بسم الله الرحمن الرحيم
دمعـة تسـقط مـن خـدود الأبريــاء !!
لما تبكي الشمعة حزينة وقد أخلصت بضوئها ؟! .. أذابت الذات احتراقاَ تضحي لتنير دروب الآخرين .. أفنت شبابها رويداَ رويداَ ولحظة بعد لحظة .. وهي تفقد الذات بلسعات النار واللهيب .. أكملت المشوار صمتا دون حرف يعني التأفف أو الاحتجاج .. تحترق أمام الأعين في ألم لتطرد ظلمة الضلال عن مجاهل الظالمين .. ولكنها نالت الجزاء عقاباَ وهضماَ من قلوب الحالمين الحاقدين .. بخلوا بقطرة وفاء وإخلاص تعني الثناء والتمجيد .. وتناسوا صورة الشمعة حين كانت غضة ناعمة في عمر الزهور والشباب .. تملك المحاسن وتملك القوام والرشاقة وتملك كل معاني الخصال .. وجرأة التجريح ما زالت تسري في عروق بني الإنسان .. حين يغدر بغير وفاء يعني الطيبة في أصالة الذات .. تركوا قلباَ يتقلب في ضواحي الجحيم .. يتخذ الهموم وسادةَ ويتنفس الحمم زفيراَ .. قلب يفقد العطف ويفقد لمسة حنان بأطراف البنان .. إنسانة كانت بخفة ورشاقة الفراشة .. قدمت عمرها بإخلاص في مسار الحلال السليم .. ولكنها زرعت الخير في أرض الشياطين .. تنكروا لها وأمعنوا في قتل إخلاصها تحت قسم اليمين .. تستحي أن تجاهر بالبكاء في حضرة أعين تشرب الدموع .. أعين تحمل القسوة احمراراَ وشراراَ .. بشر لا تعرف الرحمة ولا تعرف معاني الجميل .. ذبحوا حمامة السلام حين قدمت بغصن الزيتون .. وكتموا أنفاس برعم يانع حين اشرأب بعلامات الزهور .. أنفس تكره الملائكة وتكره البراءة في واحات الحياة .. فكم يجري الظلم في الأرض من بني الإنسان !! .. ودائماَ هناك تلك السيرة في الأرض .. سيرة الصقور والحمام .. تلك السيرة التي تدمع أعين الملائكة والصالحين .. سيرة تسري بين الناس منذ قدوم آدم للأرض برفقة الشقاء .. وهناك دائماَ تلك الأوراق البريئة الشفافة المرهفة الرقيقة .. تلك التي تحاط بأوكار البراعم فوق الأغصان .. ولكنها أوراق لا تقي البراعم من لسعات النحل والزنابير .. براعم بفطرتها لا تعرف المشوار لنواحي الشيطان .. والشر في الأرض يتربص دوماَ ويترصد لخطوات الإنسان .. كما تترصد الوحوش لخطوات الحملان والغزلان .. فهناك في الأرض نفوس تنتشي بأذية الإنسان .. وتتوق أنوفها لرائحة الدماء والدخان .. ونلك الأيدي التي تعودت أن تغسل الذات بقطرات الدماء .. فالدنيا ليست بتلك البريئة الطاهرة .. التي تماثل في طهرها ونقاءها نقاء عيون أطفل المهد الأبرياء .. فلا تنظر ملياَ متعجباَ لمياه الغدير النقية الصافية .. فإنها تفقد ديمومة الصفاء والنقاء والبقاء .. وتفقد ديمومة الأبدية الخالدة .. وسوف تأتي عليها لحظة محيرة حيث تتعكر وتتلون صفحة ماءها بدماء البشر .. وحينها سوف تتمثل فوق صفحة الماء البريئة خيانة الإنسان للإنسان .. كما لا يغرك هدوء البحار والأنهار .. فإنها مهلكة تنتظر اللحظات .. وتلك علامة تعنى التمهيد لضربات العواصف الهوجاء .. والضحكة في هذه الأرض شحيحة بخيلة .. وليس في الأرض دوام الهناء .. ورب طفلة بريئة ترقص وتلهو في عوالم الأحلام .. ولكنها تجهل أنها ترقص فوق مكائد الألغام .. وقد تنالها لحظة غفلة لتكون في حقول الشيطان .. عندها تصبح تلك العصفورة البريئة المسجوعة في برك من الدماء .. وتلك علامة أخرى لقسوة الإنسان .. والذي يضحك عميقاَ مرةَ في هذه الحياة فقد تكون تلك آخر ضحكة في عالم الشقاء .. بعدها البكاء تلو البكاء .. عالم عجيب .. الحمام فيه يعشق السلام والهناء والذئاب فيه تعشق القتل والدماء . وتلك هي القصة الأبدية حيث قصة المدار بين الماء والدماء .
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش