بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

مــن أسـرار نخيـل التمــور    ؟..؟؟؟؟

يظن بعض الناس أن أشجار النخيل هي نفس النخيل في كل مكان وكل زمان  ,, وذاك ظن بعيد عن الحقيقة .. فأسرار النخيل من أعجب الأسرار .. والنخيل تتواجد في معظم المناطق المدارية الحارة حول العالم  ,, وخاصة تلك الصحراوية وشبه الصحراوية ..  ومن الأسرار التي يجهلها الناس أن النخيل تتكيف مع البيئة التي هي فيها بطريقة عجيبة للغاية .. ومن المعروف أن النخيل لا تحب التعامل مع الأمطار وخاصة في مواسم أحضانها للثمار .. والأمطار من أكثر مسببات التلف لثمار النخيل .. ولذلك نجد كثافة النخيل وتنوعها تتمركز عادة في مناطق قليلة الأمطار أو عديمة الأمطار .. وأنسب المناخ لأشجار النخيل هو المناخ الصحراوي الجاف الذي يشتكي من قلة أو ندرة الأمطار ..  ولكن هناك أيضاَ تتواجد أنواع من النخيل التي تتحايل مع البيئة  في مناطق ممطرة كثيرة ..  فهي لا تلتقي بثمارها الناضجة مع مواسم هطول الأمطار .. بل تختصر الشهور لتأتي بثمار سريعة تؤكل طازجة أو تحتفظ لينة كعجوة .. وتمورها لا تقبل التجفيف بأي حال من الأحوال ..  كما هو الحال مع تمور نخيل الصحاري الغير ممطرة أو قليلة المطر .. فتلك تمورها تجف تلقائياَ وتنشف لتكون مخزوناً يتحمل البقاء وتكون صالحة للأكل لسنوات .. وأفضلها تلك التي تخزن في أصلها دون قطعها فهي تسلم عادة من عوامل التسويس الحشري أو التسويس الفطري .. وتلك هي أشهر أنواع أمراض التمور في العالم  .. ( ولا نقول أمراض النخيل في العالم ) لأن أمراض النخيل غير تلك أمراض التمور ..  فهناك مناطق في العالم تشتهر بتمور العجوة  وهي تمور ممتازة للغاية أي تمور المناخات الممطرة .. وتغلب عليها مسميات ( التمور ) ..  ثم هناك تمور المناخات الصحراوية الجافة .. وفيها من الأصناف والأنواع ما يفوق كثيراً كثيراَ تمور المناطق الممطرة .. وكلها تنشف وتصلب وتدخل تحت مسميات ( البلح ) .. وترحل تلك التمور في جوالات عادية مثلها ومثل البقول دون أن يخشى عليها من التلف .. والنخيل في الواحات الصحراوية وخاصة في الصحراء الكبرى تحتفظ بثمارها الجاف لسنوات وسنوات .. وإنتاج كل عام جديد يعلو إنتاج الأعوام القديمة .. وكلها تبقى صالحة للأكل حتى يمر عليها إنسان ويقطفها .. ما لم تصبها أمطار غير متوقعة بعد عشرات السنين  .. وتلك حالات نادرة جدا جدا .

                       والشمال السوداني وحتى مشارف العاصمة السودانية يشتهر بإنتاج أشهر أنواع التمور الصحراوية ..   حيث المناخ المناسب جداً لها .. وحيث النيل يشق قلب الصحراء الكبرى للشمال .. وأهم ما يميز ذلك المناخ هو ندرة الأمطار ..  وتلك بيئة مناسبة جداً لزراعة النخيل فيها .. وغالبية تمور تلك المناطق تجف بعد حصادها لتبقى صالحة للأكل لسنوات وسنوات .. و كلما اتجهنا للجنوب نحو العاصمة السودانية نجد النخيل تأخذ صفة التحايل للبيئة التي هي فيها .. فتنج نوعيات من التمور اللينة التي لا تقبل التنشيف أو التجفيف .. بل تبقى لينة لتكون عجوة أو تؤكل طازجة في حينها ,, وذلك هو الحال لتمور نخيل العاصمة ذاتها وخاصة في منطقة الخرطوم بحري ..  

           وأصناف التمور في مناطق النخيل بالعالم عادة تأخذ مسمياتها من المنطقة المحيطة لها وهي غير تلك المسميات علمياَ لدى أهل الاختصاص .. والصنف الواحد يختلف مسمياته من منطقة لأخرى .. ومن بلد لأخر .. ومن واحة لأخرى ..   وفي السودان لم يختلف الأمر فأسماء التمور مأخوذة من ألقاب محلية مشهورة جداَ تجارياَ .. وأشهر أنواع التمور السودانية التجارية هي :  

      ـ  (  البركاوي ) ويمثل 90 %  من محصول البلح المتداول في الأسواق .. ويشكل نوعية ممتازة في الطعم والأكل .. وخاصة في المناسبات .

    ـ ( القنديله)  .....وهو أجود طعماَ وتذوقاَ من ( البركاوي ) ولكنها أقل وفرة في الكميات  .. ولذلك قيمتها دائماَ أعلى من قيمة ( البركاوي ) .

ـ ( أبتي مـودة )  نوعية قريبة من ( البركاوي ) ولكن تختلف عنه حيث الطعم أكثر حلاوة وإنتاجها قليل بالمقارنة مع النوعيات الأخرى .

 ـ ( الكروش ) هو من أفضل أنواع التمور السودانية .. وعادة هو للاستخدام الخاص لأهل النخيل في  بيوتهم .. ولا يبيعونه للغير إلا نادراَ .. ويطيب أكله وهو طازج .. أما إذا أصبح جافاً فيفقد القليل من روعته .

ـ ( الكري ) بإمالة حرف الراء .. ويعرف عامة ( بالعجوة )   وهو نوع يبقى في حالة الليونة المفرطة عند نضوجه ..  وتناوله طازجة هو السبيل الوحيد للتخلص من التدفقات العسلية الزائدة عن الحد أو يستفاد منه في تصنيع أنواع من المربه .

ـ ( الجـاو )  فأية نوعية من التمور لا تدخل في المسميات التجارية السابقة تدخل في مسمى ( الجاو ) .. والجاو يشكل المئات والمئات من أصناف البلح السوداني .. ( والجاو)  اسم شامل لتمور قد تكون ممتازة للغاية أو قد تكون رديئة للغاية في الطعم أو التذوق . 

            وهناك السر الكبير الذي لا يعرفه معظم الناس عن النخيل والتمور .. وهو أن أي صنف من التمر إذا أخذت نواته وتم زراعتها لا ينتج نفس الصنف !! .. فمثلا َ إذا تم زراعة نواة  ( البركاوي ) أو ( القنديله ) أو أي صنف آخر فالنخلة الجديدة النابتة لا تعطي نفس صنف النوع من ( البركاوي ) أو ( القنديله ) .. إنما تنبت نخلة تنتج صنفاَ مغايراَ من التمر يختلف كلياً عن الأصل في الشكل وفي الطعم  .. والمنتج الجديد يدخل ضمن مسميات ( الجاو ) .. وقد يكون من الأصناف الجيدة المبالغة أو قد يكون من الأصناف الرديئة للغاية  .. ولذلك في حالة الرغبة في زرع نخلة تثمر نفس النوعية والطعم من التمر يجب أن يتم ذلك عن طريق زرع  ( الفصيل ) .. وهي طريقة فصل الشتل من الأم وزراعته منفصلاَ في مكان آخر .. وعند ذلك فإن النخلة النابتة الجديدة تعطي نفس نوعية الشجرة الأم . وذلك سر من أسرار النخيل العجيبة .

 

ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1432 مشاهدة
نشرت فى 16 يناير 2013 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

764,673