أعيدوا شوارب الرجال الى وجوههم

الشارب في عرف الشرقيين له مدلولات عميقة عند الرجال والمجتمات العربية ففي الموروث الشعبي يقال: 
«ان رفتعها في الشارب وان طمّنتها باللحية».
وهو مثل يطلق على انسان تعرض لاهانة بالغة من شخص عزيز وتربطه به علاقة وثيقة، ونلاحظ أنه تم اقران الشارب بالمثل كاستدلال عميق على مدى أهمية الشَعْر في وجه الرجل وارتباطه بكرامته.«.
هذا وللشارب مكانة مخصوصة لدى بعض الرجال خاصة في بعض المجتمعات، ومن الصعب عليهم التنازل عنه ولو اجمتعت عليه امبراطورية «جيليت».، فهو لن يخضع للشفرة ولن ينحني أبداً لمتطلبات المجتمع العصرية أو لاغواءات الموضة انه يرى فيه قيمة أخلاقية لا يمكن انكارها.فهو مدلول الخشونة والقوة والشجاعة.
فالرجل فيما مضى يقسم بشاربه واذا أراد تدعيم قسمه فانه يهدد بحلقه.
»على هالشارب» أو «بهالشارب«.
طبعا هذا لا يجوز شرعاً لكنه من باب التبيان لا أكثر، اليوم بعض الرجال ينافسون النساء في الحلفان ويوزعون الوعود رزم رزم دون التزام، فذهبت الشوارب ولم يتبق الا الكلام..
الشارب ليس مجرد جزيرة شعر تعتلي شفاه الرجال بل يتعداه لأن يكون رمزاً للشهامة والرجولة ومن العار انتزاعه، وهذا من وجهة نظر الكثيرين ومن ظمنهم أنا، ولاحظوا أننا نقول أنه رمز وليس المفهوم الحقيقي للرجولة..
في صعيد مصر تحديدا محافظة «قنا» تمت عملية ثأر من نوع مثير حينما قامت احدى العوائل هناك باحتجاز رجل من عائلة خصم لهم وأرادوا تلقين العائلة درسا شرقيا بحتا.فحلقوا شعر رأس المحتجز وشاربه ولحيته وحاجبيه وبعدما انتقموا بطريقتهم الخاصة أفرجوا عنه وأطلقوا سراح وجهه الأملس.
فقامت قيامة العائلة التي تعرض ابنها للاختطاف وتطيير شعر وجهه فقررت الأخذ بالثأر ورد اعتبار كل الشوارب التي في وجوه رجال العائلة المغدورة فاختطفوا رجلا من العائلة التي أهانتهم اهانة بليغة وفعلت به ما فُعل بابنها ولما تمموا قِصاص الشنب قاموا باطلاق الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجاً بأخذ الثأر مع لافتة كبيرة كتب عليها (خلي بالك من شنبك).
النساء بطبعهن يَمِلْنَ للرجل الخشن بشاربه (اللا طويل) والذي بالطبع لا يتدلى على شفتيه ويثير الاشمئزاز و(اللا مبروم) باتجاه أذنيه ولكنهن يُحببن الرجل بشارب، وهذا ليس وفقاً لشعوري الشخصي بل وفق دراسات عدة.
فالشارب المنطقي، المتزن، والمعتدل في هيئته يروق للكثير من الاناث فهو ووفقاً للأيديولوجيات الفكرية للمجتمع الشرقي ومعتقد النساء السائد فانّ الشارب يضفي على الرجل مشهد أكثر خشونة وقدرة ايحائية على الاحتواء مما يجعلهن يشعرن بأنوثتهن العفة تنبض بشكل طبيعي كلما لمحن جزيرة الشعر تلك، مع هذا فبعضهن يفضلن الرجل «أملس» لأنهن يجدنه أكثر نظافة، وبغض النظر عن هذا وذاك لا يمكننا حصر المروءة في وجود شارب من عدمه، فالقط يمتلك شارباً والصرصور أيضاً ومن الحماقة ربط الرجولة بالشارب.
ولكننا نتمنى ان يلاحق الرجال أشنابهم التي تهرب باتجاه المجهول وأن يحتفظوا بما سنهُ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين).
نتمنى صدقاً ان تعود شوارب الرجال الى وجوههم،، ونتمنى أكثر أن يعود الرجال الى منصة الرجولة بالفعل قبل الشكل مع وافر التقدير.

ـــــــــــــــــــ

وردت أحاديث كثيرة بتوفير اللحى وإعفائها

  أوفوا، وأرخوا، وأرجوا، ووفروا، وأعفوا، ومعانيها كلها متقاربة، ولم يرد حديث بلفظ (اتركوا) ولا بلفظ (أكرموا)، والروايات هي:

1-  حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: ((أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى)) رواه مسلم.
2-  حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((جزوا الشوارب وأرخوا اللحى)) رواه مسلم، وجاء بلفظ (أرجوا) بالجيم.
3-  حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: ((وفروا اللحى وأحفوا الشوارب)) رواه البخاري
4-  حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: ((أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى)) رواه البخاري، ومسلم بلفظ (أحفوا الشوارب)
وهذه الألفاظ كلها تدل على الترك والتوفير والتكثير
(أوفوا) من الإيفاء وهو الإتمام وعدم النقصان،  قال في تاج العروس: (أوفى الشيء أي تمَّ وكثُر)، وفي مقاييس اللغة: ( (وفي) كلمةٌ تدلُّ على إكمالٍ وإتمام)
(أرخوا) من الإرخاء وهو بمعنى الإطالة والسدل أرخى العمامة أطالها، وأرخى الستر أسدله (انظر تاج العروس)
(أرجو) أصلها أرجئوا من الإرجاء وهو التأخير فلما قال: (أحفوا الشوارب) قال بعدها: (وأرجوا اللحى) أي أخروها ولا تحفوها.
  (وفِّروا) من التوفير وهو الكثرة، قال ابن فارس في مقاييس اللغة: ( (وفر) كلمةٌ تدلُّ على كثرةٍ وتَمام)، وفي القاموس المحيط: (وفره توفيراً: كثَّره)، وفي لسان العرب: (وفَّره: كثَّره)
(أعفوا) الإعفاء أصل معناه في اللغة الترك كما في تاج العروس وغيره، تقول: عفا الله عنك، أي ترك عقابك، وعفوتُ عن فلان أي تركته وحاله ولم أعاقبه، و يأتي بمعنى التوفير والكثرة، ففي لسان العرب:  (عفا القوم كثروا، وفي التنزيل: {حتى عفوا} أي كثروا، وعفا النبت والشعر وغيره يعفو فهو عاف: كثُر وطال، وفي الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعفاء اللحى، هو أن يوفَّر شعرها ويُكَثَّر، ولا يقص كالشوارب، من عفا الشيء إذا كثر وزاد) ا.هـ، وقال القرطبي في (المفهم) (1/512)  قال أبو عبيد: (يقال عفا الشيء إذا كثر وزاد)
فأنت ترى أن كل الألفاظ التي جاءت في الأحاديث تدل على الوفرة والكثرة، وبصيغة الأمر الدال على الوجوب، وقد تأكد ذلك بفعله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يصح عنه أنه أخذ شيئا من لحيته بل جاء في أحاديث كثيرة في صفته صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان: (كث اللحية) رواه البخاري ومسلم، و (كثير شعر اللحية) رواه مسلم، كما ورد في صفة عدد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا كثيري شعر اللحية، ولا يُعرف عن أحد من السلف أنه حلق لحيته ألبتة، ولذلك اتفق الفقهاء على حرمة حلقها ونقل غير واحد الإجماع على ذلك منهم ابن حزم بقوله: ((واتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثلة لا تجوز)). ولم يعلق عليه ابن تيمية، انظر: (مراتب الإجماع) (ص120)، وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز في مجموع الفتاوى (3/373): ((حكم اللحية في الجملة فيه خلاف بين أهل العلم هل يجب توفيرها أو يجوز قصها, أما الحلق فلا أعلم أحداً من أهل العلم قال بجوازه)).
أما الأخذ منها وتقصيرها وتهذيبها فإن كان بحيث لا تكون وافرة وكثيرة وكثة فلا يجوز، لظاهر النصوص السابقة والتي تدل كلها على وجوب الإعفاء والتوفير والإرخاء وهذا ما عليه جمهور العلماء، ولكن اختلفوا فيما لو أخذ منها شيئاً مع بقائها وافرة كثيرة على قولين:
الأول: عدم جواز أخذ شيء منها ودليلهم الأمر بالإعفاء وأخذوا من معنى الإعفاء الترك وهو أحد معنيي الإعفاء، أما بقية ألفاظ الحديث فلا تدل على عدم جواز أخذ شيء منها.
الثاني: جواز الأخذ منها مع توفيرها وإرخائها، ودليلهم أن الإعفاء يأتي في اللغة بمعنى الكثرة كما تقدم، قالوا: فمن ترك لحيته وأعفاها حتى طالت وكثرت فقد حقق الإعفاء الواجب، كما استدلوا بفعل عدد من الصحابة منهم ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم بأخذ ما زاد على القبضة، ثم اختلفوا هل كان هذا في نسك أم لا؟ وهذا الاختلاف لا يغير في أصل الاستدلال لأنه كما قال ابن عبدالبر في(الاستذكار) (4/317): (( لو كان غير جائز ما جاز في الحج)) .
وسبب اختلافهم هو أن ابن عمر رضي الله عنه راوي حديث: (أعفوا اللحى) هو نفسه كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة فمن قال بعدم الجواز استدل بقاعدة: (العبرة برواية الراوي لا برأيه)ومن قال بالجواز استدل بقاعدة: (الراوي أدرى بما روى) وقال لم يخالف ابن عمر رضي الله 

ـــــــــــــــــــ

وخلاصة ما سبق:

1.  أن حلق اللحية حرام بالإجماع.
2. أن الأخذ منها وقصها بما يخل بتوفيرها وكثرتها حرامٌ أيضاً لمخالفته الأمر بالإعفاء والإرخاء والتوفير الوارد في الأحاديث وضابط ذلك ما زاد على القبضة وهو في الغالب إلى منتصف الصدر.
3.  أن المعاصي تتفاوت، فالحلق أعظم من أخذ شيء منها.
4. أن الأخذ من اللحية بما لا يخرجها عن كونها كثة وكثيفة وهو ما زاد على القبضة مما اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً.
5. أن حاصل كلام القائلين بجواز الأخذ منها هو الأخذ مما زاد على القبضة  ولا أعلم أحداً يقول بجواز الأخذ دون ذلك.
6. أن سبب اختلافهم كما سبق بيانه هو معنى الإعفاء واختلافهم في تقديم إحدى القاعدتين على الأخرى، قاعدة: (العبرة برواية الراوي لا برأيه) وقاعدة: (الراوي أدرى بما روى).
7. أن الأولى والأحوط خروجاً من الخلاف تركها دون أخذِ شيء منها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 435 مشاهدة
نشرت فى 5 يوليو 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,467

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.