بسم الله الرحمن الرحيم
الأسـرار خلــف البحــار !!
النظرات ترحل وتسافر نحو الآفاق .. هنالك حيث هم خلف جدار البحار .. واللوعة مكتومة تحت غطاء الأحزان .. والآمال تراوغ في أقدار تجمع الأزمان وتحذف المسافات .. والقلب قد كل ومل من حمل الأسرار .. يتألم وجداَ ويعيش في دوامة الأشجان .. يجهل المآل والمصير كما يجهل مصب النهايات .. فتلك هي الأنات وتلك هي الزفرات وتلك هي الآهات .. واليقين أنهم في كنف المجهول خلف ضباب الشك والسراب والأوهام .. وطائر النورس مثلي ينظر في عمق المسافات .. حائراَ يتفقد الأثـر دون دليل يكشف سر المتاهات .. ومهما ينظر في الآفاق يرتد إليه البصر خائباَ معترفاَ بقمة الخسران .. وهو يعلم يقيناَ أنهم في مكان مجهول خلف جدار البحار .. أواسيه ويواسيني ولكن ماذا يفيد أسير لأسير في قبضة السجان ؟ .. كلنا في الهم شرق ولا يفرق الإنسان في الهم عن ذلك الحيوان .. بل هو ذلك الطائر الذي يملك الأجنحة والقادر على طي المسافات والأزمان .. فأفرد جناحيك يا طائر الحزن وطر بعيداَ فقد تلتقي بهم في زحمة الأيام .. أما أنا فأسير قيدي وذاك قيدي يمنع الإقـدام .. وأعلم في يقيني أنهم غدروا محبوساَ في ذمة الأوطان .. سلبوا الفؤاد وقد رحلوا دون ذاك الخل في الحسبان .. نسوا وتناسوا ماضي الذكريات وقد جازوا ذلك الماضي بشيمة النكران .. ولكن قلبي ذاك صلف عنيف يرفض النسيان .. يرتجي السراب أملاَ مؤملاَ وينظر دائماَ خلف جدار البحار .. فربما ترسو سفينتهم ذات يوم بعد طول الغيبة والهجران .. وعندها يرقص القلب طرباَ بنشوة الفالت السكران .. نازلة من نوازل القدر تبدل موجعات الأحزان .. وعدالة من نفحات السماء تعدل كفة الميزان .. أو أمضي العمر والسنين والأيام عند سواحل الأشواق والحنـان .. فذاك قسم في الماضي حيث الوفاء والإخلاص حتى لحظة الإقبار والأكفان .. وعندها سقطت دمعة حزينة من خدود النورس الولهان .. فقلت له صبراَ يا طائر الحزن فلا تشتكي من مرارة الفقدان .. أما أنا فقد نضبت عندي منابع الدمع في المحاجر وقد جفت بؤرة الأجفان .
ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش