<!--
<!--<!--
بسم الله الرحمن الرحيم
أنسجة القـوة والمقـدرة لا تخلو من خيوط العناكـب !!
كمال القوة لله وحده .. وكل قوي لا يخلو من نقاط الضعف .. فلو استحالت مقاومة الجهد بالجهد يكفي مجرد الإنكار بالقلب .. وذلك هو أضعف الِإيمان .. ولا بد من نزعة تراود النفس بامتطاء الحصافة .. كما لا بد من نزعة تخلق الأسباب .. وتلك النزعة قد تفتقد الجرعة الآنية .. ولكنها نزعة قد تدوش المعتدين مهما كانت مقدراتهم .. وتؤكد بأن الإنسان ما زل على قيد الحياة .. ورغم أن السيف قد يتواجد بالغمد وليس بالكف إلا أن الإشارة قد توحي بمخاطر المآل .. ويقال في الأمثال أن علامات النظرات الحادة للمجلود قد تربك الجلاد ِ.. وأن رزاز الأمطار رغم هشاشتها قد تعيق تقدم الحرائق .. وأن المصارع الطاغي المتمكن قد يخشى من عضة المصروع الذي يرضخ تحته .. وسبحان الله تعالى فقد يضع سره في أضعف مخلوقاته .. لكل حصان كبوة ولكل حريص هفوة .. ومكامن المقدرات لا تخلو من خيوط الضعف .. كما أن متانة الأنسجة فرضية تفتقد الكمال .. فلا بد من نواحي تشتكي الوهن والهزال .. كم وكم من الجبال تخشى الزلازل رغم الثبات والاستقرار .. وكم وكم من العواصف التي تقف عاجزة عند مواجهة أقزام التلال .. فلكل شأن قوة تؤكد المقدرة كما ِأن لكل شأن ناحية تفضح بالنقصان .. ورب حكيم محنك بالفراسة يرى ما لا يراه الآخرون .. فقد يرى معالم العيوب في اللوحة البيضاء .. كما قد يرى معالم الانفطار في الصخرة الصماء .. وقد يلتمس علامات الضعف لدى الأشداء .. كما قد يحس بنبرات الوهن بين أصوات الأسود والسباع .. والعاقل من يتيقن أن كمال القوة والجبروت لله وحده .. فلو اجتمع الإنس والجن لا يضرون ولا ينفعون إلا بأمر قد كتيه الله .. والأسباب قد لا تقي عند الفواجع ولكنها ضرورة لا بد أن يبذلها العقلاء ِ.. والشواهد قالت كثيرا أن القوة لا تفيد على الدوام .. ومن الِأمثلة يقال أن أعمى قد تسبب في مقتل الفارس العبسي عنترة بن شداد .. والقول ما زال في ذمة القائلين .. ولكن تلك المقولة تؤكد أن الضعيف قد يهلك القوي الجبار .. وكذلك النمرود رغم الصيت والمقدرة والبطش كان هلاكه على يد بعوضة لا تحتسب عند الأوزان ِ.. وهي يعوضة مقدراتها لا تقاوم النسمة العليلة .. إشارات كلها تؤكد عدم الاستهانة بالضعاف من خلائق الله .. فالأقزام قد تحدث أثراَ في جبين العمالقة .. كما أن صيحات الضعفاء قد تجلب الانتباه عند المذابح .. وهي صيحات قد لا تذهب هدرا أدراج الرياح .. ورب يد تكمم الأفواه ظلماَ قد تصاب بعضة تبتر الِأنامل .. فلا يجوز الاستهانة بثقل الكائنات مهما صغرت أو كبرت ِِ.. وتلك حقيقة تمنع الاستكانة عند وقوع النوازل والمحن .. فلا بد من بذل المقدور بالقدر الذي يؤكد التواجد في الوجود .. وبالقدر الذي يطرد علامات الخضوع والإذعان والاستكانة .
ـــــــ
الكاتب السوداني ِ/ عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش