بسم الله الرحمن الرحيم
رمضــان وأقســاط مريحــة !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيهم أحرى بالبكـاء ؟؟؟
أيهم أحرى بالبكاء والدموع ؟ .. مجبر يقبض الجمر في الكف أم متفرج ينتشي برائحة الدماء ؟؟ .. منحوس يسبح في برك الشقاء أم متنعم مترف في كتفه عباءات الرضا والولاء ؟؟ .. فذاك يطأ جمرة النار تحت الأقدام .. وذاك يجتاز جسور السعادة في ظلال الأحلام .. مناكف يناضل الحياة جرياَ وقتالاَ ليحيا بين الناس في سلام .. يتقي الويلات بالصبر ويتفادى موجبات الدموع والأسقام .. يضحك القليل ويبكي الكثير حتى يواكب الحياة بين الأنام .. ومتنعم تضحك الدنيا له وتناجيه بالقول خذني بالحلال وبالحرام .. إذا أغمض العينين ونام كانت أحلامه المعالي ينالها متى ما يصحو من المنام .. وذلك يفني العمر في أضغاث أحلام وأحلامه تدور حول فتات الطعام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذاك الشبل من عرين العـز !!
كان الطفل ذلك الصامد الرصين .. عزيز نفس لا ينحني لنداءات الفطرة الرخيصة .. وقف جامداَ يلتزم الوقار والكبرياء .. ونظرة القناعة تملأ العينين .. أبى أن يركض مع الراكضين حين قالوا نلاحق فتات الوليمة .. ركضوا جميعاَ وقد تنازلوا عن مقامات وعزة نفس تعني التعالي عن النقائص .. وقد صمد كالجبل ملازماَ هيبة الرجال أصحاب العزيمة .. والأسود دائماَ هي التي تصطاد وتأتي بالصيد ولا تتناول مما تصطاده الثعالب والضباع الهزيلة .. وهو ذلك الطفل من عزيز قوم لا يلتقطون أبداَ سواقط الثمار للهوام .. وهي قد تكون مبذولة للمساكين والفقراء .. قوم عزيز لا يشرأبون لإطالة الهبات والحسنات .. سروجهم دائما وأبداَ فوق ظهور السحاب .. إذا تنازل السحاب يوماَ ليعانق الثرى فإن أقدامهم ترفض أن تلامس التراب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السجان في ذمـة المسجون !!
قال السجان : يا ابن الأعيان أنت محكوم عليك بحكم القضاة .. ولذلك فأنت محبوس في زنزانة سجني .. وأنا السجان معدم ومحكوم بحكم الأقدار .. أرى نفسي مسجوناَ في سجون الظروف والأحوال .. تملك في خزائنك كنوز قارون وأنا لا أملك إلا مفاتيح سجني .. فإن أعتقتك حراَ فهل تعتقني من قيود الفاقة والحاجة ؟ .. فقال المسجون : ويحك يا هذا فتلك رشوة تبذلها وتريد ما يعادلها .. والرشوة لا يحق لنا ولكم .. والأقدار تجري وفق المسطر في الأزل .. وتلك الأرزاق تدخل في مشيئة الله رب العالمين .. حيث يهب من يشاء وفرة الرزق .. ويقتر الرزق عن من يشاء بحكمة الرب .. وليس من حقك أن تحكم فوق حكم القضاة والعدالة .. وليس من حقي أن أتطاول فوق حكمة الرب .. ولكني تأدباَ مع لله سوف أحسن إليك وأتصدق عليك من أموالي دون أن تفك قيدي وأسري .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا تزدري الناس بالمظاهر !!
رب ضعيف قليل البنية هزيل الهيبة لا يملأَ العين مقداراَ ومقاماَ .. ومع ذلك إذا وضع في كفة المعيار والميزان فإنه يعادل الجبل في مناطحة السحاب .. يحمل في ذهنه من المعارف والعلوم ما يفوق كل التصور .. ويستوعب في عقله ما لا تستوعبه الكتب والأسفار .. يخدع الأنظار بالتواضع شكلاَ وجسماَ .. ويذهل العقول بالمعارف قولاَ وفصلاَ .. والناس تزدري الناس حسب المظاهر ولا تراعي الجواهر .. فرب مظهر لواجهة توحي بجمال وهيبة تكون مزيفة تغطي خلفها ميادين الجهل .. ورب لوحة متواضعة مشوبة بغبار الأرض تحجب خلفها أنوار العلوم والمعارف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إصلاح عيوب النفس أولى من إصلاح عيوب الناس !!
فئة من الناس تشتكي أبد الدهر وتلوم الآخرين على التقصير والفساد .. فهي أبداَ لا ترى نفسها مسئولة عن جانب من الجوانب .. ولا تساهم في إصلاح المعوج بالقدر المستطاع .. إنما تجيد فقط الثرثرة .. وتجيد توجيه اللوم والعتاب .. فكأنها في نفسها متبرئة من الإقدام وموكلة بالكلام .. فلو أعطت القليل من خطوات الإصلاح لكان خيراَ من اللوم والعتاب .. وأهل الحكمة يقولون : ( أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبـه صحـراء !!
عجباَ من ثري لا يزال بنهب حقوق الأرامل والأيتام ..
ولا يزال يسرق دموع الفقراء ليتفاخر بها بين الأنام ..
يفني العمر في الجمع ويبـكي حين يطالب بالإسهام ..
كالصحراء تمنع الزرع وتشتكي الجدب طوال الأيام ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أين تكمن العلة ؟؟
لا تشتكي من عداوة الناس لك فهي لا تعادي من غير علة ..
وإذا عادتك الناس فأنظر إلى صفاتك فقـد تكون هي العلة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ســوء التقديــر !!
النفوس قد تلتقي مع نصائح الشيطان .. عندما يرسم إبليس صور السراب في الخيال .. فيجمل مفقوداَ عالياَ مستحيلاَ .. ويقبح موجوداَ متواضعاَ في كفة اليد .. فإذا بالإنسان يطمع ويطيع النفس والشيطان دون عقل وتفكير .. فيهدم المتواجد المتاح ليوجد المفقود المستحيل !! .. وعندما يكمل الهدم يعجز عن إيجاد البديل .. ويفني العمر في الركض خلف ذلك الحلم المستحيل .. وفي النهاية ينفرد خالي الوفاض والكفين .. لا عش متواضع يمثل نعمة الظل .. ولا قصر منيف يمثل غاية الحلم !! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحـظ فوضى لا يلتـزم بالمواعيد !!
مسار الحظ عشوائي في حياة الإنسان .. وقد يلتقي الحظ بالإنسان فجأة عند منحنى من المنحيات والإنسان ليس في باله ذلك العناق .. وقد يجتمع الحظ مع الإنسان ثم يكون في المعية طويلاَ والإنسان يجهل ولا يدري به حتى يرتحل .. وقد ينتظر أحدهم ذلك الحظ طوال العمر أملاَ وشغفاَ والحظ يقاطعه حتى مشارف القبر .. وقد يطرق الحظ أبواب بعض الناس أكثر من مرة ومرة .. وأشقى الناس في الوجود من يجعل الحظ أكبر همه ومبلغ جهده وأمنياته .. ويقول أهل الحكمة العاقل من يجد ويكد بالأسباب لينال المراد مهما عظم .. والجاهل من يصطاد في بحر السراب ينتظر طويلاَ أملاَ في أن يضرب الحظ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الناس تعرف في ديارهـا !!
الإنسان متى ما خرج عن نطاق بيئته فهو ذلك المجهول .. وعزيز القوم قد يفقد نعت العز متى ما أبتعد عن أهل العرين .. فالموازين تكون عادلة في البيئة الواحدة حيث الإنسان يوضع في الرف المناسب حسب القيمة والمقدار الذي يليق .. والدخيل الجديد على البيئة هو مجرد ورقة مجهولة الهوية تتلاعب بها أيد الصغار والكبار .. وقد يجد المقدار الذي يليق به وقد يهان .. ورب عالم عظيم الشأن عند أهله لا يحتسب له وزن في ساحة الآخرين .. ويقال في الأمثال : ( الذي يجهلك أعذره ) .. واللبيب الفطن هو الذي يضع الشأن في الغريب المجهول قبل أن يقلل في الشأن والمقدار .. وعليه أن ينتظر قبل أن يحكم حتى تتضح المعالم .. ولا يجوز ازدراء الغريب لمجرد أنه يفقد هوية الصورة في الأذهان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفحات التاريخ تطوي الأحداث !!
من عادة الإنسان أن يفخم الحدث الكبير حين يقع ويتعجب .. ويجعل الواقعة أمرا جللاَ يستحق الوقفة .. وتلك صورة نمطية في عقل الإنسان .. حيث يخال إليه أن الكون يواجه كبيرة وأنه سيتوقف عن المسار .. ولكن الكون بنواميس ثابتة لا تتأثر بكبائر الأحداث أو صغائرها .. وتلك الحروب الكونية جرت بحذافيرها حيث الدمار الشامل الذي طال الكثير من المدن .. وحيث الملايين من الأرواح التي فقدت .. وحيث المليارات من الأموال التي صرفت .. ومع ذلك فإن الكون لم يتزحزح لحظة .. والنواميس لم تتأثر .. فالشمس هي الشمس .. والفجر هو الفجر .. والساعة هي الساعة .. واليوم هو اليوم .. والشهر هو الشهر .. والسنة هي السنة .. ولدت تلك الأحداث ثم نمت وترعرعت .. ثم نالت أوجها ثم رحلت مع جولات التاريخ وكأن شيئا لم يكن .. لتدخل ضمن محتويات الأضابير في صفحات التاريخ .. وقبل ذلك وبعد ذلك جرت أحداث وأحداث في هذه الأرض .. وكل حدث كان يأخذ قدراَ كبيراَ من التفخيم والتهويل من بني الإنسان ثم يتلاشى مع الأيام .. وتلك هي سنة الأحدث في الكون .. فهي تنتظر دور صفحتها في كتاب الأزمان والتاريخ .. وعندما تفتح الصفحة تدور الدوائر وتقع الأحداث وحينها يتعجب بنو الإنسان .. ثم تغلق الصفحة لينتهي الحدث ويرحل للأضابير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجتمعات بعاداتهـا !!
عادات المجتمعات تفقد الضوابط التي تجمع في البوتقة الواحدة .. فرب عادة حميدة في مجتمع من المجتمعات قد لا تكون كذلك في مجتمع آخر .. ولكن من الشائع بين الناس أن الدخيل الغريب يجب أن يجاري عادات الآخرين .. وبالعدم فإنه قد يتسبب في تجريح مشاعر الآخرين وإن كان لا يقصد .. وما أكثر تلك العادات في المجتمعات .. ولا يمكن حصر تلك العادات في سطور قليلة .. فهي قد تحتاج للمجلدات .. وتلك العادات فيها الكثير من المواقف الشيقة العجيبة .. ومن عادة بعض القبائل العربية أن من آداب الطعام أن يقوم الصغار من مائدة الطعام متى ما قام اكبر القوم .. فلذلك نجد كبير القوم دائماَ ينتظر طويلاَ حتى يشبع الجميع .. الصغار والكبار .. ومن عادات بعض القبائل الأفريقية عند اللقاء والسلام أن تجثوا الأطراف على الركب فوق الأرض على مسافة بينية تعادل عشرون متراَ تقريباَ .. ولا تصافح الأيدي بعضها .. ومن أعجب تلك العادات لدى بعض القبائل أن هاتك العرض والشرف ينتظره صاحب العرض عند الباب ولا يقتحم عليه .. فإذا خرج بالباب يقتل فوراَ .. إما إذا خرج بالشباك أو خرج عبر منفذ من المنافذ غير الباب فإنه لا يلاحق ولا يقتل .. ولكن يعد ذلك الموبق في زمرة النساء ولا يعتبر رجلاَ في عرف أهل المجتمع !! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواجـز المستحيـلة !!
الحواجز والسياج المادية قد تمنع المشاهدة وتمنع اللقاء .. وهي من صنع الإنسان تقام أو تزال حسب الحاجة .. وزمامها في كف الإنسان .. ولكن هنالك سياج مستحيلة قد توجدها القلوب حين ترفض .. سياج لا ترى ولا تشاهد .. معنوية غير مادية ولكنها في فعاليتها أشد قوة من سياج الصلب والفولاذ .. ولو أبى القلب وأوجد تلك السياج فلا تتواجد قوة في الأرض أن تهزم تلك السياج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليراع المتردد !!
مبدع تحاط به الأفكار والإبداع ليلاَ ونهاراَ وتناجيه بالإقدام .. ثم تحاصره الحيرة والتردد فيفقد العزيمة في الخطوة .. قلم في الكف على أهبة الاستعداد .. يريد أن يعطي ويبدع ثم لا يقول حرفاَ .. وتلك حيرة تقتل الحروف والإبداع بدل المرة مليون مرة .. وتقتل صاحب القلم الحائر بدل المرة مليون مرة .. مجابهة خاسرة قبل أوانها وحدوثها .. فهو ذلك الشغف المتلهف الذي يريد أن يعبر البحر ثم يخشى العواقب .. فلو تجرأ لحظة وتحدى البحر وخاض التجربة لوقف عند مكامن المخاطر ولأدرك مكامن المحاسن .. وكم في الوجود من مبدع فذ يقتل الذات والموهبة داخل الرحم قبل الولادة !!.. وتلك علة أنفس تفقد مهارة الثقة في الذات .. فيا حسرة على علة تدوس روائع الألماس في الأوحال !! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسافـات الجسدية الخاصــة !!
بالفطرة يوجد الإنسان حوله مسافات ومساحات لا تقبل التقارب أكثر من ذلك .. وفطرة الإنسان لا تقبل تلامس الجسد مع الجسد إلا في حالات مقدسة للغاية .. وتلك المسافات تقصر وتطول حسب صلة الإنسان بالآخر .. وهي مقدسة في جميع المجتمعات .. ويقال أن أقصر تلك المسافات الجسدية بين إنسان وإنسان هي تلك المسافة بين الزوج والزوجة .. وفي لحظات تكاد تنعدم تلك المسافة .. حيث المودة والرحمة .. ثم تلك المسافة المقدسة العزيزة المحددة بين الآباء والأبناء .. ثم تلك المسافة المقدسة التي تحد الأقرباء وأولي الأرحام .. ثم تلك المسافة التي تحد وتسمح بالأصدقاء والرفاق .. وبعد ذلك تتباعد المسافات بين الناس حسب المعرفة وحسب المواقف .. ولا تتقارب الناس تلامساَ إلا عند الضرورة القصوى مثل الوقوف في الصفوف .. ومثل الضرورات التي تفرضها زحام المواصلات في بعض البلدان المكتظة بالسكان .. ومن العجيب الأعجب أن الناس في ملامسة بعضها البعض كقطبي المغناطيس المتنافرين فهي تتنافر وتتباعد لمجرد توفر الفراغ .. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجلس أحدهم متلاصقاَ مع آخر لا يعرفه إلا عند الضرورة القصوى حيث لا مجال غير ذلك .. ولكن لمجرد توفر المساحة تتباعد تلك الأجساد تلقائياَ عن ملامسة بعضها .. ولله في خلقه شئون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكـل يعطـي ممـا يمــلك !!
شلالات فوق ربوة عالية .. تتدفق منها المياه العذبة الصافية النقية .. ومن حولها مروج خضراء تعج بأنواع الأزهار والورود والرياحين .. الأعالي منها تعانق السحاب ثم تشكل الضباب .. ذلك الضباب الذي يمثل سحر الطيف والألوان في الآفاق .. والقاعدة منها ينابيع تمثل جداول رحمة تجري في الأرض رحمة للعالمين .. فمر شاعر على تلك الشلالات .. فقال شعراَ عظيماَ يجسد ويصف روعة وجمال تلك اللوحة الفريدة ثم مضى في حاله .. ثم مر بالشلالات مهندس عبقري مبتكر فتعجب من قوة تلك المياه المتدفقة فقال لا بد للإنسان أن يستفيد من تلك الطاقة القوية المهدورة في توليد وإنتاج الكهرباء .. ثم مر على تلك الشلالات رجل الاقتصاد الذي نظر ملياً في الشلالات ثم قال لماذا لا نستفيد من تلك الشلالات في جلب السياح وجلب العملة الحرة ؟؟ .. ثم مر على تلك الشلالات رجل الجشع الذي قال حين رأي تلك الشلالات السخية الكريمة لماذا لا نقيم سدوداَ تحجب بها تدفق المياه .. تلك السائبة الضائعة هدراَ ؟؟ .. ثم نتحكم في زمام الأمور حيث العطاء بالمقابل !! .. ثم مر على تلك الشلالات رجل صالح يعرف الله جيداَ .. ثم وقف متأملاَ ومتعجباَ في قدرة الله وقال : ( سبحان الله بديع السموات والأرض ) .
( ورمضان كريم )
ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش