<!--

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)}. (النساء: 27).
قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)}. (النور: 19).
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت:

<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

تقديم فضيلة الشيخ
محمد بن شامي شيبة
القاضي بمحكمة بيش
بالمملكة العربية السعودية سابقًا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد:
فقد اطلعت على كثير مما كتبه الشيخ شحاتة صقر في كتابه (الاختلاط بين الرجال والنساء)، وجمع فيه من كتب التفسير والفقه والقصص، وقد توصل إلى ما يلي:
1) أن الاختلاط بين الرجال والنساء مُحَرَّم عند عامة أهل العلم من العلماء المحققين الناصحين.
2) وأن الاختلاط قد تسبب في كثير من العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء وانتهاك الأعراض.
3) وأن الاختلاط قد تسبب في هدم بعض البيوت بالطلاق والفرقة فضاع الأولاد وتشتَّتَتْ الأسرة.
4) وأن الاختلاط سبب لإفساد الرجال والنساء وقلة الحياء وقلة الغيرة على الأعراض.
5) وأن دعاة الاختلاط يسعون إلى نشر الرذيلة في المجتمع وإلى إثارة الشهوات والغرائز: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}. (النساء: 27).
6) وأن ما استدل به دعاة الاختلاط إما صريح غير صحيح، وإما صحيح غير صريح،

(1/5)


وإما منسوخ، فإنه قبل نزول الحجاب فلا دلالة في ذلك كله على ما يريدون وينشرون.
والحقيقة أن ما في هذا الكتاب هو:
أ) دعوة لدعاة الاختلاط أن يتقوا الله وأن يدَعُوا عنهم هذه الدعوة التي لا دليل عليها من كتاب ولا سنة؛ بل هي دعوة إلى إضاعة الأعراض وانتهاكها، فهل سينتهون عن ذلك؟ ويقال لهم: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (المائدة: 91).
ب) دعوة إلى كل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تكون محتجبة عن الرجال الأجانب (غير المحارم) وأن تبتعد عن الاختلاط مع الرجال وأن لا تعمل في عمل مختلط وأن تجعل تقوى الله نصب عينيها وأن تعلم أن دعاة الاختلاط أعداء لها فهم يسعون للزَّجِّ بها في كل خلق فاسد.
ج) وهو دعوة إلى الرجال أن يحافظوا على نسائهم فلا يَدَعُون نسائهم يختلطن مع الرجال غير المحارم في عمل أو غيره، ويجب أن يكون الرجل من أهل الغيرة على عرضه وعلى نساء المسلمين؛ فإنهن أخوات لكل مسلم.
د) وهو دعوة لطالب الحق أن يقرأ هذا الكتاب لتزول ما في نفسه من الشدة التي تم الرد عليها، والاطلاع على أقوال العلماء الربانيين في تحريم الاختلاط الذي هو وسيلة إلى الزنا، والذي اتفقت الشرائع كلها على تحريمه.
هذا وإن الشيخ شحاتة قد أجاد وأفاد في هذا الكتاب؛ فجزاه الله خير الجزاء على ما قدم، وأسأل الله أن يوفقني وإياه لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه:
محمد بن شامي مطاعن شيبه
20/ 5/1431هـ

(1/6)


صورة لمقدمة
الشيخ محمد بن شامي مطاعن شيبة

(1/7)


تقديم
فضيلة الشيخ الدكتور
ياسر برهامي

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أما بعد:
قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)} (آل عمران: 14).
وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ» (رواه مسلم).
فالشهو الجنسية من أقوى الشهوات في الإنسان، بل عدّها بعض الملاحدة المحرك الأساسي في الإنسان، وهذا من ضلالهم وانحرافهم وتفكيرهم البهيمي الذي يريدون دَفْعَ العالم كله إليه، ولكن لا شك في قوة هذه الغريزة، ولا شك في طغيانها عند كثير من بني الإنسان حتى صارت عندهم أكبر الهم ومبلغ العلم.
ولقد ظلت المجتمعات المسلمة ـ حينًا من الدهر ـ أبعد المجتمعات عن سيطرة هذه الشهوة وطغيانها، وبقيتْ أمة الإسلام أكثر الأمم محافَظةً على العفة والطهارة؛ مما نقمه الأعداء عليهم؛ قال تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا

(1/9)


أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)} (المائدة: 59)؛ فأكثر اليهود والنصارى خارجون عن شرائعهم التي يزعمون انتسابهم إليها، وهم الذين ينشرون الانحلال في العالم، ويحسدون أهل الإسلام على ما آتاهم الله من فضله من العفة والنقاء والمحافظة على الأعراض والأنساب.
ودفَعهم هذا الحسد إلى محاولة إغواء الأمة الإسلامية وجرِّها نحو باطلهم وسفولهم وانحطاطهم؛ فما أن احتلت جيوشهم أكثر بلاد المسلمين حتى شرعوا في زعزعة وضع المرأة في المجتمع، ووضعوا الخطط لتغيير حدود علاقة الرجل بالمرأة كما بيَّنها شرع الله - عز وجل - ليستبدل الناسُ الذي هو أدنى بالذي هو خير.
وكانت أولى الخطوات في هذه الخطط الشيطانية والمكائد الإبليسية هي التبرج ووضع الثياب وكشف العورات ونشر الاختلاط المنكر المؤدّي إلى وقوع الفواحش مُتَّبعين خطة إبليس القديمة الجديدة التي بيَّنها الله - عز وجل - لنا وحذرنا من شرها فقال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)} (الأعراف: 27).
ولقد كان الاختلاط المحرم ـ ولا يزال ـ من أخطر وسائل الحرب الحضارية والغزو الفكري الذي يمارسه الغرب ضد أهل الإسلام؛ فمحاربة هذا الاختلاط واجب دفاعي على أهل الإسلام للحفاظ على حصونهم الحقيقية؛ فإن القوة العسكرية سرعان ما تتبدل إذا بقي منهج المجتمع وشريعته حيًّا في قلوب أبنائه ولم يصبح أفراد الأمة أبناءَ الأعداء، منّا يتكلمون بلساننا وهم من جِلْدَتنا وقلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.
ولقد سطر أخونا شحاتة صقر ـ حفظه الله ـ هذا البحث في مضارّ الاختلاط المحرم، وحيثما ذُكِر الاختلاط في البحث فهو المعهود المعروف في مثل مجتمعنا المصري في جامعاته

(1/10)


ومدارسه وأعماله ووظائفه الذي يتضمن أنواع المنكرات من النظر المحرم والكلام المحرم والسماع المحرم واللمس المحرم فضلًا عما سوى ذلك من الفواحش، وضمَّنَه جملة من الأدلة وفتاوى العلماء للتحذير من هذا المرض الخبيث.
وإن كان لابد لنا أن ننبه أن بعض هذه الفتاوى ـ مثل الفتاوى الآمرة بهجران المعاهد والجامعات والمدارس المختلطة وكذا الأعمال التي فيه اختلاط ـ قد سِيقت من قِبَل العلماء الأفاضل في بعض الظروف لمحاولة سد ذريعة الفساد المنتشر ومنعه، وقد تكون في بعض البلدان وبعض الظروف لم تذكر المفاسد التي قد تترتب على غياب العنصر الإسلامي الملتزم عن هذه المعاهد والمدارس والجامعات والوظائف، وهو في الحقيقة غاية أمنية الأعداء من الكفار والمنافقين الذين يسعون إلى «حوصلة» الصحوة الإسلامية ومحاولة تحجيمها ومنع تاثيرها في المجتمع؛ فلابد أن تراعَى ظروف مجتمعات أخرى وأحوال أخرى وتراعَى فيها قدر المصالح والمفاسد في تطبيق هذه الفتاوى، والأصل اتباع الدليل والاستدلال به، وكلام أهل العلم يُستدل له، ولا يُستدل به.
وقد تبقى بعض الأمور التي رجَّحها أخونا الفاضل/شحاتة صقر من أمور الاجتهاد السائغ التي يسعنا فيها الخلاف، كما وسع سلفنا الصالح ـ قد نرى ما يخالفها ـ لأن لكلٍّ وجهة نظره المعتبرة، وتبقى جملة البحث تسير في نهج واحد وسياق واحد نحو العفة والطهارة والنقاء على سبيل التزكية التي أمر الله - عز وجل - بها: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور: 30).
أسألُ الله تعالى أن ينفع به كاتبه وقارئه وناشره وان يجعلنا جميعًا من عباده الصالحين وأن يُلحقنا بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
كتبه
ياسر برهامي

(1/11)


تقديم فضيلة
الشيخ هشام عقدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وبعد:
فقد تعودنا من العلمانيين ومن يداهنونهم إثارة الحملات على ثوابت الدين وشريعة المسلمين طمعًا في تحلّل المسلمين مِن دينهم وفي القضاء على مظاهر الإسلام , ولكل حملة موسمها , ولقد شهدت الأيام السابقة حملة لمحاربة ستر المسلمة لوجهها , وحملة للدعوة إلى مشروعية اختلاط النساء بالرجال على النحو المعهود في الجامعات وأماكن العمل وغير ذلك ...
ولكن الله تعالى يُقَيِّضُ للأمة مَن يَرُدُّ كيد الكائدين في نحورهم ويكشف زيف المنحرفين وكذب دعاواهم التي يستدلون عليها ـ زورًا وبهتانا ـ بأدلة الشريعة.
فمنذ عدة أسابيع وقع بين يدَيَّ كُتيِّب لطيف بعنوان: (فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول النقاب) ـ من إصدارات دار اليسر ـ يقرّرون فيه مشروعية النقاب بل ووجوبه , فحمدت الله على ذلك ...
ثم ـ من أيام ـ قدَّم إليَّ أخي الكريم فضيلة الشيخ/شحاتة صقر كتابًا له بعنوان: (الاختلاط بين الرجال والنساء أحكام وفتاوى ـ ثمار مرة وقصص مخزية كشف 90

(1/12)


شبهة لدعاة الاختلاط) طالبًا مني قراءته والتقديم له.
وقد استبشرت بذلك قبل قراءته , ثم قد ازداد سروري وفرحي بعدما قرأته , حيث وجدتُّه قد عبَّر أصدق تعبير عما يدور في نفوس أهل العلم والدين وجميع الغيورين على دينهم وعلى أعراضهم , وقد روى غليل القارئ باستقصائه لشبهات أهل الباطل ودحضها بقوة؛ {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء: 18).
فللهِ دَرُّ كاتبه , وإنه لشرفٌ لي أي شرف أن أقدم له , وأدعو المسلمين جميعًا ألا يخلو بيت من بيوتهم من هذا الكتاب؛ فاستيعابه والعمل بما فيه هو العلاج بل والوقاية مما نراه في هذه الأيام من الانفلات من قيود الدين والأخلاق ومن الحوادث المخزية التي طالتْ بيوت كثير من المسلمين حتى بعض من يفترض فيهم القدوة لغيرهم من أفراد المجتمع.
فأسال الله العلي القدير أن يُجْزِلَ الأجر والثواب لمؤلف هذا الكتاب , ويجعله ذُخْرًا له في حياته وبعد مماته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبو عاصم
هشام عبد القادر عُقدة
دمنهور
مساء الأحد 19 ربيع الآخر1431 هـ
4 إبريل2010م

(1/13)


تقديم
فضيلة الشيخ الدكتور
محمد يسري إبراهيم
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وتعالى على عظيم إنعامه، وتمام إحسانه، وأسأله - جل وعلا - المزيد من فضله وامتنانه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأنصاره.
ثم أما بعد:
فليس بنا أن نقول في هذه العجالة: إن الاختلاط منه مباح ومنه محرم؛ ذلك أن المباح منه موضع اتفاق، والمحرم منه هو ما يتنزل عليه كلام العلماء، وإنكار الفضلاء.
وليس نا أن نخاطب في هذه الأسطر من كفر بمرجعية الشريعة فاستدبرها، ومن لا يرى للشرع المطهر حاكمية فاتخذه ظهرياً، فلو أن هذا وأشباهه جيء اليه بملء الأرض حججاً لقالوا: {مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} [هود: 53].
وبحسبنا أن نقول: إن الاختلاط المحرم مرفوض فطرياً، فاشل تربوياً، منبوذ تاريخياً، ساقط حضارياً، ومحرم ومجرم شرعياً.
أما أنه مرفوض فطرياً فلأن الله تعالى ركَّب في المرأة أخلاقاً، ومنحها خلقة، وهيأها لعمل لا يصلح للرجال، كما لا يصلح عمل الرجال لها.
ولما نذرت أم مريم ما في بطنها لعمارة بيت الله اعتذرت حين وضعتها أنثى؛ لأن هذا عمل الرجال، فأبطل الله نذرها ( 1).
_________
( 1) ابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 637)، وابن جرير في تفسيره (6/ 334).

(1/14)


وبالمرأة فطرة - ما دامت نقية فإنها - تأنف هذه الخلطة المذمومة، وتأبى هذا الامتزاج الممنوع، ولأجل هذا امتنعت المرأتين - من قديم - عن السقيا حتى يصدر الرعاء، قال تعالى:
{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23].
وأما أنه فاشل تربويا فلأن دعاته في التعليم والتربية قد جنوا ثمرات نكدة تمثلت بفوضى جنسية امتدت من الجامعات، ولعل الإحصائيات المرعبة تترجم عن حال الأسرة في الغرب وما آلت اليه من تفكك، وتنعي الفضيلة التي تحولت في تلك الأمم الى شذوذ أو استثناء.
وأما أنه منبوذ تاريخيا ساقط حضاريا فلأن المطالع لوضع المرأة عند البابليين أو الكلدانيين يرى أنها كانت في حجاب وابتعاد عن الاختلاط، وذلك قبل الميلاد بألفي عام، كما عرف الهنود خلال القرنين الثالث والرابع قبل الميلاد حظر الاختلاط فلا يتصل الرجال بالنساء إلا وفق ضوابط، ومن خلال قنوات محددة.
وكان الفرس القدماء يفرضون الحجاب على النساء، ولا يسمح لهن بالاختلاط بالرجال.
وكان من عادة نساء اليونان حجب وجوههن بطرف مآزرهن، أو بحجاب مصنوع من حرير، وكن في بعض المدن اليونانية - كأثينا - يحتجبن بغطاء يوضع على الوجه له ثقبان أمام العينين؛ لتنظر منهما المرأة.
وكذا كان الحال عند الرومان، فلما عرف اليونان والرومان حياة الشهوات، وغلب عليهم الترف والفساد فشا الاختلاط فتبرجت النساء وانتشرت الفحشاء، وآل الأمر إلى سقوط حضارتهم إلى غير رجعة ( 1).
_________
( 1) الأسرة تحت رعاية الإسلام، للشيخ عطية صقر، ط1، 1400 هـ، مؤسسة الصحاح الكويت، (ص 27 - 34).

(1/15)


وأما أن الاختلاط مجرم ومحرم شرعيا، فلنصوص كثيرة من القرآن العظيم، والسنة الصحيحة، والإجماع المنعقد المقبول، فضلا عن دلالة المعقول.
وتفصيل هذه الأدلة والرد على شبهات المخالفين، وتمحلات المتأولين ومماحكات المترخصين محلها هذا الكتاب، الذي أحسن الظن بكاتبه، الذي لم أر جثمانه، وإنما نظرت فيما خط بنانه، فألفيته قد جمع من الأدلة فأوعى، ورد على المخالف فما أبقى.
وقد نقل صاحب الكتاب فتاوى كثيرة، وعرض لمسائل عديدة، وكم تمنيت أن أجد وقتا لأقرأ فاستفيد جديدا، أو أهدي إليه مفيدا، إلا أن شيئا من ذلك لم يكن، فاكتفيت بنظرة عجلى، مرجئا ما عساه قد يبدو لي إلى قراءة أخرى، والله تعالى المسئول أن ينفع بالكتاب وكاتبه، وألا يحرم من قرأه أو نشره أجرا وخيرا، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين
وكتبه
محمد يسري إبراهيم
القاهرة ليلة العاشر من شعبان عام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثين من الهجرة

(1/16)


أقوال
ليست عابرة!!
* «أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَوْ تَغَارُونَ؟ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ يَخْرُجْنَ فِي الْأَسْوَاقِ يُزَاحِمْنَ الْعُلُوجَ».
علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ( 1).
* «وقد كان من سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء ... ؛ لأن اختلاط أحد الصنفين بالآخر سبب الفتنة؛ فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب» ( 2). ... شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
* «لَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ: أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ. وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ , وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. فَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامّ: كَثْرَةُ الزِّنَا , بِسَبَبِ تَمْكِينِ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ، وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ , وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الْأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ ـ قَبْلَ الدِّينِ ـ لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعًا لِذَلِكَ» ( 3).
الإمام ابن القيم - رحمه الله -
_________
( 1) المسند برقم: (1118)، وهو من زيادات عبد الله بن الإمام أحمد، وقال الشيخ أحمد بن محمد شاكر: «إسناداه صحيحان»، وضعّفه الشيخ شعيب الأرنؤوط، والعلوج: جمع علج، وهو الرجل الكافر من العجم.
( 2) باختصار من (الاستقامة 1/ 360).
( 3) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية (280 ـ 281).

(1/17)


إنَّ الرجالَ الناظرينَ إلى النِّسَا ... مِثْلُ السباعِ تطوفُ باللحمان
إنْ لم تَصُنْ تلكَ اللحومَ أسُودُها ... أُكِلَتْ بِلا عِوَضٍ ولا أثمانِ ( 1)

الإمام أبو محمد الأندلسي القحطاني ( 2)
* « ... وتحريم الدين لاختلاط الجنسين على النحو الذي يقع في الجامعة معروف لدى عامة المسلمين، كما عرفه الخاصة من علمائهم، وأدلة المنع واردة في الكتاب والسنّة وسيرة السلف الذين عرفوا لُبَابَ الدين، وكانوا على بصيرة من حكمته السامية ... والأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن اختلاط المرأة بغير محرم لها تدل بكثرتها على أن مقتَ الشريعة الغرَّاء لهذا الاختلاط شديد» ( 3).
الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر الأسبق - رحمه الله -.
* «وقد ذكر العلامة ابن القيم فى كتابه (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية) فصلًا بَيَّنَ فيه أنه يجب على ولىِّ الأمر أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الأسواق ومجامع الرجال، وذكر فيه أن تمكين النساء من اخت

المصدر: صيد الفوائد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

923,721

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.