بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم 

علموهم كيف يصطادوا ولا توفروا الصيـد للأبـد   ؟؟؟

ماذا يعني أن تحمل السرج فوق ظهرك حتى مشارف القبر ؟ !! .. تجربة تخوضها الأجيال الحالية بهمة ونشاط  .. وكنا في مرحلة من أنصار تلك التجربة ونراها صواباَ .. وأنها من إرهاصات العصر التي يوجبها عقل العقلاء .. حين كنا نلوم الأجداد والأجيال السابقة بأنها كانت مقصرة في حق الأجيال القادمة .. حيث كانت تكتفي بذلك القدر الذي يعني  الموجود المتاح الذي يغطي الحياة اليومية ..  وبالقدر الذي يستر الحال والأحوال .. فكانت قنوعة بمقدراتها التي تكفل حياة مستورة عادية لحين بلوغ الأجل المحتوم .. فظهرت تلك الفلسفة مع الأجيال الجديدة .. تلك الفلسفة التي تلوم الآباء بأنهم لم يوفروا للأجيال القادمة القدر الكافي من موجبات وضروريات الحياة .. وأنهم كانوا لا يصرون ويكدون الليل والنهار لإيجاد عدة الحياة الكريمة للأبناء والأحفاد .. وبالتالي كان إصرار الأجيال الحالية الكد والتعب والشقاء والاغتراب طوال الحياة لتوفير القدر المتاح من الأرضيات الثابتة والممتلكات للأبناء والأحفاد .. ولكن من أغرب المحصلات التي أفرزتها تلك التجربة الجديدة أن الأجداد والآباء في الماضي كانوا على الحق والصواب مائة في المائة .. وأن الأجيال الجديدة أخطأت حين أرادت أن توجد الأرضيات متاحة مرتاحة بكامل المقدرات المادية والمالية لأبنائها ولأحفادها .. وهنا لا نعيب من يكد ويجتهد في تعليم وتثقيف الأبناء حتى أعلى الدرجات المتاحة .. وذلك هو الصواب .. ولكن نعيب أصحاب الفلسفة الجديدة الذين يشقون طوال الحياة ويفنون العمر في إيجاد كامل متطلبات الحياة دون نقصان للأبناء والأحفاد .. وتلك التجربة أفرزت في خلق أجيال خاملة كسولة تعودت أن تنال ما تريد دون أن تبذل أي جهد .. بل هي لا تعرف قيمة البذل والجهد والعطاء التي أوجدت تلك النعمة المتاحة .. نرى أصحاب الفلسفة الجديدة  يفنون العمر في قتال مع الحياة حتى الرمق الأخير لتوفير متطلبات الحياة بضرورياتها وكمالياتها للأجيال القادمة من الأبناء والأحفاد .. ويوجدون الأملاك والأطيان والقدر الكافي من رؤوس المال .. ولكنهم بطريقة خاطئة يخلقون أجيالاً خاملة تفقد مقومات الحياة ولا تملك سلاح الطموح والاجتهاد لنيل المفقود الغير متاح  .. فتلك الفلسفة توجد أجيالاَ تفقد المقاومة الضرورية في مواجهة الظروف والحياة القاسية في حال وقوع الصعاب والمشاق .. وليست لديها سلاح الابتكار والبذل والاجتهاد عند مواجهة المحن والمعاناة في يوم من الأيام .. وتوفير كل عدة المستقبل للأبناء والأحفاد يوجد ذلك الجيل الذي يملك المخزون حتى النفاذ ولا يعرف كيف يكتسب المزيد   .. والأخطر أنه لا يعرف قيمة الجهد المبذول في إيجاد ذلك المخزون السهل المنال .. وهو يعرف فقط كيف ينفق ولا يعرف كيف يوجد ..  وبالتالي نرى زوال ذلك المخزون المتوفر عبر سنوات قليلة وكأنه لم يكن !! .. ينتهي ذلك المخزون الذي كلف عمر إنسان لسنوات وسنوات  في الجمع والكد والمثابرة .. وذلك هو الجدل الخاطئ الكبير .. وأهل الحكمة يقولون  : لا توفروا الصيد دائماَ للأبناء  ..  ولكن علموهم كيف يصطادوا  ..  فهم حين يتعودون على الصيد الجاهز المتاح طوال حياتهم سوف يعجزون حين لا يجدون من يصطاد عنهم  ..  وكم وكم شاهدنا من أشقى وأفنى جل حياته في إيجاد العمارات والشقق الجاهزة والبيوت الكثيرة والدكاكين في الأسواق وأرصدة أموال في البنوك وتركها متاحة مرتاحة تحت تصرف الأبناء والأحفاد ورحل عن هذه الدنيا  ..  فإذا بالأبناء والأحفاد لا يعرفون مقدار تلك التضحية .. ولا يعرفون مدى الجهد المبذول في إيجاد ذلك الإرث المتاح .. وبالتالي يبالغون بالإسراف في الحرام والحلال ..  فتضيع تلك الأملاك ويضيع جهد الآباء لسنوات وسنوات في شهور قليلة وكأن شيئاَ لم يكن !! .. والأكثر من ذلك أن البعض من الأبناء والأحفاد ينحرف عن الجادة والصواب ويهدر تلك الأموال والممتلكات الموروثة في الخمر واللهو والمجون والقمار ..  وفي سنوات قليلة يصل لحافة الصفر ثم يقف عاجزاَ وهو لا يملك أي سلاح يواجه به ظروف الحياة .. وذلك الأب الذي أفنى جل عمره في جمع المتاع كم كان صائباَ لو أنه أفنى العمر في إنشاء إنسان صالح يملك العلم ويملك العقيدة الصائبة ويملك العدة في مواجهة الحياة ..  والبعض من الناس يسخر من حال ذلك الأب الذي يفني جل عمره في جمع وتوفير الإرث الوفير للأبناء ولا يترك خلفه عملاَ صالحاً ..  وعندما يفارق الحياة لا يوجد في أعقابه ذلك الابن الصالح الذي يدعو له بالمغفرة والرحمة .. ولا حولة ولا قوة إلا بالله .. وحين نعود لسيرة الأجيال السابقة التي كانت تترك الأبناء تواجه ظروف الحياة بنفسها نجد أنها كانت محقة وصائبة .. لأن ذلك يوجد في المجتمعات الإنسان المنتج الفاعل الذي يكد ويجتهد ليوجد المفقود .. وهو الذي ينفع ويستنفع .. ولا يوجد ذلك الإنسان المسخ الذي يتسكع في الشوارع ليلاَ ونهاراَ حيث أنه يملك كل متطلبات الحياة من مسكن ومأكل ومشرب .. ثم يملك ذلك الفراغ وذلك المتاح من الأموال وأمامه تتوفر مسببات ومستجلبات الانحراف .. وهو ذلك الثري الغني القادم من أصلاب الكادحين الأوفياء   ..  ثم لا يعرف معاني البذل والكفاح .. والمحصلة كلها ناجمة عن ثمرة فلسفة خاطئة تجري اليوم في الكثير من الساحات .. وخاصة في ساحات الاغتراب .

ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد  

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 8 مايو 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

761,018