جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
المخدرات الخطر الداهم
ظاهرة تعاطي المخدرات واحدة من أهم مهددات السلامة العقلية والنفسية والجسدية للمتعاطين بمختلف الاعمار، وتتكاثر آفة المخدرات, في عصرنا الحاضر, وتنتشر في المجتمع بسرعة هائلة وبطرق ووسائل متنوعة, أما اللافت في الأمر فهو ما استجدّ حديثاً من ظهور أساليب جديدة ومريبة, خاصة في الفترة الأخيرة, لنشر التعاطي بالمخدرات في المحافل العامة وفي مجموعات معينة «شديدة الحساسية والخطورة» كطلاب المدارس والمعاهد والجامعات. كما انتقلت هذه الحملات «الإجرامية» لتصيب بشرّها الجامح ربّات البيوت وتحاول النيل من الأطفال والمراهقين والمراهقات، عبر وسائل صناعية وتسويقية جديدة، كالترويج لتعاطي المخدرات تحت مسميات مختلفة وخادعة، مثل الحبوب «المنومة» أو «المهدئة» أو «المنشّطة»، وبأشكال وأحجام مشابهة لأشكال وأحجام أقراص الأدوية أو السكاكر, وعبر طرق ملتوية كالاستدراج والإغراء والابتزاز وبشتى أصناف الدجل والاحتيال.
وتجمع كافة الدراسات على أن الحشيش له جوانب سلبية كثيرة وأثار مباشرة على صحة الانسان الجسدية والعقلية والنفسية تؤي إلى تخريب هذه المدارك بشكل فعال ومباشر, فالحشيش يحتوي على مادة فعالة وهي «تتيراهيد روكانيبول (THC)» تتراكم على المخ والغدد التناسلية وهذا يسبب إلى الخرف المبكر والعجز الجنسي كما تؤدي إلى خمور المخ والمخيخ والنوبات القلبية، وضعف الذاكرة واضطراب في التفكير وبالتالي انخفاض في معدل الذكاء، والإصابة بأمراض خطيرة كالسرطان، وتنعكس أثارها أيضا على المجتمع مثل انتشار الجرائم وتفشي العادات السلبية كالزنا وغيرها، وانتشار الخلافات وسيادة التوتر والشقاق بين الأفراد، ويمثل تعاطي المخدرات عبئا كبيرا على الدولة، فهناك خسارة مادية تتمثل فيما يتم من مكافحة الظاهرة، وفي عمليات الإنفاق على المتعاطين أنفسهم، كما انها وسيلة غير شرعية للربح بالنسبة للتجار الذين يتجرون بها، وهذا يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد الدولة.
فهي سلاح قاتل لا يقل فتكاً وتدميراً عن أي سلاح حديث عرفته الحروب المعاصرة, ويزيد من خطورة هذه السموم أنها تمثل سلاحاً غير مشهر فهي بذلك تظل خفية في الظلام تستهدف شباب في عمر الورد أصبحوا أسرى لهذه السم القاتل، منهم من تدارك نفسه قبل فوات الأوان، ومنهم من مازال غارقا في براثن الأقراص المهلوسة «القرقوبي» والمعجون والحشيش والكوكايين والشبو والهيروين وغيرها.. وجميعها تستلب العقل وتفقد الإرادة، وتبقي المخدرات كظاهرة بهذا الحجم المقلق، لتفرض على جميع الأطراف والباحثين بمختلف مشاربهم وتخصصاتهم الاجتماعية والنفسية والطبية والاقتصادية محاربتها على كافة المستويات.
وترجع أسباب تعاطي الإنسان لهذه المخدرات أساسا إلى مرافقة أصدقاء السوء وعدم الاستقرار في العلاقات الأسرية ومشكل البطالة، ثم عدم الوعي وضعف الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية لدى المواطنين ويظهر ذلك من خلال ترددهم في التعامل والتعاون مع الجهات المعنية لمكافحة المخدرات.
ومجتمعنا وعلى الرغم من صغره، يضم عددا من متعاطي المخدرات، وجميعهم يبدؤون السير في هذا الطريق بنفس الخطوات التي لا تتغير، إذ يبدؤون بتدخين السجائر ثم شرب الكحوليات فالحبوب المخدرة وينتهي بهم المطاف مع ابر الهروين، والمشكلة ان مريض الإدمان لا يعلم انه يعاني من مشكلة، بل لا يقتنع بأنه مدمن مسلوب الإرادة أمام المخدر، ولكنه مقتنع بأنه يمتلك إرادته ويستطيع بها التوقف عن التعاطي وقتما يشاء وانه يستمر في هذا الطريق بإرادته الكاملة، والسمة التي تميز هذه الفئة هي توجيه كامل ذكائهم للحصول على المخدرات، فهي شغلهم الشاغل ولا يوجد ما يجذب ولو جزءا يسيرا من اهتمامهم سوى كيفية الحصول على الجرعة التالية.
ورغم ان مريض الادمان أصبح في الوقت الحالي يجد الرعاية الكاملة في المصحات الخاصة الموجودة بمملكة البحرين بداية من مساعدته بالعقاقير الطبية البديلة كي يتخلص من آثار المخدر خلال فترة الامتناع عن التعاطي وانسحاب المخدر من جسده، ثم علاجه نفسيا للتعافي من الإدمان، الا ان المرض بدأ يزداد ومن هنا فإن مشكلة المخدرات ليست مشكلة تخص الفرد المتعاطي لها، بل تخصنا جميعا لأننا ننتمي إلى المجتمع، فهي قضية خطيرة على المجتمع الإنساني ككل تتطلب جهودا ومبادرات من كافة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها للتصدي لها، وذلك بوضع مخططات وبرامج شاملة ومتكاملة للقضاء على هذه المشكلة وإنهاءها من الوجود.
في هذا الملف فتحنا باب المشكلة على مصراعيه وحاولنا ان نشرك الجميع لعل وعسى ان نتكاتف جميعا لمحاربة هذه الافة التي اصبحت تهدد مجتمعنا.
المصدر: موقع الايام