بسم الله الرحمن الرحيم
أسمعنـي ولـو مــرة !
هي فواصل غير مكتملة .. البدايات قد تشتكي العلل وكذا النهايات .. والحلقات إطلاقا لا تتكامل مئة في المئة توافقاَ وانسجاماَ .. ولا تتساوى المسافات طولاَ وعرضاَ .. شرقاَ وغرباَ .. يميناَ ويساراَ .. ولا تتوقف معاول الهد والهدم التي تدك ساحات الراحة والواحة .. وعوامل التعرية ترافق الأيام والأعمار .. وأسنان المنشار تأكل طلوعاَ ونزولاَ .. ذهباَ وإيابا .. والعين قد ترى الصواب أحياناَ ثم ترى ما لا يسر في أغلب الأحيان .. ولحظات الضحكة والسعادة شحيحة لا تعرف الديمومة .. ولحظات البكاء هي تلك الرفيقة الأبدية التي تبدأ الخطوة منذ لحظة الولادة وحتى مشارف القبر .. تلك هي الحقائق التي تفرضها الحياة إذا شئنا أم أبينا .. وهناك من يجتهد ويريدها بالأبعاد الصحيحة السليمة مئة في المئة .. يريدها بمعدلات الإنصاف والعدل .. النـد بالنـد .. والعين بالعين .. والسن بالسن .. ولكن الحياة لم تكن يوماَ كذلك .. ولن تكون يوماَ كذلك .. والمنقصة والحسرة دائماَ وأبداَ تكمن في سلوك ومنهاج الإنسان نفسـه .. وأول حجر مقذوف يكون بيد الإنسان .. وأول حرف يتعدى ويحمل الجرح يكون من لسان الإنسان .. ولو تكرم الحظ بإنسان واحد يسر القلب فهناك يقابله عشرة تغـم .. والواهم الكبير هو من يجتهد في تصحيح مسار الناس جميعاَ .. ويقال في المثـل : ( من راقب الناس مات همـاَ ) .. وتلك حقيقة فيها الكثير من الحكمة .. وما أوجد الوجع والهلاك للإنسان إلا الإنسان .. فالذي يتعقب عثرات الناس لن يصل يوماَ لسواحل الصحة والعافية .. وفي النهاية هـو الملام .. والذي لا يبالي بعثرات الناس أيضاَ لا يسلم من عجاج وغبار القوافل .. وشيمة المراكب أن تتمايل بالصالح والطالح من ركابها ولا تعرف الاستثناء .. وهناك قلوب باردة تتعود على تمرير الأخطاء تلو الأخطاء ولا تبالي .. فتكون خالية من أسقام الضواغط النفسية .. وهناك قلوب تبكي لأنها حريصة وتريد الإصلاح .. تلك القلوب تهلك نفسها وتتآكل من دواخلها .. وأصحابها يريدون إصلاح كون يجري بمقادير .. ثم تعجزهم الحيـل .. فهناك في الكون الصفات وأضدادها فلا يعقل أن تكون الحسنات هي السائدة دون الأضداد من السيئات .. فإذن الحكمة تستوجب توفر الأواني وأغطيتها .. فالذي يشتكي إنما يشتكي على جهل .. والذي يتفهم إنما يتفهم على عقل .. والحكماء عادةَ يقفون عند مسافة محايدة من مسرح الحياة ثم يتفكرون في مجريات الأحداث بعقلانية خالية من مطبات العواطف .. وبعيدة من الشوائب التي تمثل الضبابية في كشف الحقائق .. هؤلاء العقلاء لا يضحكون عند المسرات ولا يفجعون عند الكوارث .. فهم عادة يسبقون الأحداث قبل حدوثها بالمحصلات التقديرية العقلانية الصحيحة .. ولكن هم يمثلون القلة ويمثلون الندرة في كل الأزمان والدهور .. وهناك الكثرة الغالبة التي تدور مع الرحى ولا تدري الفوارق بين الليل والضحى .. إنما هي خائضة مع الخائضين في مسيرة الحياة تارةَ تضحك وتارةَ تبكي من كثرة الجوى .. وهو ذلك الإنسان أكثر المخلوقات في الأرض يعايش التناقضات ولا يركز على المحتوى .. ولا يثبت على نفس المستوى .. كبالونه الهواء تتلاعب بها نسمة صغيرة تديرها وتأخذها كيفما تشاء وأينما تشاء .
ـــــــ
الكاتب السوداني /عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش