بسم الله الرحمن الرحيم
القمــر والأحـداث !!
أعين القمر تجول في الأسرار .. أعين ترى مالا يخال في الخيال وما لا يخطر في قلب إنسان .. كم شاهدت مراجل الشمس تغلي وتفور بثورة الاحمرار .. وتلك ذوائب الحمم تناكف الجحيم عنفواناَ بالشرار .. أنهر من نار تجري لتلاحق المسافات على مدى المـدار .. لهباَ ولهيباَ ونيـراناَ تؤكد الكمال في قوة الجبـار .. وقد شاهدت زلازل الأرض تغتال السكون والهدوء لتبيد تلك القرى والأمصار .. والبراكين في الأرض تفقد الصبر أحياناَ ثم تزمجر وتعربد وتجور بالانفجار .. ونيازك الكون تشق عباب السماء شاردة ثم تنذر بالبطش والانشطار .. وتلك جحافل الأعاصير والعواصف تجتاح الأرض براَ وبحراَ لتتلاعب بالسهول والبحار .. لحظات تؤكد الغضبة الكبرى حيث حقيـقة الهيمنة والاقتدار .. تعقبها لحظات رحمة ورقـة ورأفـة من خالق يجود بنعمـة الأمطار .. حكمة بالغة ومعجـزة من معجـزات الواحد القهـار .. خيرات من نوازل الفيض والإكرام والعطاء تبذلها أرحام الرعود والبروق والشرار .. بعـدها يتدفق زلال الماء شـغفاَ وإخلاصا ليشكل البحار والأنهار .. وتلك قوافل السحب تترفل شموخاَ وعـزة لتحلق فوق الروابي والأقطار .. ثم تنهال عفواَ وسماحة لتعطر الأجواء بنـوازل الأمطار .. فيا لها من نعمة تغطي قتامه الأرض شملاَ يكسوها ببساط الاخضرار .. ثم تـلك المروج تنـوء بالحياة بعد الجدب حيث النجيل والأشجار والأزهار .. كـر وفـر في معطيات الكون يـلازم الأحوال بشيمة التكرار .. غضبة تعقبها رحمة وإمساك يعقبه جود بعـد طـول الانتظـار .. فتلك سنن الأحوال في الكون لا تعـرف الثوابت مثل ثوابت المسمـار .
وأعين الناس كأعين القمر ترى ما يسر القلب أحياناَ كما ترى ما يغم بالإضمـار .. وتلك نوبات الحياة تجـود بالبكاء تـارةَ كما تجود بالانشراح والانتصار .. فكم في الليالي تتلاقى القلوب تحت ضياء القمر حيث لحظات الأحبة والسمار .. وكم في الليالي تموت الأنفاس كمدا حين تغـدر القلـوب في المشـوار .. فتـلك الليالي جدل تراوغ فيه الأنفس بالكثير والكثير من الأسرار .. وحيـدة تجتـرع مرارة الأحزان في جوفها ثم تخفي أسرارها عن الأنظار .. وأخرى مخدوعة تسرح بأغنام إبليس في الخيال ثم تقف بأغنامها عند حافة الأسوار .. وثالثة تنادي بخل يلازم العمر بالحلال حتى مشارف الأعمار .. ورابعة تحن لذلك الماضي حيث الخل الذي يرحل في ذمة الأقدار .. أرملة تؤرقها الذكريات فتجري دموعها بالمدرار .. وأخرى تبشـر بخطيب فإذا بها تمضى الليالي في نشوة الأفراح والانتظار .. وعاشق يهجر النوم مساهراَ ليفضح الأسرار بالآهات والأشعار .. وآخر يرسم المحال في الخيال حتى ينال مرغوبا يلطخ الصيت بالخزي والعار .. وكم من جاهل غافل يركض خلف الدنيا تلك الفانية وينسى لحظة الموت والإقبار .. يفني العمر في خيبة الآمال حيث ذاك الحلم بالأضواء والأنوار .. وذلك اللص يسرح في الليالي ليسرق متاع الآخرين من فوق الجدر والأسوار .. وذلك الشيخ العابد الوقور يخشى الإله ثم يلزم التقوى والعبادة في جـوف الليالي والنهار .. فتلك الليالي تدوم وهي تحمل في طيها أسرار الخلائق في مآرب الأخطار .. وتلك أعين القمر تشاهد الأحوال دومـاَ ثم تشتكي من كثرة الأسرار .
ـــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش