بسم الله الرحمن الرحيم
حـان الوقت لنجـاري المهارات ؟؟
هناك في العالم اليوم المحافل التخطيطية العديدة .. والتي لها مآربها الخاصة .. وهي محافل تتعامل بدرجات عالية جداَ من التفكير والتخطيط لإدارة مسار العالم بكيفيات معينة ذكية للغاية .. وتلك المخططات الهدف منها تحقيق مصالح فئوية تعني في المقام الأول احتكار المصالح والمقدرات العالمية .. بجانب المخططات العقائدية القوية للغاية فهناك محافل الماسونية المشهورة .. وهناك محافل الحركة الصهيونية العالمية .. وهناك المنظمات الكنسية العديدة المختلفة .. ومحافل أخرى كثيرة .. وتلك المحافل والمنظمات هي التي تمثل البوصلات لتوجيه مسارات العالم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .. وتهمنا في الأمر معرفة أن القائمين في إدارة تلك المحافل هم عباقرة في معدلات التفكير البعيد العميق .. ولديهم مقدرات عالية جداَ في وضع المخططات ووضع الاستراتيجيات اللازمة لتنفيذها في المكان والزمان المحدد .. بجانب الاحتياط بوضع البدائل لتلك الاستراتيجيات في حالات الإخفاق .. ومخططاتهم تكون لسنوات قادمة مستقبلية للمدى البعيد الذي قد يشارف القرن أو أكثر .. وأصبحت فكرة التخطيط الاستراتيجي المستقبلي من العلوم التي تهتم بها الدول المتقدمة .. وتلك العلوم أصبحت بقواعدها وأسسها وطرق صياغتها وتنفيذها .. والآن تلك المحافل لديها الخبرات القوية التي تجعلها في مقدمة عقول العالم .. وهي عقول عالية بذاك القدر الذي يتجرد من النظريات والتوقعات البديهية العادية السائدة في معظم بقاع الأرض .. وفي نفس الوقت هي تلك المستغلة لجهل العالم أو عدم اهتمام العالم بأهمية تلك الاستراتيجيات .. وأصحاب تلك العقول يدرسون ويخططون ويضعون الاستراتجيات المستقبلية لتكون هي السائدة المسيطرة على العالم بالقدر الذي يجاري مصالحهم وأهدافهم .. وهي مخططات تخلو كلياَ من النظرة العادية البسيطة التي تكتفي بالموجود المتوفر تحت الأقدام .. كما أنها تفتقد كل مؤثرات العواطف أو المجاملات أو نزعات الانتماء الشخصية .. ولا تتعامل بمقتضى الضروريات الأخلاقية أو المثل أو المجاملات أو المهادنات أو غيرها .. وأكثر من ذلك فإن أسرار تلك المخططات تعد من الأمور المقدسة العالية القيمة .. فهي بمثابة المستحيل لمن يجتهد في معرفة تلك الأسرار .. فتعتبر تلك الأسرار من الأمور الصعبة المنال للآخرين .. والأعضاء في تلك المحافل هم دائماَ تحت قسم الإخلاص والوفاء حتى الرمق الأخير .. فهم يخلصون لأفكار وقضايا تلك المحافل .. ولا يحق لهم التفكير في أي نوع من التراجعات أو التخلي حتى الممات .. كما أنهم لا يتأثرون ايجابياَ عند وضع الاستراتيجيات بأحقية الآخرين في الأولويات .. بل يخططون دائماَ لتكون لهم الساحات خالصة متاحة من دون الناس .. ولديهم المعلومات الكافية عن مواقع الانفطار والانشطار والنزاع في دول العالم .. وتلك أسلحة يضعونها في الاعتبار عند وضع الاستراتيجيات لتمثل مشاعل الفتن التي تؤدي إلى خلخلة الاستقرار وتسهل عملية الاستغلال .. فهم على دراية عميقة بالأحداث التي تجري من حولهم في العالم .. ومهمتهم تتركز في إيجاد الثغرات لتواكب الأحداث مسار مخططاتهم .. ثم وضع الاستراتيجيات المستقبلية بالقدر الأكيد الذي يحقق المصالح الذاتية من مقدرات العالم .. وهي مخططات واستراتيجيات موضوعة بذكاء فائق للغاية.. كما أنهم يلتزمون بتوفير البدائل من الاستراتيجيات لتكون جاهزة عند الطلب .. والأحداث التي تجري في ساحات العالم من حروب وتقسيمات حدودية وتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية والتي تسبب الكثير من الحروب والدمار هنا وهناك كلها ناجمة عن تنفيذ تلك المخططات في الواقع الملموس حسب المرسوم منهم مسبقاَ .. والعالم الإسلامي ليس ببعيد عن مخططاتهم ومآربهم .. والأحداث التي تدور في الساحات والمجتمعات الإسلامية هي نتيجة مباشرة لتلك المخططات والاستراتيجيات .
وقد جاء الوقت لتكون للأمة الإسلامية محافلها القومية التي ترسم وتخطط لمستقبل الإسلام في العالم .. وذلك بالتجول في ساحات الشعوب والأمم الإسلامية لاختيار العقول الكبيرة العاقلة المتمكنة التي تملك الرؤى المستقبلية البعيدة ووضع المختارين في بوتقة واحدة تحت مسمى من المسميات .. لتكون وظيفة الأعضاء فيها الاهتمام بمستقبل الإسلام في العالم .. ووضع البرتوكولات الضرورية التي تحمي وتصون مسار الفكر الإسلامي في العالم على المدى البعيد .. ويجب أن تكون تلك العقول في غاية البصيرة والحكمة العميقة التي تخطط للحفاظ على الكيان الإسلامي على مدى العشرات من السنوات القادمة .. إن لم تكن على مدى المئات من السنوات القادمة .. وتلك المخططات يجب أن تدرس وتصور خريطة مستقبلية للإسلام في العالم لتمثل البوصلة السليمة التي تقي الإسلام والمسلمين من المؤامرات والتدخلات السافرة .. ثم التقدم بخطوة أخرى جريئة تتمثل في وضع استراتيجيات تمكن الإسلام من الانتشار والتوسع .. وذلك الجانب يعتبر فرض عين على كل مسلم على وجه الأرض .. منافساَ بذلك مخططات الأديان الأخرى التي تعمل ليلاَ ونهاراَ للانتشار و التوسع .. وخاصة المراكز الكنسية التي تجتهد في ذلك الجانب كثيراَ وتنفق المليارات لتحقيق ذلك الهدف المقدس .. والأهم من ذلك أن يخلص الجميع لتلك المخططات والاستراتيجيات باعتبار أنها الهدف الإسلامي الأول .. وهو الهدف الذي يهم كل مسلم على وجه الأرض .. والاهتمامات القصوى تكون من الجميع وخاصة من قبل الحكومات والشعوب الإسلامية .. بحيث تمثل تلك الاستراتجيات الخط الأحمر الذي يقف عنده الجميع بالاحترام والاهتمام الزائد .. ذلك الخط الأحمر الذي يلزم الجميع التجرد من نوازع ومؤثرات الخلافات والنزاعات البينية .. وتلك العقول الإسلامية المختارة يجب أن تتجرد من ملامح النزعات الخلافية العقائدية التي تعيق التخطيط .. وكذلك تكون بعيدة عن نزعات الانتماءات الوطنية والحدودية والأفكار الفئوية .. لتكون غاية اهتماماتها هي المصلحة العليا التي تقي وتحافظ على الإسلام والأمة الإسلامية .. وبذلك تكون الأمة الإسلامية قد خطت خطوة هامة إلى الأمام .. ووضعت النواة الأولى لمخطط استراتيجي إسلامي عالي التفكير .. وتخرج من بوتقة الدوائر المفرغة التي دارت كثيراَ وما زالت تدور من الإخفاقات والفشل في كل المسارات .. الدينية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وخلافها .. وكذلك تحد من حالة فقدان المكتسبات الإسلامية الإقليمية والأدبية والمكانة العليا .. كما أنها تتخلص من حالات الضعف والوهن السائدة منذ اندثار الخلافة الإسلامية .. وتلك الخطوة سوف تمثل قفزة عصرية متقدمة للغاية .. حيث إيجاد الموانع والكوابح الإسلامية التي تقف نداَ وحاجزاَ يمنع مخططات ومؤامرات الغير ضد الإسلام .. وخاصة مخططات تلك المحافل التي تحارب الإسلام ليلاَ ونهاراَ منذ سنوات وعلى المدى الطويل .. في الوقت الذي نرى فيه الأمة الإسلامية تتخبط دون استراتيجيات متاحة تحت اليد .. وتجاري الأحداث حسب الظروف وبتلك الطريقة البدائية الاجتهادية الغير مخططة .. دون أن يكون هناك سلاح الند بالند .. وجاء الوقت ليدافع المسلمون عن الإسلام بنفس الأسلحة التي يحاربون بها الإسلام .. بل أكثر من ذلك يجب أن تكون للمسلمين استراتجيات مسبوقة متقدمة ومتفوقة بمهارات عالية ,. والعالم الإسلامي يعج بالكوادر المفكرة المؤهلة بفضل الله .. ولكنه يفتقد التنسيق القومي الذي يجمع الأفكار في بوتقة واحدة جادة مسخرة فقط لخدمة العقيدة على المدى البعيد .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش