بسم الله الرحمن الرحيم
سكون الليل ونداء الكروان !!
وحتى النجوم بدأت تسحب عدتها من الساحة وتغادر .. ومن قبل غادر القمر في عجالة .. فأصبح الكون خالياً من كل شاهد قد يشارك الأحزان .. وحتى الليل نفسه قد ودع نصفه الأول .. وما زال يجرجر أطرافه ويتحرك في عجالة .. وهناك لا يسمع إلا صوت كروان في أعماق الظلام من وقت لآخر .. وهو يشتكي من غياب رفيق الدرب في مجاهل الظلام والأوهـام .. وقد تراوده نفسه بأن الرفيق قد يكون في الطريق إلى الوكر .. ولكنه يتوهم فذلك الوكر قد ظل خالياً منذ دهر .. وفقط الماضي هو الذي ينادي في الخيال .. أما الوكر فلا يمثل إلا طائفة من الذكريات .. ثم ينادي من جديد .. محطماً سكون الليل ويشتكي في حدة ومرارة .. مرسلاً الصيحة حادة تلو أخرى مثل سهم .. أيها الكروان مهلاُ وتريث .. فلست الوحيد في عالم الأحزان .. وكم من وكر مثل وكرك خالياً منذ عهد .. وكم من عيون مثل عينك تدمع منذ فجر .. وأنت تنادي في الفضاء مجلجلاً ولا تبالي .. وتزيد غيرك هماً فوق هم .. وتعاود الصيحة نحو كل حدب وصوب .. فيرتد الصدى إليك بغير صد .. فكم من خليل ينادي غائباً في كل فج .. وكم من قتيل فارق الدنيا بغير رد .. وتلك الليالي ساتـر لك ولكل فرد .. وفي جوفها تسيل الدموع بغير حد .. ولولا نداء الكروان في جوف كل ليل لمات الحزن كمداً في كل كبد ..
ـــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش