بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم  

 

العـواطف ومحــك المصطلحات   !!

تلك الرمزية التي كانت هدفاَ عالياً وغالياً في يوم من الأيام .. أصبحت  اليوم مخيفة بفعل التطورات والأحداث التي تجري في بعض الأماكن .. وحيث أن النغمة السائدة اليوم هي ضرورة  ( محاكمة رموز النظام  ) .. فرموز النظم هي عادة قوية وهي تلك ذات الهيبة ..  ولكنها أصبحت الآن ليست بتلك الأصالة والجودة كما كانت في سالف الأيام  .. فهي تفقد مفعولها بسرعة بمجرد إضافة كلمة ( السابق )  إليها ..  والرمزية بطريقة دراماتيكية تنحدر من أعلى القمة لتكون فجأة في أدنى المستويات المعنوية عندما تكون في معية تلك الكلمة القاتلة  !! .. ونظم اليوم أصبحت آيلة للسقوط لتكون فجأة ( سابقة ) أو ( كانت )  ..  فتنقلب الأوضاع بسرعة شديدة ..  والرموز تفقد هيبتها من قمم مرموقة وتتحول لتكون مستهدفة بشدة ..  وتتبدل الأدوار والمواقع ..  فقضاة الأمس يصبحون هم الأسرى في أقفاص الاتهام .. ورموز القمة يتحولون إلى مواقع الإشارة بالفساد والثأر منهم .. بعد أن يتم تجريدهم من كل الهيلولات والمقامات .. وأسرى الأمس يصبحون طلقاء اليوم مع شئ من الرمزية المصحوبة بالتمجيد .. وجلادو الأمس يصبحون  مجلودي اليوم .. ومقتول الأمس مع صفة الإجرام يكون شهيد اليوم مع صفة البطولة !! .. وهكذا فجأة تنقلب لوحة المجتمع رأساً على عقب .. المتواجدون في قمم اللوحة نراهم وقد أصبحوا في أسفل اللوحة .. ووجوه في أسفل اللوحة فجأة تصبح في أعلى اللوحة .. وسبحان الله يعز من يشاء ويذل من يشاء ..
   واليوم مجرد التواجد في ساحات الرمزية أصبحت تستجلب الظنون .. ويدخل أصحابها في خانة ( إنً ) بكسر الألف وتشديد النون ..  ورموز النظم ليست بالضرورة أن تكون كلها مصابة بالداء .. بل يفترض أن يكون فيهم الصالح وفيهم الطالح .. ولكن نحن تعودنا في حالات الركود الذهني أن نبالغ في الغفلة والنوم وعدم الاهتمام .. وفي حالات الثورات تعودنا أن نحرق اليابس واللين بغير تمييز  .. فنحن في تسويفنا وإهمالنا فيه المبالغة الاعجازية التي تستجلب الملل .. وفي حالة ثورتنا تكون ثوراتنا دائماً وأبداً عمياء ومسحوبة بالجماح والعواطف الهوجاء  .. ودون تبصر أو تخطيط  لمسار بخطوات ذكية .. والأصوات فينا تنادي : ( الموت للخونة ) ..  وقد يكون فينا من ينادي وهو أكبر الخونة .. وقد يكون فينا من هو بأيدي ملطخة بدماء الأبرياء  أكثر من أيد هؤلاء المصلوبين والمشنوقين في ساحات الثورات بأيد الثوار ..  وكم من أبرياء يسقطون ضحايا عواطف الثورات عندما تدور عليهم الدوائر دون تبصر أو حكمة .. وكم من مكايد وتصفيات لقضايا شخصية تتم في ظل الثورات وباسم الثوار !!  .. ورموز النظم عادة  فيها المؤهلات العالية ذات الخبرات الطويلة .. وفيها غير ذلك  من العناصر المتسلقة الضارة .. ولكن من الخطأ الجسيم وضع كل البيض الصالح والطالح في سلة الفساد التي يجب أن تباد !! .. وتلك هي النكبة الكبرى التي تواكب عادة الثورات الشعبية العربية .. وهي فيما بعد تكون سبباً أساسياً في فشل تلك الثورات تقنياً ومهنياً وعلمياً .. لأنها تتم من منطلقات عاطفية أكثر منها عقلية ومنطقية . ولا أحد ينادي بعدم القصاص وتحكيم العدالة فيمن يشارك في معاناة الملايين .. ولا يجب أن يكون أحد فوق القانون لرمزيته .. ولكن يجب أن لا تكون الرمزية والتواجد في الزمان والمكان فقط هي التي تدين دون أن يكون على أصحابها المآخذ التي تفرض العقاب .. فليس كل من كان في ساحة النظم أثناء الثورات هو بالضرورة خائن قاتل ناهب سارق .. فقد يكون أحدهم في ساحة النظم بحكم المؤهلات والواجب الوطني ويكون نظيفاً وشريفاً في عمله أكثر من ذلك المنادي بالوطنية في ساحات الثورات . وليس من العدالة تشريد الشرفاء والمتفانين في أعمالهم من أجل بلادهم باسم السدنة . وتحت مقولة الخونة المتعاونين مع النظام .  

ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد

 

 

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 429/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
145 تصويتات / 603 مشاهدة
نشرت فى 18 أغسطس 2011 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

798,932