اكتب هذا المقال في اليوم السابع من ثورة الغضب الاثنين 31 يناير 2011 القاهرة _مصر.
و في هذا اليوم دعا المحتجين على النظام الحاكم إلى مسيرة مليونية غدا الثلاثاء 1 فبراير. و في المقابل فقد بدأت وقفة أخرى تؤيد الرئيس و تغييره الوزاري و خطواته للإصلاح.
و اعتقد أن الكثير قد تابع ما يحدث في مصر منذ ال 25 من يناير إلى الآن. و لكنى لا أريد أن أسرد أخبار قد تابعها العالم بأسره. إنما فقط كمواطنة مصرية أحببت أن أسرد ما حدث و أتوقف عند نقاط ليسجلها التاريخ ليس فقط لأنها ثورة شعبية. و لكن ليكون درسا يتعلم منه الجميع شعبا و حكاما.
بدءا من اختيار المحتجين على النظام الحاكم ليوم 25 يناير و هو عيد الشرطة المصرية لتكون بداية ثورة الغضب و التي استمرت إلى الآن. أما بالنسبة لي فلم يكن يوم 25 يناير إلا يوم عمل عادى.
و اعتقد انك عليك ان تعلم ان هذه الاحتجاجات لم تكن مفاجئة بل كان يعلم بها كل كبير و صغير فى مصر... و كانت لديها مطالب واضحة منها مثل تحديد الحد الأدنى (1000 جنيه شهريا) للأجور و الحد الأقصى (20000 جنيه شهريا) و تقديم إعانة بطالة (500 جنيه شهريا) و توفير فرص عمل للشباب... و قد تم رفع شعارات الحرية و الكرامة و العدالة و لم تقابل تلك الاحتجاجات إلا بالتجاهل... فلم يحدث أي تغيير ... و لذلك كان هناك احتجاج آخر في يوم الجمعة الموافق 28 يناير بعد الصلاة ... و بدأ اليوم بانقطاع شبكة اتصالات المحمول و الانترنت... و أحسسنا و كأنه انقطاع متعمد عن العالم ... أما مساء يوم الجمعة فلا يمكن أن نصفه الا ب "حريق القاهرة ". فقد نشبت عدة حرائق فى كثير من المبانى الحكومية و تعرضت بعضها الى السرقة. و لا نعلم من هو المسئول عن ذلك حتى الآن!!!
و بالرغم من أن بعض الناس فد تسرب الخوف الى قلوبهم في هذه الأثناء إلا أنني لم اشعر به. و لكن الكثير استمر الناس في حياتهم العادية يوم السبت. حتى أنى اتجهت إلى الكلية التي أقوم بتحضير الماجستير بها إلا أننا فوجئنا بتوقف جميع الجامعات بالقاهرة و محافظات أخرى الى أجل غير مسمى ... كما أيضا فرض علي الساكنين بالقاهرة و الإسكندرية و السويس حظر التجوال من الساعة السادسة مساءا حتى الثامنة صباحا لليوم التالي. و لعلى أذكر هنا أن السيدة كلينتون قد طالبت برجوع أجهزة الاتصال في مصر. و قد تحقق جزء مما طلبته فعلا ففى صباح يوم السبت رجعت شبكات اتصالات المحمول فقط مع إيقاف خدمة الرسائل النصية و خدمة العملاء للعمل في حوالي الساعة العاشرة و الربع صباحا. أما بالنسبة للانترنت فلم يعمل حتى الآن.
أما مساء يوم السبت فكان بداية الفوضى الحقيقية من وجهة نظري إذا تم إطلاق سراح آلاف المساجين في مختلف نواحي جمهورية مصر العربية !!! و انسحاب الشرطة أو اختفائها !!! مما أدى إلى سرقة و نهب و سلب و تخريب الكثير من المراكز التجارية و المحلات و المستشفيات و المنازل. بل أيضا لقد تطاولت بعض الأيادي لتنول بالآثار المصرية. و لكن حمد لله انه لم يتم بها أي سوء. و لا أعلم بماذا يمكن ان نكتب للتعبير عن هذا الشعور فهل هو عدم الأمان أو الخوف أو الضياع. و لك أن تكتب أي كلمة لتعبر بها عن هذا الشعور. و كان الحل هو تكوين "لجان شعبية" و كانت هذه المرة الأولى الذي استمع فيها إلى هذا المفهوم. و كانت تعنى أن يقوم رجال و شباب كل منطقة بحمايتها. و لا أنكر جهود القوات المسلحة و اللجان الشعبية في حماية مصر و المصريين. فعندما نظرت من شباك غرفتي وجدت شباب المنطقة يقف بالعصيان لحماية المنازل حقا أشعرني ذلك بالأمان. بل أشعر الجميع بالأمان.
و في بداية يوم الأحد طلب الرئيس حسنى مبارك أن تقوم الحكومة الحالية بتقديم استقالتها. و سيتم تعيين حكومة جديدة ... و هذا ما كان. و لكن لم يكن هذا ما يتوقعه المحتجين فقد كانوا يريدون تغيير سياسات و أخذ قرارات و ليس تغيير شخصيات ... و تفاقم الوضع فقد أغلقت الكثير من المحلات و ارتفعت أسعار السلع و اختفت كروت شحن المحمول ... و تمددت فترة حظر التجوال حيث أصبحت من الساعة 3 عصرا إلى الساعة 8 صباحا لليوم التالي ... ولقد وصل الحال إلى إننا لم نستطيع أن نشارك الآخرين في أحزانهم و أفراحهم. ليس فقط لأن مشاعر الدهشة و المفاجأة كانت تسيطر علينا بل أيضا لتخوفنا من النزول إلى الشارع و لوجود حظر التجوال...
و أنهى هذا المقال اليوم الثلاثاء الموافق 1 فبراير 2011 و الذي انتهى بخطاب الرئيس مبارك يدعو فيه انه لم يكن ينوى الترشيح لفترة رئاسية جديدة و انه سيبقى في الرئاسة حتى نهاية ولايته في نوفمبر 2011. و انه سيجتمع مع البرلمان لتغيير المادتين 76 و 77 من الدستور... و الذي أدى إلى ازدياد عدد المؤيدين إلى الوقفة التي تؤيد الرئيس و أيضا تشبث المحتجين برحيل الرئيس. و في انتظار خطاب الرئيس الأمريكي أوباما.
و لعلك تتساءل الآن و ما هو هذا الدرس. و أقول لك أيها المواطن لا تسكت عن حقك مهما كان صغيرا و طالب به حتى لا تصبح قنبلة موقوتة تنفجر في وجه الآخرين. و لا تكن امعة اذا احسن الناس احسنت و اذا اساوؤا اسأت. و أيها الحاكم لا تثق ثقة تامة فى الآخرين و لا تتجاهل طلبات الشعب مهما كانت صغيرة. فالصغير يكبر و الذرات تتجمع لتصبح جبلا.
ساحة النقاش