بسم الله الرحمن الرحيم
مجنـون الحــروف والكلمـات !!
مجنون الحروف .. تمادى في عشق الحروف والكلمات .. فركلته الحروف .. وانزلقت أقدامه فوق حرف الراء .. واصطدمت مقدمة رأسه بركن الكاف .. ثم وقع رأسه فوق حزمة اللام .. فركضت نحوه ضمة فوق حرف الحاء .. فضمته بشدة وبكت عليه .. ثم انحنت تحمله وتضعه في جوف الباء .. وتجمعت حوله حسان الحروف والكلمات .. وأشفقن من عاشق فقد التوازن .. وقد شارف على الهلاك .. ووجلت قلوب الحروف وخافت .. وناحت عليه علامات الجر والتنوين .. ثم تقدمت شولة وطلبت الهدوء والتسكين من السكون .. ولكن شددت الشدة بضرورة حمله إلى عنابر القواعد والإعراب .. ورفض الحارس الأمين في باب الصرف والنحو بالسماح .. لأن العاشق ممنوع من الصرف .. وأن الحدث وقع في ماض مبني على الفتح .. وأحتج الإعراب بشدة لأن باب التقدير ما زال مفتوحاً .. وأنه ما زال في الإمكان علاجه في بدل محذوف مقدر يحتمل الإعراب .. واستمر الجدال .. والعاشق ما زال مطروحاً بين الحياة والموت .. وأخيراً قدم طبيب الكلمات والحروف .. ووضع ميزان القوافي فوق قلب العاشق .. واسترق السمع .. فوجد القلب فاعلاً ومفعولاً .. وهناك ضعف في البيان والتركيب .. واختلال واقع في موازين ابن أحمد .. ثم الكسرة في مكان الضمة والشدة في مكان التسكين .. وأن هناك لام السببية مفقودة .. وما النافية معطلة .. وحروف الجر عاجزة عن الجر .. والمفتوح بدون غطاء الفتح .. والمضموم بدون أقفال الضم .. وهناك فوضى واضطراب في الجناس .. وقرار الطبيب كان نقل العاشق فوراً إلى عنبر العناية المركزة . وحيث الجرعات من وصفات سيبويه والخليل .. فجزا الله الحروف التي ركلت .. وجزاء الله الكلمات التي أطاحت بالعاشق المجنون .
ـــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش