إجريت على عدد من شاربي الكحول في مستشفيات الأمل

دراسة تؤكد أن الكولونيا والعرق هما المادتان الأكثر تعاطياً من مدمني الكحول

 
تحقيق - نايف آل زاحم:
    اصبح تفشي ظاهرة استخدام الكولونيا كمشروب كحولي ومادة مسكرة بشكل ملحوظ وخطير بين اوساط بعض الشباب في الآونة الاخيرة وان لم يصل الى حد الظاهرة ولله الحمد مما يتطلب منا جميعاً الوقوف على هذه المشكلة التي تنتشر بين فئة الشباب الذين هم عماد هذا الوطن وعدته للمستقبل وذلك لايجاد حلول سريعة ومدروسة للقضاء على هذه المشكلة او الحد من تفاقم استخدام الكولونيا كمشروب كحولي من قبل شريحة من المجتمع. لما يترتب على ذلك آثار اجتماعية مدمرة واضرار صحية بليغة لكل من يتعاطاها. وهذا خلال ما حصل في الايام الماضية في عدد من المستشفيات في المملكة من تنويم عشرات الحالات بالمستشفى نتيجة شرب الكولونيا، والسؤال المهم هنا ويتطلب اجابة شافية هو ما الذي يجعل انساناً عاقلاً يندفع وبدون تفكير الى شرب شيء يعلم ان فيه خطراً على صحته، قد ينتهي به الى الوفاة؟!!
وهل هناك طريقة يمكن بها منع وقوع مثل هذه الحوادث؟ كل هذه التساؤلات وغيرها نحاول الاجابة عليها من خلال هذا التحقيق.
(أمور غير مقبولة)
في البداية يقول د. أسعد بن محمد صبر استشاري الطب النفسي رئيس اقسام الادمان بمجمع الامل للصحة النفسية بالرياض ان تعاطي المسكر في مجتمعنا يعتبر من الامور غير المقبولة على جميع المستويات خلاف حرمته فتعاطي جرعة واحدة حكمه شرعاً كحكم من تعاطى كميات كبيرة، والمجمع لا يتقبل ان يكون احد افراده معروفاً باستعماله للمسكرات، سواء ادمن عليها ام لم يدمن.
وعليه فإن من يتجرأ على استعمال هذه المواد اياً كانت ولو بكمية بسيطة، او في اوقات متباعدة (او في المناسبات) فإنه من اول مرة فعلها قد كسر - داخل نفسه - كافة الحواجز النفسية التي تمنعه وتقف عائقاً امام تكرار هذه الفعلة مستقبلاً، لذا فإن المرة الثانية ستكون وبلا شك اسهل من المرة الاولى، والثالثة اكثر سهولة وهكذا الى ان تصبح عادة يخفيها فقط عمن لا يريد ان يعلم بها من ابناء مجتمعه، فقط لأنهم يخالفونه الرأي بخصوصها.
لذلك فإنه يبحث عن من يشاركه هذه العادة ليكونوا هم (مجتمعه الخاص) فلا يشعر انه منبوذ اجتماعياً، ويعيش بين المجتمع وهو راض عن سلوكياته ولا يشعر بتأنيب الضمير، ولذلك فإنه اذا وجد افراد هذا المجتمع الخاص (او اصحاب شلة الانس) يشربون الكحول شربها واذا شربوا العرق شرب العرق، واذا شربوا الكولونيا شرب الكولونيا.. شعاره في ذلك (الموت مع الجماعه رحمة)، وتحليلها النفسي يقول (حاجة الانسان الى الشعور بقيمة الذات والقبول الاجتماعي من خلال التماهي والتقليد للآخرين والرضوخ لضغط المجموعة)، وخصوصاً اذا كانت هذه المجموعة هي الملاذ الوحيد له بعد رفضه من قبل المجتمع الكبير.
واما من ناحية الحكم الشرعي وقدرة الانسان على تكرار فعل محرم شرعاً بدون ان يمنعه تأنيب الضمير وشعوره بالذنب ومراقبة الله عز وجل له من ذلك، فإننا نقول ان هناك من الحيل الدفاعية والحيل النفسية الكثيرة مما يجعل الانسان يبرر لنفسه ارتكابه لفعل محرم شرعاً وتكراره لذلك، فيبدأ بالانكار (وهو ان ينكر الانسان وجود المشكلة اصلاً وبل ويتغافل عنها ويحاول ان يعيش في الحياة وكأن شيئاً لم يكن) ثم التبرير (وهو ان يحاول ان يجد في حياته اسباباً واهية او اعذاراً شرعية يحاول ان يجعلها سبباً لممارسة فعل خاطئ) ثم الاسقاط (وهو ان يحاول ان يجد شخصاً ما او امراً ما يحاول ان يسقط عليه المسؤولية ويدعي ان يكون هو السبب في كل مشاكله بما فيها شرب المسكر)، ثم فلسفة الامور، وهي ان يحاول ان يجد لنفسه مخرجاً من الحكم الشرعي او الرأي الاجتماعي ويحاول ان يقنع نفسه والآخرين بأن هذا الامر سائغ ويمكن قبوله، وهو بذلك على الاقل يخفف عن نفسه الم الشعور بالذنب ويحاول ان يكون محترم الذات ولو امام نفسه على الاقل.
ونفس الامر ينطبق على النواحي القانونية، ومحاولة الالتفاف على القانون والنظام ليجد لنفسه المخارج او السبل التي يستطيع من خلالها الاستمرار في ممارسة هذه المخالفة القانونية دون ان يكشف امره او يحاسب عليها.
كما اوضحت الدراسة ان الكحول متوفر وان امكانية الحصول عليه سهلة خصوصاً في شكل الكولونيا المتوفرة في المحلات، وكذلك العرق المصنع محلياً والذي يتم الحصول عليه من خلال المروجين.
الحلول
ويتساءل الدكتور اسعد لماذا الكولونيا بالذات؟ هل كان بإمكان هؤلاء الاشخاص استعمال شيء آخر واختاروا الكولونيا ام كانت هي الشيء الوحيد المتوفر لديهم؟ هل كانوا على علم بالاضرار المتوقعة ومع ذلك جازفوا باستعمالها ام انهم وقعوا في فخ لم يكونوا متوقعين النتائج التابعة لهذا التصرف؟ والسؤال المهم هو: هل توفر الكولونيا في البقالات وبأسعار رخيصة يدفع لاستعمالها بهذه الطريقة العشوائية.
حيث يواصل قائلاً ان كل هذه الاسئلة التي ترد على الذهن تحتاج الى وقفة متأنية لدراسة هذه القضية وتحليل اسبابها ونتائجها، فالشاب الذي لديه وقت فراغ وليس لديه عمل يشغل وقته، والمراهق الذي ليس لديه الوعي وينجر وراء ضغوطات الصحبة الفاسدة وخصوصاً اذا كان فاقداً للدعم الاسري والاجتماعي وضائع الهوية، والتاجر الذي يوفر هذه المادة وهو على علم بامكانية اساءة استخدامه، والمسؤولون في وزارة التجارة وحماية المستهلك، والاعلام ودوره الهام في توعية المجتمع من اضرار هذه المواد، وكل جهة بامكانها تقديم التوعية والتثقيف للمجتمع سواء كانت جهة علاجية مثل مستشفيات الامل او جهة أمنية مثل ادارة مكافحة المخدرات، او ادارات الاعلام والتثقيف الصحي في الجهات المختلفة، كل هذه تلعب دوراً هاماً في التقليص من حجم المشكلة والتقليل من امكانية حدوثها مستقبلاً.
(خطر على الصحة)
ويؤكد د. عبدالعزيز بن عبدالله الدخيل استاذ الخدمة الاجتماعية المساعد بجامعة الملك سعود في دراسته التي اجراها على عدد من شاربي الكحول في مستشفيات الامل حيث توصلت الدراسة الى نتيجة مؤداها ان العرق (وهو مشروب مصنع محلياً) والكولونيا هما المادتان الاكثر تعاطياً من قبل مجتمع البحث، حيث يشكل شاربو العرق 64٪ والكولونيا 25٪ من العينة. وان الغالبية العظمى من مجتمع البحث هم من يتعاطون اكثر من عشر كاسات شراب في مناسبة الشرب الواحدة، وان من يتعاطون اربع مرات او اكثر في الاسبوع هم الشريحة الكبرى من مجتمع البحث. ويقول د. الدخيل ان اللافت للنظر هنا ان شرب العرق المصنع محلياً والكولونيا (غير المعد للشرب اصلاً) من قبل شريحة كبيرة من مجتمع الدراسة يشكل خطراً صحياً كبيراً على الشاربين. فالعرق يتم تصنيعه دون معايير، وبطريقة غير قانونية، ويجعله عرضة للتلوث والغش واضافة المواد السامة والادمانية الاخرى. اما الكولونيا، فهو على الرغم من انه غير معد للشرب اصلاً، الا ان استخدامه (خصوصاً اذا كان مصنعاً من كحول الميثانول) يشكل خطراً مضاعفاً على الصحة، حيث يؤدي الى الموت او تلف الكلى والاعضاء الحيوية. ايضاً من الامور الغريبة والتي توصلت اليها الدراسة ان 15٪ من مجتمع الدراسة اجابوا بأنهم يفضلون شرب الكولونيا حتى في حالة توفر انواع اخرى من المشروبات الكحولية، مما يدل على جهل هؤلاء بالخطورة الصحية الناتجة عن شرب الكولونيا.
(المسؤولية)
ويطالب د. الدخيل بوضع بعض الاجراءات الوقائية من اجل الحد من انتشار هذه الظاهرة ووضع ضوابط جديدة لاحجام واشكال قارورات الكولونيا وحتى تلك المواد التي تحتويها وبتشديد الرقابة على المصانع والشركات المنتجة لهذه النوعية من الكولونيا وضرورة تقيدها بالضوابط والشروط وكذلك نشر الوعي بين المواطنين حيث يجب ان تأخذ التوعية طابع المسؤولية العامة ولا تقتصر على وسائل الإعلام وحدها.. وخاصة بالنسبة لحماية صحة وسلامة المواطن..

المصدر: جريدة الرياض
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 251 مشاهدة
نشرت فى 30 يناير 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,617

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.