دين الله واحد:
{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا}
الدّين الذي ارتضاه الله لكلّ عباده وأرسل به كل رسله واحد؛ وهو الإسلام؛ قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30>، (لدينه أي: لا تبدّلوه بأن تشركوا)، {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [يوسف: 40>، (المستقيم توحيد الله) المَحَلِّي في تفسير الجلالين، وغيره بغير لفظه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم إلى يوم الدّين: "الأنبياء أولاد علّات، أمَّهاتُهم شتَّى ودينهم واحد" متّفق عليه.
أصل الرّسالات واحد:
بعث الله جميع رسله ليبلّغوا جميع رسالاته إلى جميع عباده على أصل واحد لم يختلف باختلاف الأمم والزمان والمكان والأحوال المعيشية والفكريّة والسّياسيّة:
الأمر بعبادة الله وحده، والنّهي عن إشراك أحد من خَلْق الله - كائنا من كان - معه في عبادته، وبخاصّة دعاء أوثان المقامات والأضرحة والمشاهد والمزارات التي شرعها الشيطان لقوم نوح ثم من تبعهم من أهل أديان الحقّ والضّلال. قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25>، وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6>.
وأورد البخاري في صحيحه عند تفسير قول الله تعالى عن قوم نوح في أصنامهم أو أوثانهم: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23> قول ابن عباس رضي الله عنهما: (أولئك أسماء رجال صالحين، فلما ماتوا أوحى الشيطان إلى من بعدهم أن ابنوا في مجاسهم أنصابا)، وذكر الخبَرَ -بغير لفظه- ابنُ جرير رحمه الله في تفسيره.
منهاج الدعوة بعد الرّسل واحد:
ليس لمن آمن بالله وكتابه ورسوله أن يدعو إلى الله إلا على منهاج رسوله صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله له وأمر باتّباعه، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36> وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31>، وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108>، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125> وهي السّنّة. ومنهاج الرّسول صلى الله عليه وسلم (ومن سبقه من الرّسل ومن تبعه من الخلفاء الراشدين المَهديين وفقهاء الأمة بعدهم حتى زُيِّن لأكثرنا الفكر بديلاً عن الوحي): يبدأ ويستمر وينتهي بنشر توحيد الله بالعبادة ومحاربة الشرك في العبادة وما دونه من البدع. وهذا بفضل الله ما أسِّسَتْ عليه هذه الدولة المباركة بعقد لا يجوز نقضه بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله. ومن اختار غيره فقد استدرك على الله ورسوله، وحكم بغير ما أنزل الله، وشَرع من الدّين ما لم يأذن به الله، وصلى الله وسلم على محمد وآله.