بسم الله الرحمن الرحيم
فلسفـة شرارات المحـن !!
بداياتها أوهام سهلة المنال تدور في بعض الأذهان .. أذهان من يخططون للثأر وأذهان من يخططون للإخماد .. ولكن نهاياتها نار وقودها الأجسـاد .. أمرها في بادئ الأمر خطوة تبدو ميسرة بقدر قليل يقبل التجاوز .. وتبدو في خطورة لسعة نملة ذات ريش .. أو لسعة نحلة معطوبة الإبر .. وتلك حشرات تكفي إسكاتها بضربات من أطراف النعال .. وحتى لسعات العقارب والزنابير مقدور عليها مع نوع من الصبر .. ما داموا يتوهمون .. وما داموا بعيدين عن ساحات الجد والخطورة .. ثم يتدرجون في سلالم الأوهام .. ويلتزمون بالمجاراة وصولات الند بالند حتى يدخلون في مراحل العمق .. ثم تكون المخاطرة عند حافات جحور الأفاعي السامة والقاتلة .. وعند مواجهات الكاسحات من مفترسات المحيطات .. أو عند مواجهات تلك المميتات في سواحل القتال .. ولدى قاعات الحفر المنصوبة للضباع والكواسر من الخونة والأعداء .. ثم تنتقل الدرجات ليكون العراك عند عرين الأسود والسباع .. ثم بعدها تكون مرحلة الانتفاضة الكبرى عندما تسقط القلاع والقناع .. وعندها يتساوي لدى الجميع عواء الذئاب وتكشير الأنياب .. ومع مرور الزمن والأحداث يكون الجميع قد تمرس على الوثب أو الرفس أو الخنق أو الضربات القاتلة الواثقة .. ويصبحون قادرين حتى على شرب دماء الأصدقاء والأعداء .. والافتراش على حافات الأمعاء .. وهي دروب نهاياتها معروفة عبر الدهور والأزمان .. وطالما عقلها القدماء والمحدثون .. ونحن لسنا مغايرين لهم مختلفين عنهم .. هي حتمية أوجبتها الأطماع أو الظلم أو الغيرة أو الخيانة يوم أن قتل قابيل هابيل .. وهي حتمية اللوم فيها مرفوع والعتاب فيها ممنوع يوم أن كان الاسم هو ( الحرب ) .. والحرب لم تكن في يوم من الأيام نزهة .. ولم تكن درباً محفوفاً بالسعادة والرفاهية والهناء .. ولكن هو الموت يمتطي حصان الدمار والفناء ليكون مطية الطامعين والمجبورين .. وفي النهاية يكون كاسبها هو خاسرها وخاسرها هو ذاك خاسرها ..
والأثمان عادة تكون كبيرة في الأنفس وخاصة تلك الضعيفة والمقلوبة على أمرها من الأطفال والنساء والرجال .. ثم تكون في العمار والديار .. ثم المصيبة الكبرى في تلك الآثار التي تكون قد ترسبت في أعماق النفوس .. والتي سوف يكون لها دورها في يوم من الأيام .. ولو كان القادم يبشر خيراً ورفاهية ونماءً وتقدماً لكان ثمن القتال والخراب مقبولاً .. ونسأل الله العلي القدير أن يكون كذلك .. ولكن التجارب تؤكد دائماً بأنها مجرد تحول في الأدوار في مجتمع الناس فيه هم نفس الناس .. والعلل المتوارثة ثابتة في الجينات .. وصالح هو كامل وكامل هو صالح .. وفقط تحول في الأدوار وأن الذي كان يمسك بطرف الحبل من المقدمة يتحول ليمسك من المؤخرة والذي كان يمسك من المؤخرة يتحول ليمسك من المقدمة .. وعندها عادت حليمة لعادتها القديمة . ويقال في المثل ( الأحمق هو من يجرب المجرب ) .. ( واليائس هو من يقيس المقيوس ) . وتلك الأيام مداولة بين الناس .
ــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد
ساحة النقاش