جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الاحتلال وإيران.. وانتشار المخدرات في العراق
كانت بلاد ما بين الرافدين تتفاخر بأنها أحد أنظف دول العالم من حيث المخدرات والحشيشة؛ حيث سجل العراق المرتبة الأولى عام 2000 حسب لجنةٍ تابعةٍ للأمم المتحدة، من حيث البلدان النظيفة والخالية من المخدرات في منطقة الشرق الأوسط وآسيا على وجهة العموم، غير أنّ الأرقام المخيفة التي سُجِّلَتْ خلال الأعوام الماضية -التي تلت احتلال العراق، ودخول القوات الأمريكية والجيوش المتحالفة معها- تَدُلُّ على كارثة حقيقية!
حيث أصبح العراق إحدى البوابات الرئيسة لعبور المخدرات بكافة أصنافها وأخطرها- على حياة الشباب العراقي بشكل خاص، والعربي بشكل عام، الذي تسَرَّبَتْ إليه تلك السموم من العراق عبر دول الجوار.
ويُقَدِّرُ مركز مكافحة الإدمان الرئيس في العراق عَدَدَ الشبان والشابات المدمنات على المخدرات ما بين سِنّ الخامسة عشرة والأربعين بـ 5% ، وهي نسبة تكاد تكون الأعلى في دول المنطقة، وكارثية على المجتمع العراقي. ويعزو المركز ذلك إلى انهيار النظام، وتعمُّد قوات الاحتلال إدخالها، وضعف الرقابة والقانون، ومحاولة هروب الشباب من البؤس والبطالة التي يعيشونها.
وتعتبر إيران البَوَّابَةَ الرئيسة لدخول تلك السموم التي تُزْرَعُ في جنوب إيران وشرقها، وكذلك العابرة منها من أفغانستان إلى العراق.
وبات الاتجّار بها أمرًا في غاية السهولة، كما أن الحصول عليه أَمْرٌ بسيط، وليس مُعَقَّدًا؛ حيث يمكن شراء أي جرعة من تلك السموم من محلاتٍ عُرِفَتْ في بغداد بدكاكين الكبسلة أو المحششين!
وبعد فوات الأوان تنبهت الحكومة العراقية لتلك المشكلة الخطيرة، التي باتَتْ تَفْتِكُ بالمجتمع العراقي، وتقف أغلب جرائم القتل والاغتصاب والسرقة خَلْفَها، ناهيك عن جرائم منظمة تقودها المليشيات والجماعات المسلحة الأخرى العاملة في الجنوب العراقي ووسطه.
فبعد عدة تقارير رَسْمِيَّة صدرت من منظمات عالمية، كمنظمات الأمم المتحدة، والإنتربول، ولجنة وزراء الداخلية العرب، اتخذت الحكومة العراقية إجراءاتٍ خجولةً للغاية، من أجل وَضْعِ حد لمشكلة انتشار المخدرات الفتاكة، والأكثر رُعْبًا من حيث نوعيتها في العالم، وبرزت أسماء لتجار كبار في بغداد، اختصوا بتوريدها إلى دول الخليج، وأهمها السعودية والكويت.
ويقول الدكتور جعفر الخيّال، مدير مركز مكافحة الإدمان: هناك تَوَقُّعَاتٌ في العام المقبل أن يكون من بين كل عشر شُبَّان، هناك 3 مدمنين على المخدرات بشكل يسمح لهم بارتكاب جرائم قتل لعوائلهم، من أجل الحصول على تلك الجرعة، إن لم يكن لديه المال الكافي لشرائها.
ومع كلامٍ لا يخلو من المرارة في مكتبه المتواضع، المليء بصورٍ لا يقوى الإنسانُ السليم على شُرْبِ فنجان من الشاي وهو ينظر إليها من بشاعتها، يقول: أُصِبْتُ بخيبة أمل؛ لأني عجزت عن علاج ابن أختي المصاب بذلك الإدمان!
ويضيف: لدينا أَنْوَاعٌ مختلفة من المخدرات، كحبوب الهلوسة، وحبوب الـ XTC ، والأفيون، والترمال، وهي تسبب تلفًا في خلايا الدماغ بشكل كامل، وبالتالي موت صاحبها انتحارًا!
وترى الدكتورة هناء أحمد: إن العراق بفضل الاحتلال أصبح نفقًا مظلمًا لدخول المخدرات عبر البوابة الشرقية إلى دول العالم العربي.. وإيرانُ هي سبب البلاء!
وترى أن هناك سياسةً منهجيةً إيرانيةً "متعمدة"؛ لإغراق المجتمع العراقي بالرذيلة والإدمان؛ لتسهيل السيطرة عليه.. وهناك ارتياح أمريكي من تَحَوُّلِ مجتمعٍ عُرِفَ بأخلاقه النبيلة والفاضلة، والتزامه الديني، إلى مجتمع يسوده قانون الغاب والفحش!
ويُبَاع الكيلو الواحد من الهيروين في العراق بسعر سَخِيٍّ جدًّا، على عكس بقية الدول، وهذا ما يجعلنا نعتقد أن الوضع الحالي مَدْرُوسٌ من قِبَل إيران أو الاحتلال نفسه..!
حيث يباع الكيلو الواحد من الهيروين في أفغانستان ب 3000 آلاف دولار، وفي إيران ب 3500 دولار،
لكنه يصل في العراق إلى 2000 دولار أو أقل.. بسعرٍ يمكن لأي شاب أن يشتري ما يريده، مَهْمَا تطلب الأمر!
وفي مستشفى علاج الإدمان وسط العاصمة العراقية بغداد، يقف اثنان من أفراد الشرطة عند غرفة الشاب حسين، البالغ من العمر 22 عامًا، بعد قتله لأمه وأخته الصغرى، اللتين رفضتا إعطاءه 12 دولارًا لشراء جرعة مخدرة، من ما يُعْرَف شعبيا بالعراق بـ "أمير الظلام"! وهي خَلْطَةٌ سحرية مُؤَثِّرَةٌ من الأفيون والحشيش الإيراني، وما يُعْرَفُ بحشيش قم وحبوب الفاليوم، التي تباع في العراق بدون أي شرط أو قيد!
وسَرْعَان ما وافق رجال الشرطة على دخولنا إلى غرفة حسين لمشاهدته، وسؤاله عن وضعه الحالي، بعد أسبوع من احتجازه داخل المستشفى.
وقد كان ممددًا على سريره، مربوطًا بعدة حبال من رأسه وحتى قدميه، يستنجد الداخلين عليه أن يعطوه جَرْعَةَ مُخَدِّرٍ، أو قتله لتخليصه من عذابه الحالي!
ويقول الملازم أول أحمد كطن فتاح، المسئول عن أمن المستشفى: كل من دخل المستشفى مات أو انتحر، وقليلٌ من عولج هنا، بسبب ضعف الإجراءات الطبية، وانعدام الأجهزة والأدوية.. وأما الأطباء المميزون في هذا المجال، فقد هربوا خارج البلاد بسبب الوضع الأمني الحالي!
وبابتسامه ساخرةٍ يقول: أغلب رُوَّادِنَا هنا إما عملوا مع الاحتلال كمترجمين، أو متعاقدين وأصدقاء، أو أصيبوا بكارثةٍ من الكوارث التي ألحقها المحتل ببلادنا.
ثم يقول بعد قليلٍ من التفكير: رجاءً.. لا تذكر اسمي.. أخشى من الفصل.. ثم يعود قائلا: يا عمي، اكتب اسمي! فالاحتلال والحكومة وإيران والعالم أجمع يعلمون أن ثلثي شباب العراق إما مدمنون أو معوقون أو مسجونون تحت غياهب الجب!
المصدر: سبكة الدفاع عن السنة