بسم الله الرحمن الرحيم
يـا جاهـلاَ بالعبادات إلى متى تـلك الخزعبـلات ؟؟
جدل يتخطي المعقول حين تكون الصور مجرد أوهام تعشش في أذهان الجهلاء .. واجتهاد ضحل لعقول ضحلة تواكب الحياة في جهالة منذ المولد وحتى لحظة الإقبار .. فئات من الناس تائهة في أروقة الضلال والبدع والخزعبلات .. وعند كل وقفة من مواقف العلوم والمعرفة لديهم تلك الصور الخاطئة المغايرة للحقائق .. ومع ذلك فإن تلك الفئات والجماعات تتطرف بشدة وتتمسك بتلك الأوهام والفريات وتعضض عليها بالنواجذ .. وكل من يخالفهم الرأي أو كل من يجتهد في تصحيح تلك المفاهيم فهو لديهم بمثابة ذلك الخصم اللدود !! .. مجتمعات كاملة تنتشر فيها أنواع من الأفكار والمعتقدات الخاطئة المظلمة .. ولا تكتفي تلك الأفكار والمعتقدات الخاطئة بالأمور الحياتية العادية ولكنها تتعدى لتشمل الكثير من جوانب العقائد والتوحيد والعبادات .. وعندها تكمن الخطورة حيث الإفتاء حسب الأهواء .. وحيث العبادات المخالفة لسنن الرسل والأنبياء !! .. وفي هذا الشهر الكريم ( شهر رمضان العظيم ) للبعض من الناس أفكار عجيبة تناقض الحقيقة وتناقض المعقول .. وخاصة عندما تكون السيرة العطرة عن ( ليلة القدر ) .. وهي ليلة خير من ألف شهر .. نجد في بعض المجتمعات الإسلامية مفهوماَ ضحلاَ عن تلك الليلة المباركة .. حيث يتنافس البعض من الناس لإدراك تلك الليلة المباركة ليس بالعبادة والصلاة والذكر والدعاء والتهجد ولكن بالتسلل خلسة عند أعقاب الليالي القمرية والتجوال في الحقول والمزارع ليعانق الليلة المباركة وجها لوجه على حد زعمه !! .. وحيث يتحدثون عن تلك العلامات المزعومة التي تتجلي للعبد الصالح عند اللقاء بليلة القدر !! .. ومن تلك العلامات المزعومة أن الأشجار والنباتات والأعشاب كلها تنام على الأرض حين تتجلى ليلة القدر في الساحة !! .. وفي تلك اللحظة النادرة يجب على العبد الصالح الذي يخالفه الحظ أن يدعو بما يشاء .. والحديث بعد ذلك يدور عن هؤلاء الأفراد المحظوظين الذين أصبحوا من الأولياء الصالحين وقد أدركوا تلك اللحظة السعيدة في حياتهم .. كما يتحدثون عن الآخرين الذين اجتهدوا كثيرا ولم تخالفهم الحـظوظ !! .. وعليه نجدهم يتسابقون سنوياَ بالحرص على التجوال في الحقول والمزارع في ليالي العشر الأخير من رمضان !! .. ويا ليتهم أحرصوا على العبادات والصلاة والذكر والقيام والتهجد في تلك الليالي المباركة .. والمحصلة أن تلك الصورة الضحلة لمفهوم ليلة القدر لدى البعض أوجدت الكثير من الروايات والقصص والأساطير .. ومن تلك الروايات الغريبة التي تحكى عن لحظات اللقاء بليلة القدر أن فتاة بكرة كانت تحلم أن تكون لديها أطول وأجمل شعر رأس في العالم .. وعندما تجلت لها تلك اللحظة ذات ليلة من ليالي القدر ارتبكت شديداَ ثم قالت أنها تتمنى أن تكون صاحبة أكبر رأس في العالم !! .. ثم فجأة وجدت نفسها راقدة على الأرض وهي لا تستطيع أن ترفع رأسها حيث ذلك الرأس المهول الذي لا يقدر على رفعه عشرات الرجال !! .. ذلك النوع من الخزعبلات تنتشر كثيراَ في أروقة الجهل والجهلاء في مناطق العالم .. وهنالك أمثلة أخرى كثيرة عن شعوب وأمم تعبد الله على جهل وضلال .. وتفني الأعمار في عبادات لم ينزل الله بها من سلطان .. رجال حفاة يلبسون المرقوع من الملابس ثم يظهرون التزهد والصلاح .. وبعد ذلك يهدرون الساعات تلو الساعات والأيام تلو الأيام بين القبور والأضرحة في شطحات وهمهمات .. وهم بذلك يزعمون الذكر والعبادات .. وكلها مخالفة لذكر وعبادات سيد الرسل عليه أفضل الصلاة والتسليم .. والمسلم الفطن العاقل هو ذلك الحريص الذي يجاري الكتاب والسنة دون شطحات واجتهادات .. ويتخذ العبادات بالصورة المطابقة لعبادات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم دون زيادة أو تحريف أو نقصان .. والمحك الأعظم في هؤلاء الناس الذين يجعلون الدين جدلاَ وعنادا ثم يصرون على المواقف الخاطئة حتى الرمق الأخير .. فهم بذلك يوردون الأنفس للتهلكة .. والدين ليس ملكاَ لأحد من البشر حتى يكون موضع خصومة وعناد وجدل .. ولكن الدين عقلانية تتطلب الحكمة العالية في إتباع الصراط المستقيم .. ذلك الصراط الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة .. وهو الصراط الذي ينجي صاحبه من ويلات النار .. ويوم القيامة لن تنفع الناس كثرة الجدال والعناد والتطرف .. ولكن تنفع الناس تلك الأعمال الصحيحة السليمة الموافقة لأذكار وعبادات وأعمال وخطوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .. والآيات الكريمة بجانب الأحاديث النبوية الصحيحة تؤكد بأن الدين مكتمل وليس في حاجة لاجتهاد المجتهدين بالزيادات أو النقصان أو التحريف .
ـــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش