بسم الله الرحمن الرحيم
نمطيـة الصـورة في ليالـي البعـض !!
تتراجف الليلة عند فقدانها للأضواء .. وتنهي يومها تلك الأجفان التي يهلكها الإرهاق .. لتتساقط مثل الستائر فوق العيون .. وتختفي الأعين من ساحة الإبصار واحدة تلو أخرى .. وتتلاحق الأصوات بالانزواء والسكوت والسكون .. حتى يشابه الحال صمت القبور .. بعدها تلتوي الأنفس لتكون في عمقها .. وهناك الويلات حيث الرحيل من واقع الحال إلى عوالم الخيال .. تتقوقع الأنفس في محرابها لتجترع محاسن الذكريات .. فالتصوير ثم الأحزان ثم الأسرار التي تراود بالشجون .. وهناك اللحظات المباحة حيث تزال حواجز المحذور والمحظور والممنوع .. والخيال يوجد الطيف كيف يشاء ثم يجري الوفاق والعناق تلو العناق .. والأنفس تدري أن تلك السواحل خالية من النواطير والحراس .. فلا زاجر يزجر ولا قائل يلاحق باللوم والعتاب .. فهي سطوة الخيال .. الخطوة فيها متاحة للإنسان ليمتطي فيها فرس الخيال .. متمرداَ يتصرف كيف يشاء متجرداَ عن قواعد الأصول والإملاء .. وهناك حرب قائمة على أشدها في عمق الإنسان بين جند الشيطان وجند الإيمان .. ولصاحب الخيال مطلق الخيار بالانحياز لجانب أو الإنفراد دون اقتداء .. وفي مجالس الخيال جوانب من الحواس كالعادة تنادي برغباتها .. وتلك من موجبات الفطرة في الإنسان .. ولكن القرار في عوالم الخيال هو ذاك المستحيل غير المتاح والبعيد غير المباح .. والصورة كلها في الخيال حيث العوالم زيف مثل السراب .. وهي التي تفقد الحقيقة وتفقد الماديات والجماد .. وهي صورة تماثل لوحة صامتة تفقد الأبعاد .. وتفقد الجسم وتفقد الحركات والسكنات .. مجرد خدوش وأضواء في عوالم أثير دون ماديات .. وعوالم الخيال تتواجد لتكون مخرجاَ ومنفذاَ ومتنفساَ لمن يفقد القرار في عوالم الحقيقة .. فالذي يعجز أن يركض في عوالم الواقع والحقيقة يملك ساحة الخيال متاحة مباحة ليركض فيها ويرقص كيف يشاء .. فملك هناك دون عرش ومملكة .. وسعيد هناك ينتشي بسعادة أوهام دون سعادة واقع .. ومالك هناك يملك الكثير دون أملاك مجسدة .. وذاك آخر يملك في خياله الرفيق ويملك اللحظات السعيدة ويملك الأسرة والبيت .. ثم تختفي تلك المعالم عندما يختفي الخيال بقرار يفرضه سلطان النوم .. ثم لا ينتهي الأمر عند ذلك الحد .. فهناك أيضاَ عوالم الأحلام في المنام .. وتلك صورة أخرى تفرض نفسها وتتشكل بذاتها .. وتجري أحداثها بحركات وسكنات دون أن يكون الأمر في يد صاحب المنام .. وحتى إذا سافر الليل وجاء الصباح تتجسد الحقائق للإنسان من جديد .. لتكون الساحات مرسومة بقواعدها وأصولها .. وتكون الحدود ملزمة بالإتباع .. والكل في عوالم الحقيقة يتواجد في المقام والخانة المحدودة .. فيجري الممنوع ليكون ممنوعاَ .. ويجري المحظور ليكون محظوراَ .. ولولا ذلك لتساقطت الفضائل والأخلاقيات بين الناس .. فيا عجباَ لتلك الليالي التي قد تلازم العمر والإنسان فيها يلاحق واقع الأحوال ثم يلاحق واقع الخيال !! .
ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش