فريضة النقاب وشبهة الخلاف
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
لم يكن حجاب المسلمات بما في ذلك النقاب وتغطية وجه المرأة عن الأجانب محل جدل بين المسلمين، بل هو من الأمور المسلَّمة ومتعارف عليه في بيئة المسلمين بعد أن نزل الحجاب: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، وبقدوم الاستعمار الصليبي إلى ديار المسلمين انبهر بعض المفتونين بالحضارة الغربية فشنوا هجومهم الكاسح على الحجاب، وكانت بدايتهم التركيز على النقاب حتى انتهى الأمر بهم إلى كشف العورات وخروج النساء من بيوتهن يزاحمن الرجال في كل الميادين أسوة بالدول الغربية والأمم غير المسلمة، وتأثّرَ بهذا الجو كثير من المنتسبين لأهل العلم في البلدان التي صار الحجاب الكامل لديها نسياً منسياً، وساعدهم على ذلك بعض العبارات الواردة في بعض الكتب الفقهية التي نصت على أن وجه المرأة ليس بعورة، مع أن هذا لا علاقة له بالنقاب، وإنما قصدهم ليس بعورة في الصلاة، فخلط هؤلاء بين الأمرين وتركوا المحكم للمتشابه، ومن ثم أصدروا كتباً في هذا الصدد زاعمين بأن النقاب ليس واجباً، وأن للمرأة أن تكشف وجهها في كل ميدان وأمام كل أحد خيفت الفتنة أم لم تخف، وزعموا أن هذا هو رأي جمهور العلماء.
وسوف أتناول في هذه الصفحات بعض ما ينسف هذه الدعوى من خلال كلام أهل العلم في الكتب الفقهية المعتمدة، ولن أتعرض لتأصيل هذه المسألة؛ لأنها طويلة والنصوص الشرعية المتعلقة بها متشعبة.
ويكفينا هنا نقض هذه الدعوى العريضة التي تأثر بها الكثيرون دون تحقيق ودون نظر إلى الأدلة الشرعية الصحيحة ثبوتاً وفقهاً، وإنما تأثراً بما قيل إن هذا هو رأي الجماهير، ولهذه الدعوى وقعٌ في النفس وإن كان ذلك غير مؤثر في نظر أهل العلم؛ لأن الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق.
ومما يدل على أن ستر وجه المرأة هو الأصل منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - قول أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما-: " كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" صححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وأقرهما الألباني في الإرواء برقم (1023).
وقال إمام الحرمين: "مع اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور وترك التنقيب" نهاية المطلب 12/31- 32. وأقره الرافعي في فتح العزيز 4/472 والنووي في الروضة 5/366 وشهاب الدين الرملي في حاشيته على أسنى المطالب 3/109 وقال: (وهو المعتمد) وكذلك تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار (ص466-467).
وقال أبو حامد الغزالي: " إذ لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات" إحياء علوم الدين 2/47.
وقال الحافظ ابن حجر: " ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب" فتح الباري 9/324.
وقال ابن رسلان الرملي: " اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق" نقله الشوكاني في نيل الأوطار 6/137 وغيره.
وقال شمس الدين الرملي الملقب بالشافعي الصغير: " وقضية كلام الناظم حرمة نظر الرجل الفحل إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها عند أمن الفتنة، وهو كذلك كما في المنهاج؛ لاتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه" غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص247).
وقال السهارنفوري الحنفي: " اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق وظهوره" بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431.
أما ما يخص تنصيص علماء المذاهب على وجوب تغطية وجه المرأة أمام الرجال الأجانب لكونه عورة عند البعض وخوفا من الفتنة عند البعض الآخر، فسأذكر نماذج منه لا على سبيل الاستقصاء وإنما على سبيل التمثيل بادئاً بعلماء المذهب الحنفي، يقول شمس الأئمة السرخسي: " وبيان هذا أن المرأة من قرنها إلى قدمها عورة هو القياس الظاهر، واليه أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( المرأة عورة مستورة))، ثم أبيح النظر إلى بعض المواضع منها للحاجة والضرورة" المبسوط1/ 145.
وقال ابن الهمام الحنفي أيضاً: " المرأة منهية عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة وكذا دل الحديث عليه" فتح القدير 2/514.
وقال ابن عابدين: " قَوْلُهُ وَتُمْنَعُ الْمَرْأَةُ(الشابة) إلَخْ" أَيْ تُنْهَى عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً " قَوْلُهُ بَلْ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ"...وَالْمَعْنَى تُمْنَعُ مِنْ الْكَشْفِ لِخَوْفِ أَنْ يَرَى الرِّجَالُ وَجْهَهَا فَتَقَعُ الْفِتْنَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْكَشْفِ قَدْ يَقَعُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ" ردالمحتار3/257، وسبق قول السهارنفوري الحنفي.
أقوال علماء المالكية
قال الدردير: " وعورة الحرة مع رجل أجنبي منها أي ليس بمحرم لها جميع البدن غير الوجه والكفين، وأما هما فليسا بعورة وإن وجب عليها ستره لخوف فتنة" أقرب المسالك 1/289. وقال أحمد بن غنيم " اعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْ رُؤْيَتِهَا الْفِتْنَةُ وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا حَتَّى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا... وَأَقُولُ: الَّذِي يَقْتَضِيه الشَّرْعُ وُجُوبَ سَتْرِهَا وَجْهَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ.." الفواكه الدواني 8/ 73. وقال محمد بن إبراهيم التتائي: " فإن خيفت الفتنة به فقال ابن مرزوق: مشهور المذهب وجوب سترهما... وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة إليه، فمن الضلال المبين تساهل النساء مع اليهودي والبدوي" فتح الجليل شرح مختصر خليل 1/222.
أقوال علماء الشافعية:
تقدم بعض أقوال أئمة الشافعية مثل إمام الحرمين والغزالي وشمس الدين الرملي الملقب بالشافعي الصغير وغيرهم، وقال الإمام النووي: " وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَكَذَا وَجْههَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ، وَكَذَا عَنْدَ الْأَمْنِ عَلَى الصَّحِيحِ ط المنهاج 1/. 301 وقال الإمام السبكي " إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة " مغني المحتاج 6/ 323.
وقال الخطيب الشربيني: " يكره أن يصلي في ثوب فيه صورة، وأن يصلي الرجل متلثما والمرأة منتقبة إلا أن تكون في مكان، وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر إليها فلا يجوز لها رفع النقاب" الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 1/453. وقال البجيرمي: " قَوْلُهُ (وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ، أَمَّا عَوْرَتُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهَا فَهِيَ جَمِيعُ بَدَنِهَا حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ولو عند أمن الفتنة" حاشيته على الخطيب 1/450.
أقوال علماء الحنابلة:
قال الإمام أحمد: " كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها " نقله ابن تيمية في شرح العمدة 4/268. وقال ابن تيمية: "وكون الوجه واليدين ليسا بعورة لا يبيح إبداءهما للرجال بكل حال.. وإنما يظهر أثر ذلك في الصلاة ونحوها" شرح العمدة 3/373. وقال ابن القيم: " والعورة عورتان عورة في النظر وعورة في الصلاة، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك" إعلام الموقعين 2/80. وقال الشيخ منصور البهوتي: " والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة، حتى ظفرها وشعرها.. إلا وجهها.. (وهما) أي الكفان (والوجه) من الحرة البالغة (عورة خارجها) أي الصلاة (باعتبار النظر كبقية بدنها) لما تقدم من قوله (ص): المرأة عورة" كشاف القناع 1/267.
والمتتبع لأقوال أهل العلم يجد أن كلام بعضهم عن قضية كشف وجه المرأة فيه شيء من الإجمال أو التعميم أو الإطلاق، ويبقى الخلاف بينهم نظريا على حد قول بعض الباحثين؛ لأنهم لا يجيزون النظر إلى وجه المرأة الأجنبية إلا في حال الضرورة أو الحاجة؛ ولهذا تجد المتأخرين ينصون على وجوب تغطيته عند البروز، ونقل بعضهم اتفاق المسلمين على ذلك كما تقدم، وهو يعني الاتفاق من الناحية العملية التطبيقية.
ومن أبرز العلماء الذين نصوا على عدم وجوب ستر المرأة وجهها القاضي عياض حيث قال: " وأمر الله - تعالى- المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وفي هذا كله عند العلماء حجة أنه ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها وإنما ذلك استحباب وسنة لها، وعلى الرجل غض بصره عنها وغض البصر يجب على كل حال" المعلم بفوائد صحيح مسلم 7/37. وفي هذا حرج شديد وتعرض للفتنة لا سيما في زماننا حيث النساء في كل شارع وسوق وبأعداد تفوق أعداد الرجال، فمن الذي سيغض بصره والنساء من حوله في كل اتجاه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها والذي دفعه إلى ذلك أمران:
الأمر الأول: ما أثر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قول الله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
الأمر الثاني: التزام النساء بالقرار في البيوت في ذاك الزمان ومن تخرج منهن إلى الأسواق إنما تخرج لضرورة أو حاجة.
أما الأمر الأول: فإن هذا الأثر من طريق علي بن أبي طلحة وهو لم يسمع من ابن عباس، إضافة إلى أن الطريق إليه فيه من ضعف من جهة حفظه، لكن عليا سمع من كبار أصحاب ابن عباس فانتفت هذه العلة لثقة الواسطة، وبعض أهل العلم يحسن هذا الإسناد، وفي النفس منه شيء، وهذا الأثر هو عمدة من أطلق من أهل العلم القول بأن وجه المرأة ليس بعورة.
وحول هذا الأثر ملاحظتان:
1- أنه أطول من ذلك ولفظه كما في الطبري والبيهقي: (وَلا يبدِين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: والزينة الظاهرة: الوجه وكحل العين وخضاب الكفّ والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها) فهو إذا مقيد بمن يجوز لهم الدخول على النساء وهم المحارم.
2- أنه ورد عن ابن عباس من الطريق السابق نفسه في تفسير قول الله - تعالى-: (يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن) قال: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة" أخرجه الطبري، وهذا نص صريح من ابن عباس في وجوب تغطية وجه المرأة إذا هي خرجت، وتفسير للجلباب الوارد الأمر به في الآية، ولا يتعارض هذا مع الأثر السابق في تفسير قوله تعالى: (إلا ما ظهر منها) لأنه مقيد بمن يدخل على النساء وهم المحارم كما سبق.
إضافة إلى أنه ثبت عن ابن مسعود بأسانيد صحيحة في تفسير قوله - تعالى-: ( إلا ما ظهر منها) أنها الثياب الظاهرة، وهو الأرجح لعدة أسباب.
أما الأمر الثاني المتعلق بكلام القاضي عياض فإنه بناه على عادة زمانهم في قلة خروج النساء وقرارهن في البيوت، فيمكن حينها للرجال غض أبصارهم عند مرور النساء، أما والحال غير ذلك من كثرة النساء في الأسواق وتواجدهن في كل مكان كما هو واقع عصرنا فإن كشفهن لوجوههن وأمر الرجال بغض أبصارهم بدلا من تغطية وجوه النساء فهو من الأمور المتعسرة جدا، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا تأتي الشريعة بمثل ذلك وحال ذلك أقرب إلى قول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياكَ إياك أن تبتل بالماء
وقد وجه بعض أهل العلم كلام القاضي عياض بما لا يتنافى مع نقل إمام الحرمين لاتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات كما تقدم وضعف قوله آخرون، إذ قال ابن حجر الهيتمي: " ولا ينافي ما حكاه الإمام من الاتفاق نقل المصنف عن عياض... نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه، وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم " تحفة المحتاج 11/204. وبنحو ذلك قال سليمان بن عمر الجمل، وقال: " وهذا ما قاله حُج، وضعف شيخنا ما نقله القاضي عياض" حاشية الجمل على المنهج 8/78.
وقال الخطيب الشربيني (وكلام القاضي ضعيف) مغني المحتاج 4/209. وبمثل ذلك صرح شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج 6/188.
هذه نبذة عن الموضوع أردت من خلال ذلك تزييف ما قيل بأن مذهب الجماهير جواز كشف المرأة وجهها للأجانب، ولم أتعرض لمناقشة الأدلة والاعتراضات فلا يتسع المقام لبيانه، والأدلة المتضافرة على وجوب تغطية وجه المرأة في حضرة الرجال الأجانب مشهورة وصريحة، قال إمام المفسرين الطبري في تفسير قول الله - تعالى-: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين): " يقول - تعالى- ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين): لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهنّ؛ لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول" جامع البيان 20/324.
وبفضل الله - تعالى- رغم الحملات المسعورة على الحجاب وتهوين شأنه ونشر الرذيلة وتحسينها، بل ومحاربة الفضيلة وتقبيحها أيا كان مصدرها إلا أن المرأة المسلمة على وجه العموم وقفت شامخة خاضعة لأمر الله، وأبت أن تستسلم لدعاة الفتنة والمغرر بهم من أنصاف المتعلمين الذين اتخذوا قضية النقاب سلما يهدمون به الحجاب والعفة، بل تراهم فقهاء مبدعين في هذا الأمر دون سواه؛ لأنهم لا يقيمون وزنا لشرع ولا لسلوك نظيف، وإنما اتباعاً لأهوائهم وشهواتهم، وبعض الفضلاء من أهل العلم اشتبه عليهم أمر النقاب فأنكروا وجوبه، واستماتوا في الدفاع عن رأيهم اتباعاً للدليل حسب ظنهم، فهؤلاء لهم شأن آخر؛ لأنهم مجتهدون وإن أصبح رأيهم هذا مطية للمغرضين المتنكبين عن طريق الحق وعن كل ما يمت إلى الشريعة بصلة، وكان بحسبهم الوقوف تأملا في مدلول قول الحق - سبحانه -: ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)
فأين يقع صوت جلجلجلة الخلخال المخفي فوق القدم من وجه المرأة الذي هو عنوان مجامع حسنها ومحط أنظار الناس إليه! أفيحرم عليها أن تُحرك رجليها لتظهر صوتاً لحديد تتزين به فيهما، ولا يحرم عليها أن تكشف وجهها للصغير والكبير والصالح والطالح وفي كل مكان؟! ثم إن الدندنة حول الخلاف واتخاذه ذريعة لانتهاك أحكام الشريعة هو سبيل المفلسين وأهل الأهواء، أما أهل الإيمان والعلم فلا يتعبدون الله بالخلاف، قال الإمام ابن عبد البر: " الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله" جامع بيان العلم 2/109. وكأني بهؤلاء المفتونين مذعورون جدا من عودة الحجاب بما في ذلك النقاب في بلدان عربية وإسلامية بصورة مدهشة أفقدتهم صوابهم؛ لأن تلك البلدان تعد معاقل للعلمانية والتغريب، وما حصل يهدم أبنيتهم وشعاراتهم التي أسست على غير تقوى من الله ورضوان، ويقف حائلا دون مبتغاهم من هتك حجاب المرأة المسلمة في البلدان المسماة بالمحافظة بادئين بكسر حاجز النقاب مرورا بتدجين الاختلاط وانتهاءً بخلع الملابس والحياء والعفة، نسأل الله بمنه وكرمه أن يثبتنا على الحق وأن يميتنا عليه، وأن يدحر كيد الكائدين من المنافقين والفجار والكفار.