أخي الحبيب،أختي الغالية
لقد حرم الله ورسوله الزنا وبين قبحه وفساده وحذرا العباد من الوقوع فيه .
ولشناعته فإن الله تعالى لم ينه عن الوقوع فيه فحسب، بل نهى عن القرب منه
فقال عز وجل:
وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32].
وقال تعالى:
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً
[الفرقان:69،68
الزنا . .
من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل .
وهو رجس وفاحشة مهلكة وجريمة تنفر منها الطبائع السليمة .
وهو فساد لا تقف جرائمه عند حد ولا تنتهي آثاره ونتائجه إلى غاية .
وهو ضلال في الدين وفساد في الأخلاق.
وهو انتهاك للحرمات والأعراض واستهتار بالشرف والمروءة، وداعية للبغضاء والعداوة.
الزنا . .
عاره يهدم البيوت الرفيعة ويطأطئ الرؤوس العالية .
ويسود الوجوه البيض ويخرس الألسنة البليغة .
ويهوي بأطول الناس أعناقاً وأسماهم مقاماً وأعرقهم عزاً إلى هاوية من الذل والازدراء والحقارة ليس لها من قرار.
الزنا . .
هو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع .
وهو لُطخة سوداء، إذا لحقت أسرة غمرت كل صحائفها البيض وتركتها حالكة السواد.
وهو العار الذي يطول عمره طويلا ولا يزول .
الزنا . .
يرمي بصاحبه من سماء الفضيلة إلى حضيض الرذيلة فينال غضب الله ومقته .
ويكون عند الخلق ممقوتاً، وفي دنياه مهين الجانب عديم الشرف منحط الكرامة ساقط العدالة .
تبعد عنه الخاصة من ذوي المروءة والكرامة والشرف مخافة أن بعديهم ويلوثهم لا تقبل روايته ولا تسمع شهادته، ولا يرغب في مجاورته ولا مصادقته.
الزنا . .
سبب لضياع النسل والجناية عليه، وسبب في اختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق وفناء الأمة .
وسبب في انتشار الأمراض المستعصية التي لم تكن موجودة من قبل عقوبة من الله تعالى لأهل هذه الفاحشة.
الزنا . .
يعمي القلب ويطمس نوره، ويحقّر النفس ويقمعها ويسقط كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه ويمحق بركة العمر، ويضعف في القلب تعظيم الله وخشيته.
الزنا . .
هو دين في عنقك وإن لم تسرع بالتوبة إلى الله فأن عليك سداده من أهل بيتك شئت أم أبيت .
فالزاني يزنى به ولو في عقر داره.
يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكاً *** سُبل المودة عشت غير مكرم
من يزني في قوم بألفي درهم *** في أهله يزنى بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة ماجد *** ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم
وإني أسالك بالله : هل ترضى الزنا لأمك؟ أو أختك أو ابنتك ؟
فإن كنت ترضاه فأنت والعياذ بالله ديوث، وما أظنك ترضاه .
وإن كنت لا ترضاه فإن الناس كذلك لا يرضونه لأمهاتهم، أو أخواتهم أو بناتهم
أو عماتهم أو خالاتهم .
فهل عرضك حرام على الناس وأعراض الناس حلال لك ؟
أما ترحم أمك أو أخواتك أن يُصبن بمثل ما أصبت من محارم الناس؟
أما ترحم ابنتك أو زوجتك أن يفعل بها مثل ما فعلت أنت ببنات الناس؟
الحذر الحذر أختي الغالية
إن في الزنا فساداّ للزانية ما بعده فساد .
فهي تفسد بهذا العمل حياتها ،وتخسر شرفها وشرف أهلها، وتسيء إلى سمعتها وسمعة أهلها .
فإن كانت المرأة الزانية غير متزوجة ،فإنها بهذا العمل المشين قد صرفت أنظار الراغبين بالزواج عنها ، فلا يتقدم لخطبتها أحد يعرف حالتها .
حتى ولو كان هو الشخص نفسه الذي عبث بها ولوث شرفها وكرامتها، فأنه لن يتقدم لها ،لأنه يحتقرها ولا يرضاها زوجة له لما يعرفه عنها من الخيانة ، فتعيش المرأة بعد جريمة الزنا عيشة ذل وهوان، لا زوج يحصنها ولا عائل يعولها .
فتصبح محتقرة ذليلة بين أهلها وذويها ،إضافة أيضاً إلى الجناية على سمعة أخواتها، مما يقضي على مستقبلهن ويبعد عنهن راغبي الزواج بسبب جنايتها.
أما إن كانت المرأة الزانية متزوجة ، فهي بذلك ترتكب جريمتين منكرتين :
الأولى : أنها تفسد بهذا العمل حياتها وتخسر شرفها وشرف أهلها ، وتسيء إلى سمعتها وسمعة أهلها .
والثانية : أنها تفسد فراش زوجها ، وربما أدخلت عليه أولاداً من الزنا ، فتغش بهم زوجهاطوال حياته ويرثونه من بعد موته وينتسبون إليه وهم ليسوا بأولاده .
الحذر الحذر أخي الحبيب
وأما فساده للزاني ، فإنه بالزنا ينكلب ويتولع به ويصبح كالكلب المسعور في تعلقه بالنساء ،وقد يكون سبباً في ابتلاء أحد محارمه بالوقوع بمثل هذه الفاحشة ،عقوبة من الله له فيُهتك عرضه كما هتك هو أعراض الناس ،فيفضحه الله جزاء فعلته الشنيعة.
واسمع ما يقوله الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.
حديث صحيح رواه البخاري
وفي الحديث الذي صححه الألباني عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال:
إذا ظهر الزنا والربا في قرية ؛ فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله .
وفي الحديث الذي صححه الألباني عن معقل بن يسار المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له .
وفي الحديث الذي صححه الألباني عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته .
يا أمة محمد ! والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، اللهم هل بلغت
وفي حديث الرؤيا الطويل الذي رواه سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما اجتمع بأصحابه وقال لهم : لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي ...
ورد ذكر الزناة في جزء من الحديث إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور ، أعلاه ضيق وأسفله واسع ، يتوقد تحته نارا فإذا اقترب ارتفعوا ، حتى كادوا أن يخرجوا ، فإذا خمدت رجعوا فيها وفيها رجال ونساء عراة ، فقلت : من هذا ؟ قالا : انطلق ، فانطلقنا .
وفي نهاية الحديث يقول لهما الرسول الكريم : طوفتماني الليلة ، فأخبراني عما رأيت .
قالا : نعم ،... والذي رأيته في الثقب فهم الزناة .
حديث صحيح رواه البخاري
وفي الحديث الذي صححه الألباني عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال:
لم تظهر الفاحشة في قوم قط ؛ حتى يعلنوا بها ؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا.
وفي الحديث الذي صححه الألباني عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى اله عليه وسلم :
لأن يزني الرجل بعشر نسوة ؛ أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره .
إلى كل من هتكت عرضها نقول:
يا من هتكت عرضك وعرض زوجك وأهلك بالزنا ومرغته في الوحل ونزلت به إلى الحضيض وأفسدت حياتك وحياة أهلك وأسأت إلى سمعتك وسمعتهم من أجل شهوة عابرة أو عرضً زائلً من الدنيا، أما تخافين الله ؟
كيف طاوعتك نفسك على فعل هذه الفاحشة النكراء؟
أين ذهب حياؤك؟ أين ذهب عقلك؟
هل فكرت بعذاب الله؟ هل فكرت بعاقبة ذلك في الدنيا والآخرة؟
هل فكرت في الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة ؟ هل فكرت في موقف أهلك وزوجك وأولادك وفضيحتهم بين الناس ؟ هل فكرت بالعار الذي سيلحق بهم ؟
هل فكرت ماذا سيكون لهم بعد ذلك ؟
وكيف سيواجهون الناس وقد سودت وجوههم بجريمتك هذه ؟
إن موتك هو أهون عليهم بكثير من وقوعك بمثل هذه الفاحشة.
فاتقي الله وتوبي إليه وابتعدي عن هذا العمل المخزي قبل أن يفتضح أمرك أو أن تموتي وأنت مصرة على هذه الفاحشة القبيحة.
وإلى كل من ابتلي بالزنا نقول:
اعلموا رجالاً ونساءً أن الله يراكم، فاحذروا أن تجعلوه أهون الناظرين إليكم ، واياكم أن تسمحوا لهذه الشهوة الحيوانية وهذه اللذة الفانية أن تنسيكم عظمة مولاكم وإطلاعه عليكم.
إنكم لا تستطيعون أن تفعلوا هذه الفاحشة القبيحة أمام أي إنسان حتى ولو كان طفلاً صغيراً ولكنكم مع الأسف الشديد ترتكبونها أمام العلي الكبير جبار السموات والأرض .
فأين تعظيم الله في قلوبكم؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟
أما استشعرتم عظمة الجبار؟ أما تخافون غضب القهار؟
وهل نسيتم الموت وسكراته ؟ والقبر والصراط وزلته والحساب وشدته ؟
هل نسيتم النار وما فيها من العذاب ؟
إن أمامكم أهوال عظيمة لا يعلم عظمها إلا الله ، ولا طاقة لكم بها ولن تتحملوها، فلا تجعلوا هذه الشهوة الفانية تنسيكم كل هذه الأهوال التي أمامكم، وتنسيكم عظمة ربكم وتنسيكم مصيركم.
والله إنكم لأضعف من أن تتحملوا شيئاً من عذاب الله فلا تتمادوا في معصيته.
والله إن شهوات الدنيا كلها لا تساوي ضمة من ضمات القبر فكيف بما بعده من العذاب ؟
ولا خير والله في شهوة بعدها النار والدمار .
فتوبوا إلى الله قبل أن لا تقدروا . وتوبوا قبل أن تندموا في وقت لا ينفع فيه الندم
المصدر: مقالات الهدف - http://www.al-hadaf.org
نشرت فى 2 ديسمبر 2010
بواسطة Naseem
عدد زيارات الموقع
329,754
ساحة النقاش