بسم الله الرحمن الرحيم
يـا هـذا عجـل بالأوبــة إلى الله !!
يا أيها المسلم .. يا رفيق العقيدة .. التوصية أولاَ تأخذ مسارها للذات والنفس .. ثم للجار والعشيرة .. ثم للأخ والأخت المسلمة أينما تواجد .. فللإنسان أسرار ومواقف وأحداث بينه وبين الناس .. كما أن للإنسان أسرار تغيب عن الناس وتكون في علم الخالق سبحانه وتعالى .. وفي كل الأحوال فالذات هو القاسم المشترك الذي يعلم خريطة النفس وأسرارها .. ويعلم ما تكسب الأيدي .. كما يعلم المقدم منه والمؤخر .. فهو أدرى بهفوات المسار كما أدرى بمحاسنه .. وهناك الكثير من الذنوب والعيوب والموبقات المحجوبة عن أعين وعلم الناس .. ولكنها غير محجوبة عن علم الله سبحانه وتعالى .. ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد يمهل العبد بكرم منه وفضل .. ثم يحصر الذنوب والعيوب في ستار بينه وبين العبد .. وذلك الفضل منه عظيم .. فعسى من توبة وأوبة من العبد يمحي بها الله تلك الذنوب .. ولكن في المحصلة فإن معاملة المسلم لأخيه المسلم تنطلق من موجبات الظواهر المعهودة للعيان .. فمتى ما شهد المسلم بأن لا إله إلا الله وأن محمداَ رسول الله وأن مساره يوافق مسار العقيدة فهو يدخل في زمرة الإخاء بالإسلام .. ذلك الانتماء الذي يوجب واجبات على كل مسلم تجاه أخيه المسلم عند التعاملات .. فهو عزيز عند اللقاء بالسلام والمحبة .. ويستحق التعاضد والتعاون والوقوف معه في السراء والضراء .. ويستحق كذلك المناصرة بالحق والدفاع عنه إذا وقع في كيد أعداء العقيدة .. كما يسرى عليه حسن التعامل البيني في المجتمعات الإسلامية بالنهج الإسلامي القويم .. وفي كل تلك المعية فالظواهر هي التي تحكم .. دون الأخذ والتنقيب بأسرار السرائر والبواطن .. وقد يكون المسلم عفيفاَ في ظاهره ثم يكون غارقاَ في بحور من المعاصي والإفراط بترك العبادات والتعدي على حدود الله .. ومع ذلك لا يحق لمسلم أن يجتهد في تنقيب أسرار الناس عامة والمسلمين خاصة لمعرفة العيوب .. ولكن يكتفي المسلم بظاهر الأخ المسلم الذي يؤكد إسلامه بنطق الشهادتين .. ثم يتخذ مسار المسلمين في الخطوات .. وإن كان يبطن النفاق ويلطخ السريرة بالموبقات والذنوب .. وهنا يأتي دور النصيحة والتواصي بالحق .. وتأتي أهمية النصح والموعظة الحسنة التي تأمر بالمعروف وتنهي عن الفحشاء والمنكر .. فلعل العبد يستمع للنصح والموعظة فيتوقف عن تلك الموبقات ثم يصلح علاقته مع الله سبحانه وتعالى .. فيقال للمسلم : أيها المسلم الكل منا ينتظر لحظة الرحيل .. والكل أدرى بما في أنفس الذات من الذنوب والعيوب .. وسوف تأتي تلك اللحظة عندما تفارق الروح الجسد .. عندها يكون الذات خاضعاَ مستسلماَ في أيدي الآخرين .. فيقع على الآخرين واجب المسلم نحو الأخ المسلم .. بالقيام بما يلزم من التغسيل والتكفين والصلاة والتشييع ثم الدفن والدعاء والعزاء .. وقد يبكون عليك هنا على فراقك .. ولكنهم لا يستطيعون أن يبكوا معك حين تبكي وحيداَ على الإفراط .. وعليه أيها الأخ المسلم توقف لحظةَ وتمعن في حالك وأحوالك قبل أن تدخل في ذلك المحك العصيب .. فبرحمة من الله تعالى فإن باب التوبة مفتوح .. وأن الفرصة سانحة متاحة لتأخذ المبادرة العاجلة بالأوبة والرجوع إلى الله .. والدين النصيحة .. والظواهر لا تكفي لاجتياز الامتحان .. فهي قد تكون مبذولة لإرضاء الناس وليس لإرضاء الخالق سبحانه وتعالى .. والأمر جلل إذا نام العبد على خداع الآخرين بالظواهر دون أن يذكي البواطن .. ودون أن يصلح العلاقة بينه وبين الله .. فيا أيها الأخ المسلم عجل بالتوبة والأوبة ولا تؤجل الأمر مؤملاَ في غـد .. فلعل الغد ليس لك فيه حظ .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش