عدالـــة الشهـود عند الفقـهاء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.
خلق الله الإنسان مدنياً بطبعه يختلط بالآخرين ويعيش معهم وتنشأ بينه وبينهم مصالح مشتركة فيتعامل مع غيره بالمعاملات المختلفة من بيع وشراء وإجارة وشراكة، ونكاح وطلاق.
وهذه المعاملات التي تنشأ بين الإنسان وغيره تلبية لاحتياجاته ومتطلباته المختلفة قد تنشأ عن بعضها الخصومات والاختلافات، بل والاعتداءات، فيلجأ الإنسان إلىٰ القضاء ليفصل هذه الخصومات والمنازعات. وهذا الفصل في شريعة الإسلام لا يكون إلا بالْبَيِّنَةِ المزكاة؛ لقوله صلىٰ الله عليه وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَىٰ مَنْ اْدَّعَىٰ، وَالْيَمِينَ عَلَىٰ الْمُدَّعَىٰ عَلَيْهِ»([1]).
وتعتبر «الشهادة» من أهم وسائل إظهار البينة بين الناس، فقد قال الله تعالىٰ في كتابه العزيز: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282]. وقال تعالىٰ: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]. ومما يدل علىٰ أهمية الشهادة في الفصل والحكم في الشرع الإسلامي ما جاء في القرآن الكريم في قصة يوسف عليه السلام: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا) [يوسف: 26]. ومن هنا كان إسهاب الفقهاء في الحديث عن الشهادة وإفرادهم لها فصولاً كاملة بعنوان: «كتاب الشهادات» أو «القضاء والشهادات»([2]).
ولما كانت الشهادة تقوم في أساسها علىٰ الشاهد، وجدنا الفقهاء يشترطون في الشاهد شروطاً كثيرة، لعل من أهمها وأبرزها شرط العدالة. ونحن في هذا البحث سنتعرض لهذا الشرط بشيء من التفصيل حتىٰ نتبين معنىٰ العدالة التي اشترطها الفقهاء في الشاهد، وعلة اشتراطها ودليله، وما هي صفات العدل الذي ينطبق عليه وصف العدالة؟
وقد اقتضت خطة البحث تقسيمه إلىٰ مبحثين، وخاتمة.
المبحث الأول: في التعريف بالشهادة، وفيه ثلاثة مطالب.
المطلب الأول: تعريف الشهادة، لغة واصطلاحاً.
المطلب الثاني: مشروعية الشهادة، وحكمها.
المطلب الثالث: شروط الشهادة.
المبحث الثاني: في التعريف بالعدالة، وفيه المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف العدالة لغة واصطلاحاً، وتندرج تحته المسائل التالية:
المسألة الأولىٰ: تعريف الكبيرة.
المسألة الثانية: تعريف الصغيرة.
المسألة الثالثة: تعريف المروءة.
المطلب الثاني: الحكمة من اشتراط العدالة، وأدلة اعتبارها.
المطلب الثالث: هل يكتفىٰ بظاهرها أم يتعين تقصيها.
الخاتمة: وتضمنت أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث.
الدراسات السابقة:
لم أقف فيما اطلعت عليه من أبحاث ودراسات علىٰ بحث أفرد مسألة عدالة الشهود عند الفقهاء بدراسة وافية، وجُلّ الدراسات التي اطلعتُ عليها إما أنها تتكلم عن الشهادة بشكل عام، ومن ضمن ذلك الحديث عن العدالة، وقد لا تستوفي الحديث عنها بشكل كافي، أو كتب تتكلم عن العدالة عند الأصوليين أو المحدثين.
ومن الدراسات السابقة التي تكلمت عن أحكام الشهادة بشكل عام رسالة مقدمة إلىٰ جامعة أم القرىٰ عام ثمانية وتسعين وثلاثمائة وألف (1398هـ) من الدكتور محمد عثمان المنيعي بعنوان: (أحكام الشهادات في الفقه الإسلامي) ورسائل أخرىٰ مشابهة.
وكذا وجدتُ أبحاثاً تتكلم عن موانع الشهادة في الفقه الإسلامي ومن ذلك ما كتبه الدكتور/ عبدالرحمن محمد محمد عبدالقادر، بعنوان: (موانع الشهادة في الفقه الإسلامي)، وما كتبه الباحث/ سعد بن محمد المهنا، بعنوان: (موانع قبول الشهادة)([3])، ورسالة ماجستير تقدَّم بها الباحث/ أيمن بن سالم الحربي لجامعة أم القرىٰ، بعنوان: (موانع الشهادة في الفقه الإسلامي – دراسة فقهية مقارنة) عام اثنين وعشرين وأربعمائة وألف (1422هـ)، وكل هذه الرسائل والأبحاث قد لا تتعرض للحديث عن العدالة في الشهود بشكل كافي؛ لكونها تتكلم عن الموانع لا الشروط وبينهما فرق كما سنشير إلىٰ ذلك لاحقاً.
كما اطلعتُ علىٰ رسالة بعنوان: (عدالة الرواة والشهود وتطبيقاتها في الحياة المعاصرة)، وهي عبارة عن رسالة قدَّمها الباحث لنيل درجة الدكتوراه سنة 1994/1995م من جامعة القاهرة، والباحث هو/ المرتضىٰ بن زيد بن زيد بن علي المحطوري، إلا أن الباحث تأثر فيها بمذهبه الزيدي([4])، حيث أنزل جام غضبه ونقده لعلماء أهل السنة حين رفضوا الأخذ بمرويات الشيعة في بعض القضايا، والرسالة وإن كانت مفيدة في جوانب كثيرة منها، إلا أن عليها ملحوظات كبيرة فيما يتعلق بتحفظ السلف علىٰ مرويات الشيعة وشهاداتهم.
كما أنني وقفت علىٰ بحث للدكتور/ أحمد بن محمد العنقري، نُشر في مجلة العدل في العدد السابع عشر بعنوان: (العدالة عند الأصوليين)، وقد تكلم فيه عن العدالة في علم أصول الفقه، والأبواب التي يُبحث فيها موضوع العدالة في هذا العلم .
كما اطلعتُ علىٰ رسالة علمية مقدمة لنيل درجة الدكتوراه من كلية أصول الدين قسم الحديث وعلومه بجامعة الأزهر تتحدث عن العدالة والضبط وأثرهما في قبول الأحاديث أو ردها للباحث الدكتور/ جنيد أشرف إقبال أحمد.
ولا يخفىٰ الفرق بين الشهادة عند الفقهاء والرواية عند المحدثين، وقد ذكر السيوطي([5]) في كتابه «تدريب الراوي» واحداً وعشرين فرقاً بين الرواية والشهادة([6]).
ولذا جاء هذا البحث ليكمل سلسلة البحوث في موضوع العدالة في الشريعة بأسلوب موجز ومختصر، يعطي قواعد عامة في هذا الجانب ليسهل علىٰ القارئ استيعاب معنىٰ العدالة في الشهود وما يعتبر لها.
المبحث الأول
التعريف بالشهادة
المطلب الأول: تعريف الشهادة لغة واصطلاحاً:
الشهادة في اللغة:
جاء في مقاييس اللغة: «الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُ علىٰ حُضُورٍ وَعِلْمٍ وإِعْلَامٍ، لا يخرج شيءٌ من فروعِهِ عن الذي ذكرناه. من ذلك الشهادة، يجْمَعُ الأصُولَ التي ذكرناها من الحُضُورِ، والعِلْمِ، والإِعْلَامِ، يُقَالُ: شَهِدَ يَشْهَدُ شَهَادَةً. كما يُقالُ: شَهِدَ فُلانٌ عند القاضي، إذا بيَّن وأعلَمَ لمَنْ الحق وعلىٰ مَنْ هو»([7]).
وفي لسان العرب: «الشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ. منه: شَهِدَ الرَّجُلُ علىٰ كذا، وربما قالوا شَهْدَ الرَّجلُ – بسكون الهاء –. فالشهادةُ: الإخبارُ بما شاهَدَهُ. فالشَاهِدُ: العالمُ الذي يُبَيِّنُ ما يَعْلَمهُ ويُظْهِرهُ. والمُشاهَدَةُ المُعَايَنَةُ، وشَهِدَهُ شُهُوداً: أَي حَضَرَهُ، فَهُوَ شَاهِدٌ، وقَوْمٌ شُهُودٌ: أَي حُضورٌ»([8]).
فالشهادةُ: «اسمٌ من المُشَاهَدَةِ، وهي الإِطِّلاعُ علىٰ الشيء عياناً، وشهدتُ الشيءَ: اطلعتُ عليه وعاينتُهُ، فأنا شاهدٌ، والجمع: أشهاد وشهود. يقال: شَهِدْتُ العِيْدَ: أدْرَكتُهُ، وشاهدتُهُ مُشَاهَدَةً، مثل عايَنْتُهُ مُعَايَنَةً، وشَهِدْتُ المَجْلِسَ: حَضَرْتُهُ، فأنا شَاهِدٌ وشَهِيدٌ، والشَاهِدُ يَرَىٰ ما لا يَرَىٰ الغَائِبُ: أي الحاضرُ يَعْلَمُ لما لا يَعْلَمُهُ الغَائِبُ، وشَهِدَ بكذا: أي أخبَرَ بِهِ»([9]).
الشهادة في الاصطلاح:
تباينت ألفاظ الفقهاء في تعريف الشهادة، وإن كانت في مجملها تدل علىٰ معنىٰ واحد، وهو الإخبار عن علم بما شاهده وحضره الشاهد، وإن كانت بعض التعريفات زادت قيوداً لم تشر إليها غيرها.
فالشهادة عند الحنفية: الإخبارُ عن أمرٍ حضره الشهود وشاهدوه، إما معاينةً كالأفعالِ نحو القتل والزنا، أو سماعاً كالعقود والإقرارات([10]).
وقيل: إخبارٌ عن صدقٍ بلفظِ الشهادةِ في مجلس القضاء([11]).
وقيل: الشهادةُ: إخبارٌ بحقٍ لشخصٍ علىٰ غيرهِ عن مشاهدة القضية التي يشهد بها بالتحقيق، وعن عيان لتلك القضية([12]).
أمَّا المالكية فقالوا: الشهادة: قول هو، بحيث يوجب علىٰ الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إنْ عُدِّلَ قائِلُهُ مع تَعَدُّدِهِ أو حَلَفِ طَالِبه([13]).
وعرفها الشافعية بأنها: إخبار الشخص بحق علىٰ غيره بلفظٍ خاص([14]).
وقولهم بلفظ خاص: أي علىٰ وجه خاص بأن تكون عند قاضٍ بشرطه([15]).
وقريباً من هذا كان تعريف الحنابلة، حيث قالوا: الشَهَادَةُ: الإِخْبَارُ بما عَلِمَهُ الشَاهِدُ بلفظٍ خاصٍ، كَشَهِدْتُ أَوْ أَشْهَدُ([16]).
وبالنظر إلىٰ تعريفات الفقهاء للشهادة نلحظ التالي:
مناسبة المعنىٰ اللغوي للشهادة لمعناها الشرعي، ذلك أن كلاهما إخبارٌ عن علمٍ، إلا أنها في المعنىٰ الشرعي أخصُّ؛ ذلك أن الشهادةَ في الشرع إخبارُ عدلٍ دون غيره، في مجلس القضاء، بلفظ الشهادة.
ولنجمع شتات ما تفرق في كلام الفقهاء يمكننا أن نخلص بتعريف للشهادة، فنقول، الشهادةَ: إِخْبَارُ عَدْلٍ عَنْ عِلْمٍ بِحَقٍ عَلَىٰ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ فِي مَجْلِسِ القَضَاءِ بِلَفْظٍ خَاْصٍ([17]).
شرح التعريف:
إخبار: يشمل كل خبر.
عدل: قيدٌ في التعريف، ليخرج خبر الفاسق ومردود الشهادة؛ لأنَّ شهادَتَهُ غُيرُ مُعْتَّدٍ بها شرعاً.
عن علم: قيد في التعريف، يدل علىٰ أن الشاهِدَ لابد أن يكون عالماً بما يشهد به بوسائل العلم والمعرفة، من الرؤية، أو السماع، أو الاستفاضة([18]).
بحق علىٰ غيره لغيره: قيد يخرج إخبار الإنسان بحق له علىٰ غيره؛ لأن هذه دعوىٰ وليست شهادة وكذا إخبار الإنسان بحق غيره عليه؛ لإن هذا إقرار وليس شهادة([19]).
في مجلس القضاء: ليخرج الإخبار فيما عداه من المجالس؛ لأن الإخبار في غير مجلس القاضي يُعد روايةً([20])، أو خبراً عادياً لا إلزام فيه للقاضي ليحكم بمقتضاه.
بلفظ خاص: وهو كون الشهادة بلفظ: أشهدُ أو شهدتُ ونحوها.
المطلب الثاني: مشروعية الشهادة، وحكمها:
مشروعية الشهادة:
الشهادةُ مشروعةٌ بالكتابِ، والسُّنَّةِ، والإجماعِ، إذ بها تحفظ الحقوق وتصان، وقد حثَّ عليها الشارعُ تحملاً([21]) وأداءً([22])، إذا اقتضىٰ حفظُ الحقوقِ والأموالِ ذلك، ولكن بشرط أن تكون عن علم ودراية، لا عن تخمين وظن.
وفي ذلك يقول الله تعالىٰ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282]. وقال تعالىٰ: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]. وقال: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) [البقرة:282].
كما دلت السنَّةُ علىٰ مشروعيتها؛ ففي الحديث الذي رواه زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ([23])، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ، الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا»([24]).
وحديث: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ([25])، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَىٰ النَّبِيِّ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ الله: إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَىٰ أَرْضٍ لِي كَانَتْ لِأَبِي. فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ...» ([26]) الحديث.
والبَيِّنَةُ: هي الشهادَةُ بالإجماعِ([27]).
وَقَدْ وَرَدَ مثلُ هذا الحديثِ بلفظٍ أدلُّ علىٰ الشهادةِ، ففي الحديث الصحيح عن عَبْدِالله ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «قَاْلَ رَسُولُ الله صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَىٰ يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا.... ) فَقَرَأَ إِلَىٰ (....عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران: 77]، ثُمَّ إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ([28]) خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: فَحَدَّثْنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ نَزَلَتْ، كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إِلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ، قُلْتُ: إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي ...»([29]) الحديث.
ولأنَّ الشهادةَ تحيا بها حقوقُ الناسِ، وتصانُ بها الدماءُ والأموالُ والعقودُ عن التجاحدِ، وتحفظُ بها الأموال علىٰ أربابها وملاكها([30]).
لذلك كان تَحَمُّلُ الشَهَادَةِ فرضاً في الجملة؛ لأنها من باب التعاون علىٰ البر والتقوىٰ، بل إنها من أفضل البر؛ لأنَّه يتعلق بها حفظُ أموالِ النَّاسِ وحقوقِهم، وحقوقِ الله تعالىٰ، وإقامَةِ حدودِهِ، لذلك يقول تعالىٰ: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: 282]، وقال سبحانه: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة: 251]، قَالَ سُفْيَانُ بْن عُيَيْنَةَ([31]): هو ما يدفع اللهُ بالشهودِ من التجاحُدِ والتظالُمِ ([32]).
حكم الشهادة:
الشهادة كما أشرنا سابقاً: إخبار عدل عن علم بحق علىٰ غيره لغيره في مجلس القضاء بلفظ خاص.
وقد ذكرنا أنَّ بالشَهَادَةِ تحيا الحقوقُ، وتصان الدماء والأموال، ومن هنا كانت الشهادةُ ملزمةً للقاضي أن يحكم بمقتضاها إنْ عَلِمَ عدالتها، ولم يكن عنده ما يمنعه من قبولها أو ردها، فحكمها بالنسبة للقاضي وجوب العمل بها لا بديل له عن ذلك، ولذلك اشترط في الشهادة ما لم يشترط في الرواية؛ ذلك إنه ليس في الرواية إلزام الشهادة من حيث وجوب العمل بها، فهي – أعني الشهادة – وإن كانت خبراً محتملاً للصدق أو الكذب، إلا أن ذلك تُرك بالنصوص التي تحث عليها لحفظ الحقوق، وكذا الإجماع علىٰ اعتبارها وكونها حجة ملزمة ([33]).
أما حكم الشهادة بالنسبة لمن يتحملها أو يؤديها في مجلس القاضي، فهي فرض تلزم الشاهد إن لم يوجد غيره وطلبه المدَّعي([34]) لإثباتها، فلا يسعه كتمانها([35])؛ لقوله تعالىٰ: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: 282]، وقوله تعالىٰ: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة: 283]، فالنهي الوارد عن الإباء في الآية الأولىٰ، والنهي عن الكتمان في الثانية، وإن لم يكن فيه أمر بأداء الشهادة إلا أنه يفيد الأمر بالشهادة؛ لأن النَّهْيَ عن الشيء أمرٌ بضده، إذا كان له ضد واحد؛ لأن الانتهاء لا يكون إلا بالاشتغال به، فكان أداء الشهادة فرضاً قطعاً كفريضة الانتهاء عن الكتمان، فصار كالآمر به، بل آكد، ولهذا أسند الإثم إلىٰ الآلة التي وقع بها الفعل وهي القلب؛ لأن إسناد الفعل إلىٰ محله أقوىٰ من إسناده إلىٰ كله، وقولهم: أبصرته بعيني آكد من قوله: أبصرته، وإسنادُهُ إلىٰ أشرفِ الجوارحِ دليلٌ علىٰ أنَّه أعظم الجرائم بعد الكفر بالله تعالىٰ([36]).
فالشهادة أمانة كسائر الأمانات، وأداء الأمانة من أوجب الواجبات علىٰ المسلم، يقول تعالىٰ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء: 58]، فكما يجب أداء الوديعة علىٰ الأمين، يجب أداء الشهادة على الشاهد، ولذلك نجد ابن عباس رضي الله عنهما يعد كتمان الشهادة من أكبر الكبائر([37]).
فالشهادةُ فرضٌ يأثمُ تاركها إن علم أن القاضي يقبل شهادته، ودُعي إليها، ولم يكن ثمة شاهد غيره؛ لأن امتناعه حينئذ يضيع حق أخيه المسلم. فإن وجد من يقوم مقامه في تحمل الشهادة أو أدائها ممن تحصل بهم الكفاية سقط الفرض عن الباقين؛ لأن المقصود بالشهادة حفظ الحقوق، وذلك يحصل بالبعض، فهي فرض كفاية إن قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن امتنعوا جميعاً أثموا؛ لأن إباية الناس كلهم عنها إضاعة للحقوق، وإجابة جميعهم إليها تضييع للأشغال.
ويستثنىٰ من ذلك إن علم الشاهد أن القاضي لا يقبل شهادته، أو كان الشهود جماعة فأدَّىٰ بعضهم ممن تقبل شهادتهم، أو لحق الشاهد ضرر في التحمل أو الأداء في بدنه أو ماله أو أهله([38]).
المطلب الثالث: شروط الشهادة([39]):
الشهادة تحملاً وأداءً يشترط لها شروط متعددة وهي كالتالي([40]):
1- التكليف([41]):
ويراد بهذا الشرط: العقل([42])، والبلوغ([43])، فلا تقبل شهادة الصبي والمجنون.
2- الإسلام، فلا تقبل شهادة الكافر علىٰ المسلم([44]). وكذا علىٰ غير المسلم([45]).
3- الحرية، فلا تقبل شهادة العبد([46]).
4- العدالة، فلا تقبل شهادة الفاسق، ومن لا مروءة له([47]).
5- النطق، فلا تقبل شهادة الأخرس([48]).
6- البصر، فلا تقبل شهادة الأعمىٰ([49]).
7- الضبط، وحسن السماع، والفهم، فلا تقبل شهادة المغفل، والمعروف بكثرة الغلط والنسيان([50]).
------------------------------------------
([1]) وهو حديث صحيح أخرجه، أبو عيسىٰ محمد بن عيسىٰ الترمذي، جامع الترمذي، ط1، 1420، 1999، دار السلام: الرياض، أبواب الأحكام، باب: ما جاء في أنَّ البينَّةَ علىٰ المدعي واليمين علىٰ المدعىٰ عليه، ص324، رقم الحديث 1341. محمد ناصر الدين الألباني، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ط2، 1405هـ - 1985م، المكتب الإسلامي: بيروت، دمشق، ج8، ص279، رقم الحديث 2661.
([2]) محمد محمد أمين، الشاهد العدل في القضاء الإسلامي، دراسة تاريخية مع نشر وتحقيق إسجال عدالة من عصر سلاطين المماليك، بحث منشور في مجلة البحث العلمي والتراث الإسلامي، العدد الخامس 1402/1403هـ، ص41.
([3]) أيمن بن سالم الحربي، موانع الشهادة في الفقه الإسلامي، ج1، ص6، رسالة ماجستير مقدمة لقسم الدراسات العليا الشرعية بجامعة أم القرىٰ، عام 1422هـ.
([4]) الزيدية: مؤسسها زيد بن علي زين العابدين، وهي فرقة من فرق الشيعة، إلا أنها تعتبر من أقرب فرق الشيعة إلىٰ أهل السنة والجماعة. وهم يرون صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً. ومن مذهبهم جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل. ينظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، ط3، 1418هـ، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر: الرياض، ج1، ص81.
([5]) عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، جلال الدين، إمام حافظ مؤرخ أديب له نحو 600 مصنف. نشأ في القاهرة يتيماً ولما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس وخلا بنفسه، فألف أكثر كتبه، توفي سنة 911هـ ومولده سنة 849هـ. خير الدين الزركلي، الأعلام قاموس تراجم، ط9، 1990م، دار العلم للملايين: بيروت، ج3، ص301.
([6]) جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، 1409هـ/1998م، دار الفكر: بيروت، ج1، ص332-334.
([7]) أبو الحسين أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: شهاب الدين أبو عمرو، ط1، 1415هـ/1994م، دار الفكر: بيروت، ص539.
([8]) جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور ، لسان العرب، ط1، 1410/ 1990م، دار صادر: بيروت، ج3، ص239-240. وينظر: إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار، ط4، 1990، دار العلم للملايين: بيروت، ج2، ص494.
([9]) أحمد بن محمد الفيومي المقرئ، المصباح المنير، مكتبة لبنان: بيروت، ص124.
([10]) عبدالله بن محمود بن مودود الموصللي، الاختيار لتعليل المختار، تحقيق: علي عبدالحميد أبو الخير، ومحمد وهبي سليمان، ط1، 1419هـ/1998م، دار الخير: دمشق – بيروت، ج2، ص413.
([11]) أبو محمد محمود بن أحمد العيني، البناية في شرح الهداية، ط2، 1411هـ/1990، دار الفكر: بيروت، ج8، ص120. وذكره الزيلعي في «التبيين»، وزاد لفظ: (مشروط)، أي: مشروط فيه مجلس القضاء، ولفظ الشهادة. فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ط2، دار الكتاب الإسلامي، ج4، ص207.
([12]) شهاب الدين أحمد الشلبي، حاشية شلبي علىٰ تبيين الحقائق، «مطبوع بهامش التبيين»، ج4، ص206.
([13]) أبو عبدالله محمد الأنصاري الرصاع، شرح حدود ابن عرفة، الموسوم: «الهداية الكافية الشافية»، تحقيق: محمد أبو الأجفان، الطاهر المعموري، ط1، 1993م، دار الغرب الإسلامي: بيروت، ج2، ص582، ونلحظ في هذا التعريف ذكر الحلف، أي اليمين، فإنها تعتبر في معنىٰ الشاهد عند المالكية فتقبل شهادة شاهد ويمين عند المالكية، وكذا الشافعية والحنابلة إن كانت الشهادة في الأموال دون الأبدان، يعني ما يُقبل فيه شهادة رجل وامرأتين، وأما ما عدا ذلك مما يُشترط فيه الذكور خاصة فلا تقبل فيه اليمين. بخلاف الحنفية الذين منعوا ذلك، وقالوا: لا يحكم إلا بالشاهدين. ينظر: أبو بكر أحمد بن علي الرازي، مختصر اختلاف العلماء، تحقيق: عبدالله نذير أحمد، ط1، 1416هـ/1995م، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ج3، ص342. القاضي عبدالوهاب البغدادي، المعونة علىٰ مذهب عالم المدينة، تحقيق: حميش عبدالحق، مكتبة نزار مصطفىٰ الباز: الرياض، مكة، ج3، ص1547. أبو محمد عبدالله بن عبدالله بن سلمون الكناني، العقد المنظم للحكام، «مطبوع بهامش تبصرة الحكام»، دار الكتب العلمية: بيروت، ج2، ص27. أبو زكريا يحيىٰ بن شرف النووي، روضة الطالبين، تحقيق: عادل عبدالموجود، وعلي معوض، ط1، 1412هـ/1992م، دار الكتب العلمية، بيروت، ج8، ص252. موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة، المغني، «مطبوع مع الشرح الكبير»، ط1، 1404هـ/1984م، دار الفكر: بيروت، ج12، ص11.
([14]) شمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي، نهاية المحتاج إلىٰ شرح المنهاج، ط الأخيرة، 1404هـ/1984م، دار الفكر: بيروت، ج8، ص292. ابن حجر الهيثمي، تحفة المحتاج، دار إحياء التراث العربي، ج10، ص211.
([15]) أبو الضياء نور الدين الشبراملسي، حاشية أبي الضياء علىٰ نهاية المحتاج، ج8، ص292. حاشية عبدالحميد الشراوني علىٰ تحفة المحتاج، «المطبوع مع تحفة المحتاج»، ج8، ص292.
([16]) منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، شرح منتهىٰ الإرادات، ط1، 1414هـ/1993م، عالم الكتب: بيروت، ج3، ص575. وللبهوتي أيضاً: الروض المربع شرح زاد المستقنع، «المطبوع مع الحاشية»، ط6، 1414هـ/1994م، ج7، ص580.
([17]) ينظر: عبدالله بن محمد بن سليمان المعروف بداماد أفندي، مجمع الأنهر في شرح ملتقىٰ الأبحر، مؤسسة التاريخ العربي: بيروت، ج2، ص185. حيث قال: «الشهادة: إخبار بحق للغير علىٰ الغير عن مشاهدة لا عن ظن».
([18]) استفاض الحديث في الناس: انتشر فهو مستفيض. الفيومي، المصباح المنير، ص185.
([19]) وقد ذكر الكاساني في التفريق بين المدعي والمدعىٰ عليه والشاهد والمقر، فقال: «المدعي: مَنْ يخبر عما في يد غيره لنفسه، والمدعىٰ عليه: مَنْ يخبر عمَّا في يد نفسه لنفسه، فينفصلان بذلك عن الشاهد والمقر، والشاهدُ: مَنْ يخبر عمَّا في يد غيره لغيره، والمقر: مَنْ يخبر عمَّا في يد نفسه لغيره». علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية: بيروت، ج6، ص224.
([20]) تكلم العلماء عن الفروق بين الرواية والشهادة، وممَّنْ تكلم في هذه المسألة: القرافي، في كتابه «الفروق»، حيث قال نقلاً عن المازري رحمه الله: «أن الشهادةَ والرواية خبران، غير أن المخبر عنه إن كان أمراً عاماً لا يختص بمعين فهو الرواية، بخلاف قول العدل عند الحاكم لهذا عند هذا دينار، إلزام لمعين لا يتعداه إلىٰ غيره، فهذا هو الشهادة المحضة، والأول هو الرواية المحضة. وهذا وجه اشتراط العدد في الشهادة والذكورية في بعض أنواع الشهادة، وكذا الحرية والبلوغ، وقد عد السيوطي واحداً وعشرين فرقاً بين الرواية والشهادة». ينظر: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي، المشهور بالقرافي، الفروق، دار عالم الكتب، ج1، ص5. تدريب الراوي، ط1، ص332 – 334.
([21]) التحملُ: هو وقتُ التقاطِ الواقعة، أو سماع الحديث، أو مشاهدة الحدث. ينظر: المرتضىٰ بن زيد بن زيد بن علي المحطوري، عدالة الرواة والشهود وتطبيقاتها في الحياة المعاصرة، ط2، 1417هـ/1997م، مكتبة بدر: صنعاء، ص102.
([22]) الأداء: هو وقتُ أداءِ الروايةِ أو الإدلاءِ بالشاهدةِ عند الحاكم. ينظر: المرجع السابق.
([23]) زيد بن خالد الجهني، مختلف في كنيته، فقيل: أبو زُرعة، وأبو عبدالرحمن، وأبو طلحة، شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، مات سنة ثمانٍ وسبعين بالمدينة، وله خمس وثمانون. وقيل: مات سنة ثمان وستين. أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل عبدالموجود، علي معوض، ط1، 1415هـ/1995م، دار الكتب العلمية: بيروت، ج2، ص499.
([24]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، ط1، 1419هـ/ 1998م، دار السلام: الرياض، كتاب: الأقضية، باب: بيان خير الشهود، رقم الحديث (4494)، (1719)، ص762. الترمذي، جامع الترمذي، أبواب الشهادات، باب: ما جاء في الشهداء أيهم خير، رقم الحديث 2295، ص526. وقد ذكر النووي ثلاثة تأويلاتٍ عن العلماء في معنىٰ هذا الحديث أصحها وأشهرها: أنه محمول علىٰ من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد، فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له. أبو زكريا يحيىٰ بن شرف النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، دار الفكر، بيروت، ج12، ص17.
([25]) حضرموت: ناحية واسعة في شرق عدن بقرب البحر، وحولها رمالٌ كثيرة تُعرفَ بالأحقافِ، وبها قبر هود عليه السلام، وهي من اليمن بينها وبين صنعاء اثنان وسبعون فرسخاً. شهاب الدين ياقوت الحموي، معجم البلدان، ط1، 1417هـ/1997م، دار إحياء التراث، بيروت، ج3، ص157.
([26]) مسلم، صحيح مسلم، كتاب: الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، رقم الحديث 358، ص71، 72.
([27]) الموصللي، الاختيار، ج2، ص414. أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن مفلح، المبدع في شرح المقنع، تحقيق: محمد حسن الشافعي، ط1، 1418هـ/1997م، دار الكتب العلمية، بيروت، ج8، ص281.وسُمِّيْت الشهادة بينَّة؛ لأنها تبين ما التبس. المرجع السابق.
([28]) الأشعث بن قيس بن معد يكرب بن معاوية الكندي، يكنىٰ أبا محمد، وَفِدَ علىٰ النبي صلىٰ الله عليه وسلم سنة عشر في سبعين راكباً من كندة، وكان قد ارتد فيمن ارتد من الكنديين، فأُحْضِرَ إلىٰ أبي بكر فأسلم فأطلقه وزوّجه أخته، مات سنة اثنتين وأربعين. ابن حجر، الإصابة، ج1، ص239، 240.
([29]) أبو عبدالله، محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، ط2، 1419هـ/1999م، مكتبة دار السلام: الرياض، كتاب الرهن، باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، رقم الحديث 2515، 2516، ص406.
([30]) ينظر: الموصللي، الاختيار، ج2، ص414. ابن قدامة، المغني، ج12، ص4.
([31]) سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون، مولىٰ محمد بن مزاحم، ولد بالكوفة سنة سبع ومائة، شيخ الإسلام، قال عنه الشافعي: «لولا مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم الحجاز»، وانتهىٰ إليه علو الإسناد، وكان من أعلم الناس بالحديث، والتفسير، مات سنة ثمان وتسعين ومائة وله إحدىٰ وتسعين سنة. شمس الدين محمد بن عثمان الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق: محب الدين عمر العمروي، ط1، 1417هـ/1997م، دار الفكر: بيروت، ج7، ص653.
([32]) ينظر: القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1540.
([33]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص207. القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1502. أبو عبدالله محمد بن محمد المغربي المعروف بالحطَّاب، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، 1412هـ/1992م، دار الفكر. ج6، ص151. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص141. ابن مفلح، المبدع، ج8، ص172. أبو بكر محمد بن المنذر، الإجماع، تحقيق: أبو حماد ضيف، ط2، 1424هـ/2003م، مكتبة مكة: الإمارات، ص87.
([34]) وقد ذكر ابن العربي أن مَنْ كانت عنده شهادة لأخيه لم يعلم بها مستحقها الذي ينتفع بها فإنه يتعين عليه أن يؤديها من دون طلب للحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه في كتاب المظالم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، رقم الحديث 2443، فقد تعين نصره بأداء الشهادة التي هي عنده، إحياءً لحقه الذي أماته الإنكار. محمد بن عبدالله بن العربي، أحكام القرآن، تحقيق: عبدالرزاق مهدي، ط1، 1421هـ/2000م، دار الكتاب العربي: بيروت، ط1، ص304.
([35]) أبو الحسن نور الدين علي بن سلطان الهروي القاري، فتح باب العناية بشرح النقاية، ط1، 1418هـ/1997م، دار الأرقم: لبنان، ج3، ص128. القدوري، الهداية، «المطبوع مع البناية»، ج8، ص120، 121. الحطَّاب، مواهب الجليل، ج6، ص165. أبو البركات أحمد بن محمد الدردير، الشرح الصغير، «المطبوع بهامش بلغة السالك»، دار الفكر، ج2، ص338. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص244. أبو إسحاق إبراهيم الشيرازي، المهذب، ط1، 1416هـ/1995م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ج3، ص435.ابن قدامة، الشرح الكبير، «المطبوع مع المغني»، ج12، ص4-6. البهوتي، شرح منتهىٰ الإرادات، ج3، ص575، 576.
([36]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص207.ولعل الأولى أن يقال من أعظم الجرائم بعد الكفر بالله تعالى، ويؤيد ذلك ما سيأتي في الصفحة القادمة عن ابن عباس رضي الله عنهما حيث جعل كتمان الشهادة من أكبر الكبائر.
([37]) ابن قدامة، الشرح الكبير، ج12، ص4-6. وقد ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالىٰ: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) ، أي: «لا تخفوها وتغلوها ولا تظهروها. قال ابن عباس وغيره: شهادة الزور من أكبر الكبائر وكتمانها – أي الشهادة- كذلك». عماد الدين إسماعيل بن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: مصطفىٰ السيد وآخرون، ط1، 1425هـ/2004م، دار عالم الكتاب: المملكة العربية السعودية، ج2، ص513.
([38]) ينظر: الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص207. الدردير، الشرح الصغير، ج2، ص338. الشيرازي، المهذب، ج3، ص435. البهوتي، شرح منتهىٰ الإرادات، ج3، ص576. ابن العربي، أحكام القرآن، ج1، ص303.
([39]) الناظر لكلام الفقهاء المتعلق بشروط الشهادة يلحظ أن بعضهم يبدأ بذكر شروط الشهادة، ويعقد لذلك فصلاً خاصاً، ثم يثني بفصل آخر يذكر فيه موانع الشهادة، وهذا ما ظهر لي في كتب المالكية والحنابلة، بينما وجدت في كتب الحنفية والشافعية من يتكلم عن شروط الشهادة، ويقول إنها سبعة عشر شرطاً، وبعضهم يقول إنها واحد وعشرون شرطاً، ذلك أنهم يعدون انتفاء الموانع من شروط الشهادة، فلذلك تبلغ عندهم الشروط هذا العدد. ولعل التباس الشرط بعدم وجود المانع سببه اتحادهما في الأثر المترتب من حيث وجود الحكم أو تخلفه، ذلك أن الحكم يتخلف عند تخلف الشرط، كما أنه يتخلف عند وجود المانع. ولهذا وُجد من العلماء من يجعل تخلف الشرط مانعاً، لاتفاقهما فيما يلزم منهما، ومنهم من يجعل انتفاء المانع شرطاً، ولذلك قال القرافي في كتاب (الفروق، ج1، ص111): «القاعدة أن عدم المانع يعتبر في ترتيب الحكم، ووجود الشرط أيضاً معتبرٌ في ترتيب الحكم، مع أن كل واحد منهما لا يلزم منه الحكم ... وكلاهما يلزم من فقدانه العدم ولا يلزم من تقرره وجودٌ ولا عدم، فهما في غاية الالتباس، ولذلك لم أجد فقيهاً إلا وهو يقول: عدم المانع شرط ولا يفرق بين عدم المانع والشرط البتة وهذا ليس بصحيح» اهـ. كما ينظر لمذهب المالكية والحنابلة في فصل الشروط عن الموانع: (الدردير، الشرح الصغير، ج2، ص331. ابن مفلح، المبدع، ج8، ص299-314). ولبعض الحنفية والشافعية الذين خلطوا الشروط بالموانع. داماد أفندي، مجمع الأنهر، ج2، ص184. علاء الدين أفندي، حاشية قرة عيون الأخيار، ط1، 1415هـ/1994م، دار الكتب العلمية: بيروت، ج11، ص80، 81. البابرتي، العناية على الهداية «مطبوع مع شرح فتح القدير»، ط2، دار الفكر: بيروت، ج7، ص397. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص199وما بعدها.
وقد فرَّق البعض بين شروط الشهادة وموانعها بقولهم: «إن المانع من الشهادة ما يحول بين الشخص الذي تحققت فيه أهليتها بتوفر شروطها، وبين القيام بأدائها، وهو معنىٰ يقوم بالشخص الذي تحققت فيه أهلية أداء الشهادة أو صفة يتصف بها يترتب عليها عدم صلاحية الشخص لأداء الشهادة، ويكون الممنوع من الشهادة هو: المحروم منها رغم تحقق أهلية الشهادة فيه بتوفر شروطها فيه؛ لقيام مانع، ثم مثلَّ علىٰ هذا المعنىٰ بقوله: فمثلاً العدالة شرط من شروط الشهادة، وقد علمنا أن عدم العدالة ليس مانعاً؛ لأنه وصف عدمي، بل هو تخلف شرط، فلو جيء بمرادف وجودي لهذا الوصف العدمي – أعني عدم العدالة – فقيل: الفسق وصف وجودي ظاهر منضبط يلزم من وجوده عدم الحكم فهو مانع. فالجواب هو: أن هذا غير صحيح فإن المانع إنما يكون بعد توافر الشروط، وفي هذه الحالة وهو كون الشاهد فاسقاً لم تتوفر الشروط في الشاهد أصلاً؛ لأن وجود الفسق ملازم لتخلف شرط العدالة ضرورة فلما لم تكتمل الشروط لم يوجد المانع، وكذلك القول في الكفر والرق والعمىٰ وغير ذلك من المرادفات الوجودية لعدم شروط الشهادة فإنها ليست بموانع. وينظر: أيمن الحربي، موانع الشهادة في الفقه الإسلامي، ج1، ص34 وما بعدها. وعلىٰ هذا فلا ينبغي جعل انتفاء الموانع من شروط الشهادة؛ لأن الموانع لا ينظر إليها إلا بعد اكتمال الشروط وتحققها وأهلية الشاهد للقيام بالشهادة. وهذا قريب مما ذهب إليه المالكية والحنابلة الذين يعقدون في كتبهم فصلاً لشروط الشهادة، ثم يثنون عليه بذكر موانع الشهادة في فصل مستقل، والله أعلم.
([40]) سأقتصر في هذا المطلب علىٰ الشروط التي تُشترط في جميع الشهادات خاصة إذا تعلق الشرط بالشاهد؛ لأنه موضع الدراسة، أما الشروط التي تخص بعض الشهادات دون بعض أو التي تخص موضع الشهادة أو لفظها فإني سأشير إليها إشارات يسيرة في الهامش.
كما أن الشروط التي سأتعرض لها مختلف في بعضها، وسأشير إلىٰ ما وقع فيه الخلاف في الهامش.
([41]) الكاساني، البدائع، ج6، ص266. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص212. شمس الدين محمد بن عرفة الدسوقي، حاشية الدسوقي علىٰ الشرح الكبير، دار الفكر، ج4، ص165. الشافعي، محمد بن إدريس، الأم، ط1، 1426هـ/2005م، دار ابن حزم: بيروت، ج2، ص2552. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، الوجيز، تحقيق: علي معوض، عادل عبدالموجود، ط1، 1418هـ/1997م، دار الأرقم: بيروت، ج2، ص248. ابن قدامة، المغني، ج12، ص28. علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ط2، دار إحياء التراث العربي: لبنان، ج12، ص37، 38.
([42]) واشتراط العقل ليتمكن الشاهد من فهم الحادثة وضبطها، والعقل آلة ذلك.
([43]) البلوغ من شروط الأداء لا من شروط التحمل، وإنما الذي يشترط في التحمل كون الشاهد عاقلاً وإن لم يكن بالغاً.
والبلوغ من الشروط التي هي محل إجماع، فلا تقبل شهادة غير البالغ، واستثنىٰ المالكية من ذلك موضع ضرورة خرج عن القياس، فأجروا شهادة الصبيان وجعلوها كشهادة من يعقل للضرورة، ولكن علىٰ شروط وأوصاف معينة ومنعوا ذلك في كل موضع سواه، وقد عدوا عدة شروط: أحدها: أن يكون الصبيان ممن يعقلون الشهادة. الثاني: أن يكونوا أحراراً. الثالث: أن يكونوا ذكوراً. الرابع: أن يكونوا مسلمين. الخامس: أن يكون ذلك في قتل أو جرح، وبعضهم قال أن تكون في الجراح دون القتل. والسادس: أن يكون ذلك فيما بينهم، يعني تكون الشهادة من صبي علىٰ صبي مثله. السابع: أن يكون ذلك قبل أن يتفرقوا ويغيبوا. الثامن: أن تتفق شهادتهم ولا تختلف. التاسع: أن يكون من شهد منهم اثنان فصاعداً. وللإمام أحمد رحمه الله رواية توافق ما ذهب إليه المالكية. ينظر: القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1521. أبو عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر القرطبي، الكافي في فقه أهل المدينة، ط2، 1413هـ/1992م، دار الكتب العلمية، بيروت، ص470، 471. الدسوقي، حاشية الدسوقي، ج4، ص184. ابن قدامة، المغني، ج12، ص28. المرداوي، الإنصاف، ج12، ص37، 38.
([44]) نور الدين أبو الحسن علي بن سلطان الهروي القاري، فتح باب العناية «مطبوع مع النقاية»، ط1، 1418هـ/1997م، دار الأرقم: بيروت، ج3، ص136، 137. الكاساني، البدائع، ج6، ص266. علي العدوي، حاشية الشيخ علي العدوي علىٰ الخرشي، «مطبوع بهامش الخرشي علىٰ مختصر خليل»، دار الفكر، ج4، ص176. الدردير، الشرح الصغير، ج2، ص323. الشيرازي، المهذب، ج3، ص437. أبو الحسن علي ابن محمد الماوردي، الحاوي الكبير، تحقيق: محمود مطرجي وآخرون، 1414هـ/1994م، دار الفكر: بيروت، ج17، ص213. ابن مفلح، المبدع، ج8، ص301. البهوتي، الروض المربع، «المطبوع مع الحاشية»، ج7، ص592.
([45]) وهذا مذهب المالكية والشافعية، والمذهب عند الحنابلة، أما الحنفية فقالوا: شهادة أهل الكفر بعضهم علىٰ بعض مقبولة إن كانوا من أهل الذمة، ولكن إن اختلفت الدار لم تقبل. أما الحنابلة فقد نقل حنبل عن أحمد أن شهادة بعضهم علىٰ بعض مقبولة، وقد غلّط غير واحد هذه الرواية، كما استثنىٰ الحنابلة في شهادة الكافر شهادة أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم وحضر الموصي الموت فتقبل شهادتهم، ويحلّفهم الحاكم بعد العصر إذا لم يوجد غيرهما من المسلمين. ينظر: الرازي، مختصر اختلاف العلماء، ج3، ص340. شمس الدين يوسف قزاوغلي، إيثار الإنصاف في آثار الخلاف، تحقيق: عبدالله العجلان، ط1، 1420هـ/1421هـ، فهرسة مكتبة الملك فهد: الرياض، ص681. الهروي، فتح باب العناية، ج3، ص136، 137. الصاوي، بلغة السالك، «المطبوع مع الشرح الصغير»، ج2، ص323. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص199. ابن قدامة، الشرح الكبير، ج12، ص34، 35.
([46]) وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية، وكذا الحنابلة إذا كانت الشهادة في الحدود والقصاص علىٰ ظاهر المذهب، وأما ما عدا ذلك من الأمور فإن الحنابلة يقبلون شهادة العبد علىٰ المذهب، وكذا شهادة الأمة فيما تجوز فيه شهادة النساء، وسواء كان العبد رقيق الكل أو مبعضاً. ينظر: الرازي، مختصر اختلاف الفقهاء، ج3، ص335. علاء الدين السمرقندي، تحفة الفقهاء، ط2، 1414هـ/1993م، دار الكتب العلمية، بيروت، ج3، ص362. القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1526. الشيرازي، المهذب، ج3، ص437. ابن قدامة، المغني، ج12، ص71-73. المرداوي، الإنصاف، ج12، ص60، 61.
([47]) الكاساني، البدائع، ج6، ص266. الموصللي، المختار، ج2، ص416. المواق، التاج والإكليل، «المطبوع بهامش مواهب الجليل»، ج6، ص150. ابن عبدالبر، الكافي، ص461. أبو زكريا يحيىٰ بن شرف النووي، المنهاج، «المطبوع مع مغني المحتاج»، دار الفكر، ج4، ص427. الغزالي، الوجيز، ج2، ص248. البهوتي، شرح منتهىٰ الإرادات، ج3، ص589. ابن قدامة، المقنع، «المطبوع مع المبدع»، ج8، ص304، 305.
([48]) وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، ذلك أن الشهادة تختص بلفظ الشهادة حتىٰ إذا قال الشاهد أخبر، أو أعلم، لا يقبل منه، وهذا لا يمكن تحققه مع الأخرس. شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، المبسوط، 1409هـ/1989م، دار المعرفة: بيروت، ج16، ص130. الموصللي، الاختيار، ج2، ص423. ابن قدامة، المغني، ج12، ص64. ابن مفلح، المبدع، ج8، ص301. الرازي، مختصر اختلاف العلماء، ج3، ص369. أما المالكية والشافعية فقالوا: إن فُهمت إشارته جاز؛ لأن الإشارة تقوم مقام النطق في أحكامه من طلاقه ونكاحه وظهاره وإيلائه، فكذلك شهادته. كما قال الشافعية: إن شهادة الأصم تقبل علىٰ الأفعال لا علىٰ الأقوال. ابن عبدالبر، الكافي، ص464. الصاوي، بلغة السالك، ج2، ص324. الغزالي، الوجيز، ج2، ص251. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص231، 232.
([49]) وهذا عند الحنفية، أما الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة فقد أجازوا شهادته في الأقوال دون الأفعال، وكذا ما ثبت بالاستفاضة، وهذا ما قاله أبو يوسف صاحب أبي حنفية. ولكل منهم تفصيل في المواضع التي تقبل فيها شهادة الأعمىٰ، والمواضع التي لا تقبل، وأما أبو حنيفة ومحمد فلا يجيزان شهادة الأعمىٰ بحال. الرازي، مختصر اختلاف العلماء، ج3، ص336. السمرقندي، تحفة الفقهاء، ج3، ص362. عبدالغني الغنيمي الدمشقي الميداني، اللباب في شرح الكتاب، 1412هـ/1991م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج4، ص60.القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1557. ابن عبدالبر، الكافي، ص464. الشربيني، مغني المحتاج، «المطبوع مع المنهاج»، ج4، ص446. الشيرازي، المهذب، ج3، ص456. ابن قدامة، المغني، ج12، ص62. البهوتي، شرح منتهىٰ الإرادات، ج3، ص594.
([50]) السرخسي، المبسوط، ج16، ص113. القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1527. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص216. ابن مفلح، المبدع، ج8، ص304. أما الشروط التي تخص بعض الشهادات دون بعض فمنها: الذكورية إذا تعلقت بالحدود والقصاص، حيث لا تقبل فيها شهادة الإناث، وكذلك العدد في بعض أنواع الشهادات وهو – أي العدد – علىٰ مراتب، فمنه ما يشترط فيه أربعة كالشهادة علىٰ الزنا، ومنه ما يشترط فيه الاثنان كالشهادة علىٰ السرقة والقتل. ومنه ما يشترط فيه الرجلان أو رجل وامرأتان، كما في المعاملات المالية. ومن الشروط كذلك إقامة الدعوىٰ إن كانت الشهادة في حقوق العباد، فإن كانت في حقوق الله تعالىٰ فلا يجب إقامة الدعوىٰ، كالشهادة علىٰ دخول هلال رمضان، وكذا حد الزنا. وهناك شروط أخرىٰ تتعلق بتفصيلات في الدعوىٰ. ينظر: الكاساني، البدائع، ج6، ص277، 278. علاء الدين أفندي، حاشية قرة عيون الأخيار، ج11، ص80، 81. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص208، 209. القاضي عبدالوهاب، المعونة، ج3، ص1551، 1552. الصادق عبدالرحمن الغرياني، مدونة الفقه المالكي وأدلته، ط1، 1423هـ/2002م، مؤسسة الريان: بيروت، ج4، ص420. النووي، روضة الطالبين، ج8، ص225، 226. الشيرازي، المهذب، ج3، ص450-454. ابن مفلح، المبدع، ج8، ص330، 331. المرداوي، الإنصاف، ج12، ص78-88. ابن المنذر، الإجماع، ص87-90. القزاوغلي، إيثار الإنصاف، ص683.