بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حين يختفــي أهــل الســاحات   !!

     النهايات هي القمة في مسميات القسوة .. حيث تفقد الساحات أبطالها وأهلها .. وتسود مضارب الصمت التي توحش أركان الحياة  .. فالويل للنفوس حين تجول في مقابر الذكريات .. عندما لا تلوح في الآفاق إلا الأطلال والآثار ..  وعندما يختفي الممثلون عن منصات المسارح .. وتلك البواقي من أنفاس الحياة توحي بمشارف الخواتم .. حيث علامات النفاذ والانتهاء .. والحقيقة تكون قاسية عندما تنتهي مراحل الحياة بالحرث ثم الزرع ثم الحصاد .. وتلك صور الأحداث تنتهي بالتحول والتبدل .. لتخلو الساحات من أصحابها وأهلها .. وتلك البيوت الهانئة العامرة تفقد الماضي الذي كان يسود بالمودة والمحبة حين تخلو من وروادها وأطفالها .. وتلك طيور الجنة بعد اكتمال النماء تهاجر مبتعدة عن أوكارها .. أفراخ حين تكمل أجنحتها تغادر أعشاشها .. تاركةَ خلفها فراغاَ قاتلاَ يسمى الذكريات .. صورة مؤلمة حين تختفي صدى الضحكات والصيحات واللهو المباح .. مظاهر كانت تجلب السعادة والراحة للنفوس بالتواجد الوفير ..  الذي كان يوحي بأبدية الأفراح والهناء .. فالنهايات دائماَ تتمثل لتوجد لحظات البكاء والذكريات الموحشة .. والأنفس تنالها الحسرة حين تسدل الستائر وتتغير المسارات  .. وتختفي عن الأنظار أبطال المسارح .. كما تختفي معالم الوجوه الطيبة النيرة المعتادة .. لتتحول الأحوال من حال إلى حال .. وتتبدل منابع الحياة من ساحات أجيال كانت قائمة لتكون في ساحات أجيال جديدة .. وتلك هي سنة الحياة حيث الدوام في إكمال مشاوير البقاء ..  والنهايات تكون مؤلمة حين تصل لحافة الذكريات .. والمظاهر والمعالم تتبدل لتوجد واقعاَ غير ذاك المعتاد .. حتى أن تلك الأسواق التي كانت تعج بالخلائق ذات يوم قد تختفي عنها نهائيا تلك الوجوه التي كانت تملك الساحات ذات يوم .. البائع ليس ذلك البائع .. والمشتري ليس ذلك المشتري .. والأحوال ليست الأحوال ..  وقد تندثر تلك الأسواق لتكون قاحلة كئيبة موحشة تخلو من روادها .. لا بائع يبايع ولا مشتر يشتري ولا أرفف تئن ولا سلع تعرض وتباع  .. فقد مضت أحوالها وأزمانها .. حيث صال فيها الصائلون وجال فيها الجائلون وساوم فيها المتسامون .. ثم رحلوا إلى عوالم الصمت خضوعاَ لشرعة النهايات  .. لتبقى بعد ذلك الصور المجردة في القليل من الأذهان .. تلك الصور التي تجلب الأشجان وتجلب الذكريات المحزنة المؤلمة .. وكذا الحال مع رفاق الدرب في مقاعد العلم والدراسة حيث الأيام الطويلة في معية السراء والضراء .. وكل مرحلة دراسية بأهلها وأحداثها .. تلك الأحداث التي تعني الرفقة المتلازمة لسنوات محدودة .. حيث سيرة  الزمالة والإخاء .. وحيث مشاوير الأحداث بمراراتها وحلاوتها .. أيضاَ تجري عليهم سنن النهايات فيختفون عن ساحات العيون بانسيابية مبهمة .. واحداَ تلو الآخر ليدخلوا في أضابير الذكريات .. فتتوق إليهم الأنفس كثيراَ .. وقد لا تهنأ العيون باللقاء بهم مرة أخرى في هذه الحياة .. وكذلك رفقاء العمل والوظيفة في المرافق والمكاتب حيث تدور عليهم الدوائر فيختفون عن ساحات العيون رويداَ ورويداَ .. وفي مراحل قد تختفي مسارح العمل والمؤسسات نفسها عن الوجود لتبقى مجرد الذكريات الموحشة .. وكذلك الحال حين نذكر رفقاء الطفولة ورفقاء الصبا ورفقاء الشباب والكهولة .. تجري عليهم سنن النهايات المؤسفة .. ليدخلوا في أضابير الذكريات التي تجلب الدموع في بعض الأحيان ..  ولذلك فإن أشد المتاحف مرارةَ وقسوة هي متاحف الذكريات .. حيث تمثل العناقيد الخالية من حباتها .. تلك العناقيد التي تفقد أفرادها وأصحابها وتشتكي من الخواء .. ولكن آثار وبواقي تلك الحبات والخلايا تسبب الكثير من آلام وأوجاع الذكريات   .. فالنهايات عادةَ تمثل حائط الماضي الحزين ..  والنفوس دائماَ تهرب من تلك اللحظات التي تعني النهايات والذكريات .. لأنها تعيد إلى الأذهان أحداث الماضي التي توقظ الأشجان .. والناس عادةَ لا تحب المرور بمقابر الذكريات .. لأنها تعاود صور الماضي المندثرة إلى الأذهان مرة أخرى  .. ولا حيلة للإنسان أن يعيد سيرة الأحداث إلى الواقع من جديد .. فلن تعود مراحل الطفولة .. ولن تعود مراحل الصبا .. ولن تعود مراحل الشباب .. ولن تعود مراحل الحياة من جديد .. فأحداث الحياة مثل قاطرة لا تعرف التراجع في مسارها .. لأنها قاطرة منزوعة السكك من الخلف .

 

ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 104 مشاهدة
نشرت فى 19 يوليو 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

764,530