو بمقدار يشفي الغليل .. نبئونا بحرف يمنع الحيرة ويسكت علامات الاستفهام .. منذ نشأة آدم عليه السلام وحتى لحظة آخر مولود يولد يرحل الراحلون دون عودة تقول القليل .. أين الذين كانوا وأين الذين صالوا وجالوا ؟؟ .. والمسار كأنه في ثقب أسود يبتلع كل راحل حتى الأثير !.. وكل من يعانق ذلك الثقب المستحيل لا يفلت من المصير .. قوة فوق طاقة العقول والتفكير ! .. وهي قوة ربانية تعجز الاجتهاد والترجيح !.. والصورة تمثل هالة تجلب المخاوف إلى السرائر والنفوس .. تلك المخاوف التي ترافق الأعمار من المهد إلى القبور .. أيها الناقر للناقوس كيف تريد تذكيري بأمر هو يعانق أنفاسي ؟؟ .. يحاورني في كل لحظة ودقيقة .. وحين أضحك يقول لي كيف تضحك وأنت لو تدري ؟؟ .. وحين أبكي يقول لي لو كنت تدري لبكيت من بدري .. وأنا أغازل الحياة وكأني لست في قائمة الأسماء ! .. أرى النعوش ترحل للقبور ولا أرى الذات في جملة الركب والراحلين ! .. يذهبون بها لساحة السؤال وأنا أمرح كأني معفي من ذلك السؤال !.. يا مسكين كم تهدر اللحظات في فراغ أنت لا تعرف قيمته .. والذين قد علموا القيمة يقولون لك يا ليتك أفنيت تلك اللحظات في تسبيحه تنجيك من عذاب يوم عظيم .. يا غشيم أنت تملك تلك السانحة ثم تهدرها في غفلة .. ونحن لا نملك تلك السانحة ثم نقول يا ليتها كانت لنا حتى نزيد في مقدار الموازين ! .. والإنسان جدل موبوء بكثرة السهيان والنسيان .. وهو الذي يتجاهل المغبة رغم أنه قد تلقى الدعوة والإعلان .. وتلك الرسالات السماوية كم قالت ثم قالت !!.. وهؤلاء الرسل كم بلغوا ثم بلغوا وما استكانوا !.. لقد أنذروا بموجبات التحذير والإنذار .. كما أنهم بشروا بموجبات التبشير التي تعني الجنان !!.. ومع ذلك فالإنسان هو ذلك الغافل الذي يمتطي سروج الاستهانة والنكران .. لا يستجيب رغم التحذيرات ويتغافل رغم الوعود بالتوبة والغفران .. جاهل يستهلك العمر في التيه والضلال .. ولا يركض خلف جنة عرضها السموات والأرض !.. فيا حسرة على العباد الذين يرون مخزون الأعمار يتناقص منذ لحظة الولادة ثم يكون الفناء والانتهاء !.. وتلك السنوات والشهور تتراجع عند كل زفير وشهيق وهم في غفلة ساهون !!.
هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .
ساحة النقاش