أُختاه : حياؤكِ .... حياتُكِ

لا أظنه جُزافا أن يكون الاتفاق بين كلمة (الحياء) و(الحياة) في جميع الحروف إلا الحرف الأخير، وكذلك أن يكون الحرف الأخير تاء التأنيث ؛ فلا أظنه إلا دليلا على عمق العلاقة بين الحياء وحياة الأنثى ، قد يكون تنطعا وتحميل الكلمات ما لا تحتمل ، لكننا متفقون قبل ذلك على أن العلاقة بين الحياء والمرأة علاقة انتماء ووجود .

الحياء بالنسبة للمرأة أبهى زينتها ، وأنصع ألوانها ، وأجمل مواصفاتها ، وأنقى معانيها ، فهي بالحياء تعيش معززة مكرمة مصانة الجانب مرفوعة الرأس محفوظة المكانة تحتمي بحيائها من ألسِنة السفهاء وأعين السّوَقة وقلوب الذئاب إذ صيدهم السمين عند من قل حياؤها في الغالب .

تعيش المرأة بحيائها فتحفظ نفسها وعرضها وكلما حصل نقص في حياء المرأة كلما كان ذلك النقص سببا في تعرضها لما يجرحها ويعرضها للإهانة وإن لم تشعر أو لم تعترف.

والواقع يمتلئ أمثلة ممن تعرضن للمضايقات بسبب شعور الطرف المؤذِي بفقدان المرأة لجزء من حيائها فهو يرى فيمن تضع عباءة الكتف مثلا أنها أسهل في التعامل وألين ممن تضع عباءة الرأس ويمكن أن يجد طريقا إليها ، كما أنه يعتبر كاشفة الوجه فريسة جاهزة ، وأما التي تختلط وتتحدث مع الرجال فهو يرى لنفسه نصيبا فيها ومن حقه أن يؤذيها لأنها عرّضت نفسها لذلك (حقيقة مؤلمة لكنها حاصلة ).

والحياء خلق رفيع ، سامي ، شفاف ، عظيم ؛ يدل على نفس عظيمة ، وعقل راجح ، وفضيلة متأصلة ، ولذا فتنازل المرأة عنه والتخلي عن التخلق به نوع من إهانة النفس ودليل على دناءتها.

والسقوط في جريمة التنازل عن الحياء يبدأ تدريجيا بما لا تشعر به المرأة ولكنها إذا فتحت بابه يصعب عليها إغلاقه إلا أن يحفظها خير حافظ وهو أرحم الراحمين سبحانه ويوفقها ويعينها ثم تكون صاحبة قرار ونفس أبية .

تدخل بعضهن ميدان التنازل  مبررة بحجج تظنها مقنعة وهي واهية ومن ذلك : الحاجة أو التعرف أو شغل الوقت أو ركوب موجة مع البيئة المحيطة أو التدليل على التحضر أو إثبات الثقة بالنفس وكثير منها حقيقتها الهوى ، وتبدأ بخطوة على حذر وحيطة وما هي إلا خطوات وربما كلمات وإذا بها تستهين بالأمر وتستلذ بالحال وتتوسع في التنازل حتى ما يبقى من حيائها ما يعينها على العودة ، وذلك لأن بحر التنازل لا ساحل له ، وخطوة تجر أختها ولا مغيث إلا أن يشاء الله ، لذا يصبح اللوم على الحياء واللمز بالانطواء وسام شرف في زمن انقلبت فيه المفاهيم وانعكست التصورات .  

تقبل بالتنازل مثلا عن شكل جلبابها وحجمه ثم عن جزء منه ثم عن إضافة الألوان والتطريزات إليه وهكذا ، في جانب آخر مثلا تقبل بالحديث مع الأجانب دون حاجة ، وتستطرد بلا مبرر ، وتبحث عن دواعي ولو واهية للحديث معهم ، وفي كل ذلك يحصل نوع خضوع وليونة تزيد بزيادة فرصة الحديث

كل هذا وغيره دليل فقدان أو نقصان مادة الحياء والتي هي مادة الحياة .

مَثَلُ الفتاة ضعيفة أو معدومة الحياء كمثل شجرة ضخمة يبست عروقها وجذورها فلا تمدها بغذاء ولا ماء والناس يرونها واقفة أماهم ، لكنها بلا روح ، بلا حياة ، ويبقيها واقفة ربما ضخامة جسمها أو ما يربطها بالأرض من جذع منتظرة موعد سقوطها المفاجئ وربما المريع أما موتها فقد حصل .

إن النظرة القاسية للمرأة التي بدون حياء من المجتمع سببها الرئيس هو تلك المرأة التي لم تحترم خصوصياتها وأهانت نفسها ،،،، فمن لم يكرم نفسه لم يكرمِ .

حياءُ المرأة مهما كان سِنها وأين كان موقعها يزيد من قيمتها ويرفع قدرها وتستطيع بحيائها أن تصل إلى قلوب تعجز عنها كثير ممن ضحينّ  بحيائهن سعيا للوصول إلى تلك القلوب  

أختاه أيتها الجوهرة :حياؤك لا يمنعك من العلم النافع ولا من القيام بمصالحك بل على العكس يزيدك وقارا واحتراما وبهما تحصلين على تسهيلات عجيبة في حياتك لأنه " ومن يتق الله يجعل له مخرجا " ، وما هي إلا تلبيسات لا تنطوي على العاقلات تلك التي تدعو المرأة إلى التنازل عن حيائها لتعش حياة السعداء وحقيقتها حياة التعساء .

أخيرا :
 كل من حولك ينظرون فيك إلى حيائك ، وتكبرين في أعينهم كلما رأوا الحياء فيك كبيرا ، وكل دعوى مهما كان بريقها ووهجها تدعوك إلى ما لا يتوافق مع الحياء فهي خُدعة خُدعة خُدعة ونهايتها مؤسفة .

حفظكِ الله ووقاكِ والمسلمين شرَّ كلّ ذي شر.

المصدر: صيد الفوائد ــــ نبيل بن عبد المجيد النّشَمي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 121 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

914,350

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.