بسم الله الرحمن الرحيم
الذكريــــات القاتـــــلة !!!
تغلبت الغيوم على سطوة الأضواء .. فغابت الشمس عن ساحة الفيحاء .. واكتسى الوادي يوم ينافسه المساء .. فتعادلت كفتان من أجل البقاء .. فلا ليـل أمكن الظلام ولا يوم توشح بالضياء .. ثم أطلت سحابة فبكت وتلك دموعها قطرات تبلل ثم تنشر في الفضاء .. وأزهار الرياض عشقت فرحة الأحوال فرقصت بالنسمة العذراء .. وقد مرت توشوش للبراعم بالحضن وبالغنــاء .. وهناك تحت الدوحة الفيحاء جلس الوحيد يردد الأصداء .. فعبق وأزهار وريحان ومطر وقطرات تمد الينبوع بالماء .. وكرنفال الفراشات يجوب حوله طرباً في خفة وسخـاء .. ونحلات توشحت الصفار تزاور البراعم سفلة وعلاء .. وفوق أكتاف الأغصان شحرور يغرد في بهجة وهنـاء .. وعلى كنف الأشجار كروان ينادي برفيق لا يحسن الإصغاء .. وتحت الخمائل طاؤوس يعربد برقصة التيه والخيلاء .. وذاك بلبل ينشد للملأ قصيدة عصماء .. وجلس الوحيد وقد طافت بخياله ذكريات أوصدتها يد العذال والدخلاء .. تكلم مع النفس وحيداً بعد صمت وعناء .. ثم أقفـل وجهه بالكف ومــال إلى البــكاء .. ونسي القلب تحذيراتها فنادى اللسان باسمها في غفلة وغباء .. وأفرطت عيناه بالدمع ثم نادى برب السماء .. وتلك أسرار حملتها النسائم لكل واشي في الفضـاء .. وأصبحت قصة المجنون مبذولة في كل فج وفنـاء .. يرددها الجميع طرباً في مزحة كالببـغاء . وأطالت يد الهجر تلك الصفحة الخضراء .. وأسدلت الستائر عن قصة مبتورة بين الخصماء .. وعشيق مات بالذكريات وبكيد العذال والرقبـاء .
ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش