<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
بسم الله الرحمن الرحيم
مـــــا هـــــذا العصـــــر العجيــــــــب ؟؟!
هي الدنيا كعادتها تجاري الأهواء ؟ .. لا تنصف عاقلاً لمعطيات العقل .. ولا ترفض جاهلاً لمعطيات الجهل !!.. إنما تلاحق أمزجة التملق والرياء .. جاحدة لا تعرف الإخلاص .. ظالمة لا تعرف العدالة .. الأفضلية لديها لمن يجيد النفاق .. وتلك سروجها مبذولة متاحة لكل طامع محتال .. ومناهجها تمثل شوائب تصبغ الأغلفة والمتون .. ومهما تدعي الوفاء فهي الدنيا التي أفعالها تفضح المحاسن والأحقية .. تلك التي تمثل عدة الخلل في موازين القسط والإنصاف .. وقد تعبدت طرقاتها بلبنات الاعوجاج .. بالقدر الذي يندي له الجبين .. ومناسك العيوب فيها تعد زينة الطامعين .. وتعد مرتعا خصبا للمتسلقين والانتهازيين .. حيث هي الدنيا التي تمثل الجنان للخبثاء وأصحاب النوايا الظالمة المظلمة .. ومن سخرية الأحوال أن السيطرة فيها تكون عادة لمن لا يستحقها من صنوف البشر .. تلك الصنوف التي لا تملك أرجلاً للثبات ولكنها تملك أيدي للتسلق .. والمرء العفيف فيها يكون مرتبكاً وحائراً يكتوي بعلامات الدهشة والاستغراب .. ويواجه المتناقضات عند كل زاوية ومنحنى .. والمزيد والمزيد من السنوات تولد من أرحامها المزيد والمزيد من علامات الويل والحسرات .. حيث تتعاظم مشاهد الصور المقلوبة والمعكوسة .. وحيث تتفشى مظاهر اللامعقول .. علماء بغير علم وحكماء بغير حكمة .. وقادة بغير استشارة وتفويض ومشورة .. وأثرياء بغير مؤهلات الثراء .. وفقراء بغير موجبات الفقر .. وتلك علامات العصر حيث محنة الأغلبية التي تسكن خيام التهميش .. وتشتكي الفاقة قسرا وجبراً .. في حين أن الأغنياء يرثون الثراء رغم الإفلاس عقلا وفكراً .. فماذا تبقى من العجائب في عصر العجائب ؟؟ .. وهو ذلك العصر الذي ينادي بألوان التناقضات سرا وعلناَ .. فيه تحدث المستحيلات التي لا تخطر على قلب إنسان .. وفيه تقع أشكال المظاهر التي تراوغ الألباب عجباً .. عصر فيه يموت الجائع جوعا والرزق ما زال مقيداً بالأغلال .. ويموت العطشان عطشا والماء ما زال يجري تحت الأقدام .. وقد تتجرأ المفضوحة الساذجة وتنادي بأنها هي مريم العذراء .. كما قد يتجرأ القاتل المأجور وينادي بأنه من الأنبياء !.. والحرمات في هذا العصر تباح بحجة أو بغير حجة توافق الكتاب والسنة .. فذلك السارق الناهب قد يملك في كفه مستندات العفو والرضا .. في حين أن العابد الزاهد قد يلاحق لأنه يلازم الهداية والتقوى .. ومن أعجب المظاهر أن المرشد الواعظ قد يزرف الدموع فوق المنابر ثم يستورد الممنوعات بالحاوية .. فهو ذلك العصر العجيب الذي يلزم العفيف الشريف أن يلازم العتاب مدى العمر والدهر .. وقد تجبره الأحوال أن يغرق دائماً في الضحك والبكاء .. عصر لا يسلم فيه طفل من لسعات البوائق .. ولا يسلم فيه شيخ من طعنات الأراذل .. الفسوق والانحلال فيه أصبح من صفات المحامد .. أما الرزانة والعفة والفضيلة فأصبحت من صفات التخلف والرجعية .. والذي ينادي بمسالك ومناسك الصالحين والمصلحين في هذا العصر فهو مغضوب عليه ويطرد من ساحة الشهداء .. ومغضوب عليه لأن نعته يدخل في خانة ( أنهم أناس يتطهرون ).. ويتهم بأنه لا يجاري حضارة العصر والمثقفين !! .. فيا عجبا من حضارة المهازل ّ!! .. حيث حضارة المحاسن المزعومة !! .. وحيث حضارة الإفك والكذب والضلال !! .. العيوب فيها تعد تمجيداً للعائبين المفسدين .. والسقوط فيها يعد مدحاً للساقطين .
ساحة النقاش