بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

( قصــة )

قلبــي كـان ثمنـاُ لثــأر أجـدادي ؟..؟؟؟؟؟؟


أيها الزمن طالما كنت تعادي فكيف لي أن أجتاز صراطي .. وقفت يوماً أنظر خلفي فإذا بنفسي أصبحت بواقي إنسان خرج من أعماق البحار .. بحار توشحت بظلام وأمواج وإعصار .. ثم توشحت بكل ألوان النوازل .. ونفسي قد اجتازت المحنة بعد أن ناضلت وخاطرت وقاتلت الأمواج والعواصف والدوامات .. ثم خرجت منها عليلة مهزومة مهزوزة .. تلعب بها نفحة نسمة .. وتكاد تسقطها نقطـة قطرة .. فتميل حتى تشارف الأرض ثم تعاود الخطوة .. ونفسي أصبحت مفقودة في مجاهل الزمن لا تبالي بليل أو نهار .. والفرحة عندها مذبوحة قرباناً في محراب مشوار طويل وبيل .. ثم إذا كان الاجتهاد بنظرة إلى الأمام فإذا بمـد من الصحراء القاحل يترامى بغير حد .. مجاهل ووديان يسكنها الجن والوحش .. والتحدي سراب ومشاوير في أعماق الأنفاق والمتاهات .. طلاسم وأحلام كوابيس .. والحيرة في أحد الخيارين إما عودة هي الجحيم أو إقدام هو الموت . والزاد بالأمس كان الطموح واليقين والجرأةً .. فأصبح اليوم وهماً يجادل في بحار الشك .. والآتي والمستقبل أصبح في ذمـة المجهول .. وقصته ليست الآن في المقدور .
            أما الماضي فهنا تبدأ القصة .. ذات يوم في صحراء العمر توقفت الأقدام عند واحة في عمق الصحراء .. والصدفة كانت بوصلة حظ قادت إلى لحظة إنسان .. هو الواحة وهو الراحة .. وقفة نفس بعد عناء ورمضاء في ظل غمام عند دوحة بواحة .. والصدفة وحدها أوجدت تلك الشعلة .. والأعجب أنها جمعت حسناً ورشاقة ثم عقلاً راجحاً في كفة الميزان .. صغيرة رشيقة لماحة لبقة جميلة وسيمة خفيفة .. إذا جادلت فازت بقوة أدلة وبراهين .. مقرونة بضياء شفاه تلجم من يجادلها بحكمة الانشغال في مجاهل الروعة .. وإذا ابتسمت تكفي أنها تأخذك بسحرها إلى عوالم التحلق بصحبة ملائكة في عمق الجنان .. ومتوهم من يجتهد ويجادل على إسكاتها بحجةَ الحرفَ بحرف .. لأن حروفها تخجل الغير من الحروف .. تعجبت الأنفس كثيراً كيف استطاعت تلك المخلوقة الرقيقة أن تجمع الحسن والعقل والحصافة والباقة والرشاقة .. ثم تملك القـول والبيـان .. تلك لوحة تواجدت في واحة بعمق صحراء أرادت أن تعوض الماضي الكئيب من الوحدة والوحشة والظمأ .. فأتت عطرة عبقة تملك مجامع المحاسن .. من يبحث عن عيب فيها يصطاد المزيد من المحاسن .. تلك هي الدنيا إذا أرادت أن تعطي فهي تعطي .. وإذا قلبت ظهر المجن فهي تلك .. وهنا العطاء كان وشيكاً حيث أن قلبها الطاهر البريء كان قد مال .. وألمحت بأنفة ورقة بأن تكون هي رفيقة الدرب في مشوار الحياة .. وبدأنا نخطط ..
تضع قشة في عش المستقبل لنضع مثلها أضعافاً .. والقلوب تداولها وتناولها مسرورة محبورة .. إشاراتها كانت بحكمة وذكاء .. وكانت تملك وتجيد تحديد مظاهر المعالم وتحديد أنسب الأوقات .. فما أروع وأعظم توافق قلبين التقيا بعد عناء المشوار .. فكانت السمع والطاعة هي لغة الحوار .. نضع النقاط سوياً فوق الحروف .. ونزيل كل علامات العيوب من صفحة لوحة جميلة تمثل المستقبل .. ونجعلها لوحة مكتملة من كل النواحي .. خطوطها الطولية تنتهي أطرافها عند كل قلب .. عجباً كيف كان اللقاء بجوهرة مثلت كنزاً ضائعاَ في عمق الصحراء .. فجادت الصحراء بها .. وحنت لتزيح الستار عن مكنونة كنز يمثل الراحة والواحة لقلب وحيد جريح .. وسماء الجدب تحولت بحكمة إلى غيوم وأمطار أنست وغطت برحمته معاناة نفس لم ترى الظل والراحة يوماً .
            ولكن دوام الحال من المحال .. ودورة اليوم ليل ونهار .. ودورة الفصول صيف وربيع ثم مواسم أحوال وأحوال .. وما كان القلب ليثق في صحراء طالما كانت تعرف الغدر من حين لحين .. وقد جاء الحين ليشقى القلب من جديد .. أهلها منعوها ثم حجبوها من اللقاء .. وأغلقوا كل منافذ الوصال والاتصال .. وهل تدري يا نعسان لما كان ذاك الحرمان ؟؟ . وهل تدري لما يبكي طوال الليل ذاك الكروان ؟؟ .. فقد سافر أهلها في عمق الأزمان .. ونقبوا التاريخ وأعادوا محنة ثأر كان في الماضي البعيد بين الأجداد .. جرح في القديم ما زال يلوح بالإدمان .. فكان يا ما كان .. ثم كان يا ما كان .. حتى عادوا المحنة إلى الأذهان .. وتلك كانت نهاية الربيع بعد عمر قصير .. ونهاية واحة ضاعت معالمها في صحراء تعج بالسراب .. منعوها حرماناً أبدياً .. وأقسموا أن لا يكون هناك وصال .. وقالوا حرام ومحرم أن يعتب قلبها ذاك الإنسان .. منعوها كما زعموا وكما أرادوا .. ولكن هل منعوا خيالها أن تلازم الذهن بالذكريات .. وهل منعوا عطرها يعبق كلما هبت نسمة تراقص الأزهار .. وهل منعوا حروفها تزاور كالأثير وتتردد بالحنين .. وهل منعوا الكروان والشحرور أن تتغنى بلوعة السنين .. وهل منعوا الحرير أن تماثل جسمها في النعومة ورقة التلوين .. وهل منعوا غرة الفجر أن تماثل طلعتها والجبين .. وهل منعوا الغزلان أن تحاكي رشاقتها بالإضمار والتسنين .. وهل منعوا المها أن تكحل عينيها سواداً مثل عينها حتى تنال الجمال والتحسين .. كيف منعوها وهي روح لجسد فلو حجبوها حقاً فقد حجبوا الأنفاس عن ذلك الإنسان .. فأي ذنب جنيت حتى أعود للصحراء من جديد .. وأي ذنب جنيت لأدخل تجربة الموت في وديان الجن والنسيان .. وهل كان قدري أبدي يوجد الوحدة والشقاء .. لتكون الصحراء داري بغير واحات وراحات ؟؟ .. تلك قصتي .. كانت لي ولأجدادي فهم قتلوني قبل الأوان بسنين .

 

ــــــــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

 

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 157 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2012 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

766,098