لماذا الخوف من الحجاب ؟



يشكل حجاب المرأة بالنسبة لكثير من الناس معضلة من معضلات العصر الكبرى ، فقد انقسمت الآراء إزاء هذا الموضوع إلى قسمين : قسم معاد للحجاب يعتبره عائقاً في طريق تقدم المرأة وحريتها وإنسانيتها ، وقسم ينظر إليه نظرة شرعية لا مجال لرفضها أو إبداء الرأي فيها. 
ويرى أنصار الفريق الأول أن الحجاب إنما هو مقرون بفترة زمنية محددة انتهت مع انتهاء عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعين من بعده ، إضافة إلى كونه لا يعتبر فرضاً على نساء المسلمين كافة بل هو يختص بنساء النبي عليه الصلاة السلام ، ويقولون أن عدم ارتداء الحجاب ليس من الكبائر التي تُدخل النار ، بل هو من الصغائر اللمم التي يعفو عنها الله سبحانه وتعالى . 
أما أنصار الفريق الثاني ، فهم أيضاً ينقسمون إلى فئتين : الفئة الأولى أيقنت بما جاء به الإسلام ، والتزمت الحجاب عملاً بقول الله سبحانه وتعالى : 
{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلا ضلالا مبيناً }سورة الأحزاب ، آية 36.
أما الفئة الثانية ، وهم المعنيون بهذا المقال ، فهم يترددون في الالتزام بأوامر الله عز وجل ، ويعجزون عن تطبيق أحكامه الشرعية ، والأسباب في ذلك متنوعة ، منها : 
-1- ضعف الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، إذ أن الإيمان لا يكون فقط إيماناً بالقلب بل هو "اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان " ، فالمرأة التي تقول عندما تسئل لماذا لا تتحجب؟ " الله بعد ما هداني ، الله يهديني " إنما تجهل معنى الإيمان ومعنى الهداية ، فالهداية لا تكون إلا بعد الأخذ بالأسباب عن طريق اتباع الحق الذي أرشد إليه الله عز وجل عباده في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وإصلاح النفس ، عندئذ يحدث التغيير وهداية التوفيق من الله عز وجل القائل : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } سورة الرعد ، آية 11. 
ومثال على هذا الالتزام ما ذكرته كتب الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن واختمرن بها" (البخاري ) . 
فإنهن لم يتباطان بل التزمن بأوامره عز وجل ، مؤمنين بفرضيتها وراجين الأجر والثواب عليها . 
-2- الجهل بأحكام الدين الإسلامي ، فقد فُرض الحجاب على المؤمنات بقوله عز وجل : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } سورة النور ، الآية 31 . 
فالخُمر في اللغة جمع خِمار ، وهو غطاء الرأس ، والجيوب : جمع جيب ، وهو فتحة الصدر من القميص ونحوه ، فهذه الآية واضحة في فرضها للحجاب على المرأة المؤمنة ، إلا أن للبيئة العامة المحيطة بالمرأة أثرها البالغ في جهلها بأحكام دينها ، وتتنوع هذه البيئة بين البيت والمدرسة ... كما أن لشهوات النفس الأمارة بالسوء دورها في تنفير المرأة من العلم وترغيبها بالاختلاط والسفور والإباحية في اللباس والتصرفات التي يحرمها الشرع والتي يشكل الالتزام بالحجاب عائقاً في طريقها . 
-3- ارتباط مفهوم الحجاب بمغالطات فكرية ناجمة عن عادات وتقاليد ومفاهيم خاطئة كثيراً ما تمس بالعقيدة الصحيحة ، وتؤدي إلى الوقوع في المخاوف والهواجس المتعددة ، ومن هذه المغالطات : 
-أ- أن الحجاب يكون في الكِبر ، وبعد أن تبلغ المرأة سناً معينة ، وتزوج أبناءها ، حينئذ تتفرغ لنفسها فتحج ، وتتحجب وتلتزم عبادة ربها ... وكأنها على علم مسبق بمدة انتهاء الأجل ، أو كأنها على يقين أنها في تلك الفترة ستقدر على عبادة لم تَعْتَدها ، أو أنها ستقوم بما لم تقم به من قبل، وصدق المثل الذي يقول : " من شبَّ على شيء شاب عليه " . 
-ب- أنّ الحجاب يقف في طريق سعادة الفتاة التي تنتظر الزواج ، فالخاطب يفضل الفتاة السافرة على المحجبة ولو كان ملتزماً في بعض الأحيان ، فهو يأمل أن يحجِّبها بعد الزواج ويكسب بها أجراً !! وهذا الأمر ، وإن كان يحصل في بعض الحالات ، إلا أنه لا يعتبر قاعدة عامة ، وعلى المرأة التي ترغب في الزواج أن تعلم بأن " الطيور على أشكالها تقع " ، وأن عدم التزامها سيجعلها عرضة لنوعية من الخطاب الذين لا يتمتعون بالمستوى الإيماني المطلوب تميّز الخاطب به تنفيذاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي . 
-ج- أن الحجابَ يمنع المرأة من إيجاد عمل بعد تخرُّجها ، إذ أن كثيراً من المؤسسات ترفض توظيف المرأة المحجبة ، وإذا صادف أن شاءت إحدى الموظفات الالتزام فإن مصيرها قد يكون الطرد. وهذا الأمر ، وإن كان يحصل في بعض المؤسسات ، وعند بعض الأشخاص الذين يسعون وراء المغريات التي تقدمها العاملة لديهم ، إلا أن على المسلمة التي ترغب في الالتزام بالحجاب أن تتأكد أن الحجاب لا يمكن أن يكون عائقاً أمام طلب الرزق ، فكم من فتيات غير محجبات لا يجدن عملاً ؟ 
والتأخير في إيجاد العمل إنما هو من قضاء الله ، وابتلاء من الله عز وجل لمعرفة صدق اليقين عند المرأة ، وحينئذ لا بد أن يكون هذا العمل عند الشخص المناسب وفي المكان المناسب ، فالشخص الذي يختار المرأة المحجَّبة لتعمل عنده ، فهو إنما يبحث عن الكفاءة كما أنه يؤمن بالطريق الذي اختارته تلك الفتاة كمنهج لحياتها. 
-د- إن فكرة الالتزام بالحجاب تصطدم في بعض الأحيان مع هواجس ومخاوف متنوعة ، فبعض النساء يخفن من مواجهة أهلهن بهذه الرغبة ، لعلمهن المسبق برفض الأهل لهذه الخطوة ، أو لخوفهن من مواجهة محيطهن الخارجي الذي يستهزئ بالحجاب ومن يرتديه ويعتبره ظاهرة غير حضارية ، وهو دليل تخلف وتراجع، وإلى هذه المرأة نقول : تذكري أختي المؤمنة قول رسول لله صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، رواه الترمذي ، وتذكري أن عدم التزامك تحت هذه الحُجة لن يرفع عنك الإثم لقول الله عز وجل : { كل نفس بما كسبت رهينة } سورة المدثر ، آية 38. فبادري إلى الالتزام بأوامر الله عز وجل وأحسني التوكل عليه فهو القائل : { فإذا عزمت فتوكل على الله } سورة آل عمران ، آية 159. وهو القائل : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه} سورة الطلاق ، آية 3 ، فلا بد أن يمدك بالعون في مهمتك ، لأن قلوب البشر بين يديه ، فهو القادر على تحويل الرفض إلى قبول ، وتحويل المعصية إلى طاعة . 
أما المستهزئين ممن حولك فتذكري قول الله عز وجل فيهم : { ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة } سورة البقرة ، آية 212. 
-هـ- أن الحجاب يفقد المرأة الأناقة التي تحرص عليها كثير من النساء ، فهن يعتبرن أن الحجاب يفقدهن جمالهن ويجعلهن يظهرنن أكبر من سنهن الحقيقي ، وإلى هؤلاء نقول كما قال تعالى :{ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } سورة الجمعة ، آية 8. 
وصدق الشاعر الذي يقول : 
" وزائرة للشيب لاحت بمفرقي *** فبادرتها خوفاً من الحتف بالنتف 
فقالت : على ضعفي استطعت ووحدتي *** رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي" 
ونقول أيضاً : إن الإسلام لم يمنع الزينة والتبرج عن المرأة بشكل كلي ، بل هو خصهما بالزوج، ومنعهما عن أعين المتطفلين العابثين ، الذين يسعون إلى الفتنة والفساد في الأرض ، ولا أخال امرأة عاقلة تسعى إلى كسب اهتمام مثل هؤلاء الأشخاص. 
وختاماً فإن أسباب عدم الالتزام بالحجاب متنوعة ومتعددة ، وهي تختلف من امرأة إلى أخرى ، تبعاً لنفسية وظروف كل واحدة ، وإن كانت في أغلب الأحيان ناتجة عن اتباع الهوى الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله : { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى } سورة النازعات ، الآيتان 40،41 

المصدر: الاخوات في طريق الايمان د. نهى قاطرجي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 220 مشاهدة
نشرت فى 9 سبتمبر 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,399

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.